عرض مشاركة واحدة
قديم 21-08-2005, 08:39 AM   #2
المخرج
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2004
المشاركات: 3,587

 
افتراضي

زيادة دخل المواطن... أهم أهداف الإستراتيجية الاقتصادية

عبدالله صادق دحلان
بداية موفقة وقرارات حكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وولي عهده الأمير سلطان حفظهم الله، كان من أبرزها التأكيد على روح العمل المشترك بين القيادة والشعب المتمثلة في سياسة النصح والتناصح والرأي والمشورة والتسامح، وهذه ما تضمنته تصريحات الملك عبدالله الأخيرة وكان من أبرز نتائجها قرارات الإعفاء الأخيرة وهي بداية للتسامح وتضامن للعمل المشترك لتحقيق الأهداف التي نسعى لها جميعاً لضمان استمرار ونمو وتقدم بلادنا وعلى وجه الخصوص تلك الأهداف المتعلقة برفاهية شعبنا وتقدمه وذلك باستغلال الظرف الاقتصادي المميز الذي نعيشه نتيجة ارتفاع أسعار النفط الذي يعطينا الأمل في تحقيق توقعاتنا لوضع الاقتصاد السعودي في العشرين عاماً القادمة ليكون اقتصادا قوياً متماسكاً نامياً بمعدلات كبيرة قائماً على قواعد مستديمة معالجاً قضايا ومشاكل رئيسية يواجهها اقتصادنا اليوم مثل (البطالة) وذلك عن طريق توفير فرص العمل المجزية لجميع المواطنين القادرين على العمل، المؤهلين أحسن تأهيل علمي وفني عند توفر أفضل نظم تعليم وتدريب عالي الجودة والكفاءة، ومعالجة قضية الفقر عن طريق خلق فرص دخل تعتمد على التشغيل المعتمد على القدرة على العمل أو التأهيل للعمل بالإضافة إلى الضمان الاجتماعي وغيره.
إن من أهم القضايا والتحديات الإستراتيجية أمام القيادة في المرحلة القادمة رفع المستوى المعيشي للمواطن السعودي وتحسين نوعية الحياة وهي القضية الأساسية في وجهة نظري.. بل هي المطلب الأساسي للشعب السعودي في الوقت الحاضر كما كانت هي مطالبنا قبل عشرين عاماً أو أكثر حيث تجاوبت القيادة لتحقيقها آنذاك وشارك في ذلك القرار التاريخي كل من الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله والملك عبدالله بن عبد العزيز والأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد في بداية عهد الملك خالد رحمه الله حيث عاش شعب المملكة فرحة كبيرة جداً عندما قررت القيادة زيادة رواتب الموظفين وبصرف النظر عن حجم الزيادة، إلا أنها كانت ذات وقع كبير جداً على نفوس أبناء الوطن من الموظفين ومن يعيلونهم شعروا خلالها بمدى حرص قيادتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية وفي الحقيقة لا يوجد عامل مؤثر إيجابي ومباشر في اقتصاد الأسرة مثل عامل زيادة المرتبات وهو في أثره أقوى من عامل تخفيض أسعار الخدمات الأخرى المقدمة له لأن قرار زيادة الدخل تضع قرار إنفاقه في يده وحسب احتياجه وفي أوجه الصرف المناسبة له، أما قرار تخفيض أسعار الخدمات فقد لا يستفيد منه الفقراء لأنها لا تمثل عبئاً عليهم لقلة استخدامها. أما الميسورون فهم أكبر المستفيدين من تخفيضات الخدمات.. وعلى كل حال فهي حالة نسبة وتناسب. وقد يعترض على اقتراحي هذا بعض الاقتصاديين الملتزمين بالنظريات العلمية بعيداً عن الواقع العملي الذي نعيشه ويشاركهم في هذا الاعتراض العديد من المسؤولين الحكوميين في وزارة المالية وفي وزارة الاقتصاد متحجين بمخاطر التضخم والتخوف من نظرية أن الزيادة في الدخل سوف يستفيد منها السوق أولاً وأخيراً أي التجار وأصحاب الأعمال ولن يستفيد منها موظفو الدولة وهي نظريات قديمة ومبررات غير واقعية ويصعب تعميمها.
لقد قدمت الدولة ممثلة في قيادتها أكبر الدعم والمساندة لشعبها ولا يمكن أن نقدر هذا العطاء بأي ثمن لأنه عطاء كبير يصعب تقييمه على مدار عمر المملكة، وقدم شعب هذه الدولة أكبر الأمثلة في الولاء والطاعة لقيادته وفي كل الظروف وهذه ضمن واجباته تجاه قيادته، وأحمد الله على هذه التلاحم وهذا التضامن وهذه الروح العالية في المحبة بين القيادة والشعب.. وأجدها مناسبة لأن أطرح اليوم بعض تمنيات وآمال وأحلام غالبية صغار موظفي وموظفات الدولة المتطلعين إلى تحسين أوضاعهم المعيشية عن طريق زيادة دخلهم الأساسي ولو بنسب بسيطة تساعدهم في مواجهة متطلبات المعيشة والتي أخذت ترتفع منذ سنوات طويلة مع ثبات دخل الفرد نظراً لتجميد زيادة رواتب الموظفين وتثبيت الغالبية من الموظفين على نفس الدرجة والمرتبة، حيث مضت على آخر زيادة تحصل عليها موظفو الدولة حوالي عشرين عاما ارتفعت فيها تكلفة السلع الأساسية في الأسواق بنسب متزايدة يقال إنها وصلت حوالي 25% وقد تكون زيادة مبررة لأن العديد منها مرتبط بأسعار دولية ترتبط تكلفة صناعاتها بأسعار البترول... وكما كتبت سابقاً وأكدت أن ارتفاع أسعار البترول نعمة على الحكومات المصدرة ونقمة أحيانا على المستهلكين في جميع أنحاء العالم بما فيها المستهلكون في الدول المصدرة للبترول، وبهذه المعادلة فإن أية زيادة في دخل ميزانيات الحكومات المصدرة للبترول يقابلها زيادة نسبية في تكلفة السلع المستوردة من الخارج وبالتالي تشكل عبئاً إضافياً على المستهلكين، وعلى قائمتهم موظفو الدولة الذين لم تطرأ أية زيادة على رواتبهم لتقابل هذا الارتفاع في معظم السلع الكمالية والاستهلاكية.
وهذا قد يدفع بعضهم إلى البحث عن بدائل أخرى لزيادة دخلهم تكون أحيانا على حساب إنتاجيتهم في العمل الأساسي لهم وفي بعض الأحيان يلجأ بعض ضعاف النفوس ذوو الإيمان الضعيف إلى تطوير دخلهم عن طريق الفساد الإداري والمالي وهو أمر أصبح ظاهرة تحتاج إلى سرعة معالجتها، وإن كان يصعب إثباتها أحيانا إلا أنني أخشى أن تتحول إلى عادة أو إتاوة متعارف عليها.
إن وضع موظفي الدولة في الوظائف الصغيرة في أمس الحاجة إلى إعادة نظر من الملك عبدالله وولي العهد الأمير سلطان.. وأتمنى أن يكون هذا الأمل على قائمة الأولويات في القرارات القادمة والموجهة لشعب المملكة، ولاسيما أن هذا القرار هو ضمن الأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد الوطني والتي أعلنت عنها حكومة المملكة العربية السعودية من خلال وزارة التخطيط والاقتصاد الوطني والتي تخطط فيها إلى مضاعفة دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من (43.3) ألف ريال إلى (98.5) ألف ريال حيث يتوقع أن يبلغ عدد سكان المملكة بنهاية عام الإستراتيجية طويلة المدى نحو (29.86) مليون نسمة عام (2024م) ويتوقع أن يبلغ النمو السنوي المتوسط للناتج المحلى الإجمالي (6.6%). ويتوقع نمو القطاع الخاص بمعدل سنوي متوسط يبلغ (8.1%) مقابل (4.1%) للقطاع الحكومي ليمثل نحو (69.3%) من الناتج المحلي الإجمالي عام (2024م) ويتوقع زيادة نسبة إجمالي الادخار إلى الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة نحو (39.8%) في بداية الإستراتيجية إلى نحو (45.6%) في نهايتها. ويتوقع أن يرتفع معدل مشاركة القوى العاملة السعودية من (36.9%) في بداية الإستراتيجية إلى نحو (56.3%) في نهايتها .
هذه بعض أهداف الإستراتيجية بعيدة المدى للاقتصاد الوطني والتي من ضمن أهدافها مضاعفة دخل الفرد السعودي وحيث إنها ضمن الأهداف فقد وضعت الخطط لتحقيقها من قبل وزارة التخطيط والاقتصاد.. ولهذا فإنني أتمنى على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في بداية عهده أن يصدر قراراً بزيادة رواتب موظفي الدولة إعلاناً ببداية تطبيق الإستراتيجية طويلة المدى للاقتصاد السعودي والتي بدأ تطبيقها فعلاً وتنتهي في نهاية عام (2024م)، وهو قرار سياسي اجتماعي اقتصادي ولن يكون قراراً ارتجالياً بل هو قرار مدروس اقتصادياً تضمنته خطط التنمية في المملكة للسنوات القادمة وهو قرار يتناسب مع الظرف الاقتصادي الذي نمر به والذي يمثل طفرة كبيرة في إيرادات البترول، متمنياً على صاحب القرار أن يشمل قراره إذا عزم الأمر عليه شريحة المتقاعدين القدماء.. حيث يصنف بعضهم اليوم ضمن طبقة الفقراء.
أخي القارئ أرجو ألا يفهم من مقالتي اليوم أنني أتكلم عن موضوع يتعلق بشخصي، فأنا أكتب بتجرد كامل حيث إنني لست موظفاً حكومياً أو متقاعداً قديماً.. وإنما أشعر بأن قضية موظفي الدولة الصغار هي قضيتي أجزم بأن ولي الأمر أحرص مني وأعلم مني ولكنني كتبت للتذكير فقط.

* كاتب اقتصادي سعودي

المخرج غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس