عرض مشاركة واحدة
قديم 23-12-2011, 09:09 PM   #144
* ابو جاسر *
محلل فني
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 5,009

 
افتراضي

محللون لـ "الاقتصادية" :

المؤشرات المالية خطوة ضرورية قبل إصدار السندات الحكومية

يرى محللون أن معدل التضخم والفروقات بين أسعار الفائدة على السندات الحكومية المحلية أهم المؤشرات الاقتصادية التي تحدد الجدوى والفائدة من إصدار السندات لتمويل المشاريع. «الاقتصادية»
أمل الحمدي من جدة
في الوقت الذي تعتزم فيه وزارة المالية السعودية إصدار سندات حكومية وصكوك إسلامية لتمويل بعض المشاريع العملاقة في المملكة، أكد محللون اقتصاديون أن معدل التضخم والفروقات بين أسعار الفائدة على السندات الحكومية المحلية من ناحية والسندات الأمريكية من ناحية أخرى من أهم الآليات والمؤشرات الاقتصادية الرئيسة التي تحدد الجدوى والفائدة من إصدار السندات والصكوك الإسلامية لتمويل المشاريع العملاقة، خاصة أن المملكة تمتلك أكثر من 400 مليار دولار من الفائض النقدي في الخارج، معظمها مستثمرة في سندات الخزينة ألأمريكية.

وقال لـ''الاقتصادية'' الدكتور محمد شمس، رئيس مركز استشارات الجدوى الاقتصادية: إن معدل التضخم والفروقات بين أسعار الفائدة على السندات الحكومية المحلية من ناحية والسندات الخارجية من ناحية أخرى هي من أهم الآليات الاقتصادية الرئيسة التي تحدد الجدوى والفائدة من إصدار السندات والصكوك الإسلامية، مؤكدا أن ارتفاع سعر فائدة السندات المحلية عن السندات الخارجية مؤشر غير إيجابي لإصدار السندات المحلية.

وأكد الدكتور شمس، ضرورة مقارنة سعر الفائدة على السندات الخارجية وسعر الفائدة على السندات المحلية التي تعتزم وزارة المالية إصدارها، فإذا افترض أن سعر الفائدة 5 في المائة على الاحتياطات الخارجية يقابلها 4 في المائة على سعر فائدة السندات الحكومية الصادرة من الخزينة؛ فبذلك يكون من الأجدى عدم استخدام السندات الخارجية وإصدار سندات حكومية؛ لأن هناك 1 في المائة لصالح الاقتصاد السعودي، خاصة أن المملكة تدعم وجود الاحتياطى النقدي الكبير من العملات الصعبة ليستفاد منه خلال الأزمات الاقتصادية العالمية، كما حدث خلال عامي 2008 و2009.

ولفت الدكتور شمس إلى ضرورة الأخذ في الحسبان الفرق بين معدلي التضخم في المملكة وفي أمريكا باعتبار أن أغلب الاحتياطيات السعودية مستثمرة في السندات الأمريكية، فإذا كان معدل التضخم في أمريكا أعلى من نظيره في المملكة فإصدار سندات حكومة يعتبر أفضل اقتصاديا والعكس صحيح بطبيعة الحال، حيث يلعب التضخم دورا مهما في اتخاذ قرارات التمويل، وارتفاع معدل التضخم يقلل من القوة الشرائية للقروض.

وحول أثر إصدار السندات الحكومية في الاقتصاد السعودي، أوضح شمس أن إصدار سندات حكومة محلية لتمويل المشاريع العملاقة سيعمل على سحب السيولة المحلية التي كانت موجهة للمشاريع الاستثمارية في القطاع الخاص، وبذلك تعتبر خسارة، خاصة أن القطاع الخاص أكثر إنتاجية من القطاع الحكومي التي يأتي مردودها على المدى الطويل؛ مما يعمل وبشكل غير مباشر على تباطؤ النمو الاقتصادي في المملكة.

وأشار رئيس مركز الاستشارات الاقتصادية إلى أن اتخاذ قرارات اقتصادية مهمة يتطلب الإلمام بآليات الاقتصادية والمؤشرات المالية ليس فقط في الدولة صاحبة القرار، لكن في اقتصاديات الدول الأخرى التي يتباين فيها أحجام هذه المؤشرات المالية، الأمر الذي يحتاج إلى دراسات اقتصادية وخبرات عالمية من أجل الحصول على أعلى عائد ربحي. وقال ''يجب على وزارة المالية أن تضع نصب عينيها الفروقات بين أسعار الفائدة ومعدلات التضخم من أجل الحصول على أكبر فائدة مالية للاقتصاد السعودي''، فالأزمات الاقتصادية في بعض دول منطقة اليورو مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا كلها تتعلق بأسعار الفائدة على القروض ومعدلات التضخم التي لم يتم دراستها على الوجه الأكمل، الأمر الذي نتج منه الإفراط الشديد في الاقتراض والتمويل غير المدروس فتراكمت الديون وتضخم العجز في ميزانيات هذه الدول؛ مما أدى إلى عدم مقدرة هذه الدول على السداد، مشيرا إلى أن خبراء وزارة المالية السعودية على إلمام واضح بهذه الأزمات وعلى معرفة تامة بتداعياتها.

من جهته، أوضح لاحم الناصر، مستشار في المصرفية الإسلامية، أن إصدار صكوك إسلامية وسندات تقليدية بسعر فائدة أعلى من سعر فائدة السندات الخارجية سيكون خسارة وأمرا غير طبيعي؛ وذلك لأن المخاطر في الاقتصاد السعودي متدنية جدا مما سينعكس على سعر الفائدة ويخفض من سعرها، وقال: ''من غير الممكن أن ترتفع أسعار الفائدة للاستثمارات منخفضة المخاطر كما هو مع الاقتصاد السعودي؛ فأسعار الفائدة ترتفع للاستثمارات عالية المخاطر، والهدف من إصدار الصكوك والسندات تمويل المشاريع الكبيرة والعملاقة التي تعطي صورة واضحة لاستقرار الاقتصاد السعودي وتحسن معدلات نموه''.

وأبان أن أهمية إصدار السندات تعتمد على أمرين، فإذا كان الإصدار بهدف سحب السيولة المحلية من السوق لخفض معدلات التضخم أو بهدف تمويل المشاريع الضخمة وعدم استخدام الاحتياطيات الخارجية، فمن هنا تبرز أهمية إصدار السندات فإصدار السندات لتمويل المشاريع الضخمة ستكون عامل جذب لاستثمارات خارجية كثيرة تسعى لتملك سندات وصكوك؛ نظرا لأن الاقتصاد السعودي يمثل ملاذا آمنا للاستثمار، مقارنة مع التذبذبات السياسية والاقتصادية في العالم؛ مما يتطلب عمل دراسة لبحث الأولويات حول إصدار السندات التقليدية والصكوك الإسلامية.

وزاد ''إن إصدار السندات التقليدية والصكوك الإسلامية تستلزم ملاءمتها مع البيئة المصرفية الإسلامية، فالمؤسسات المالية في السوق لن تستثمر سيولتها إلا بأدوات متوافقة مع الشريعة الإسلامية''.

وأشار إلى ضرورة النظر في المؤشرات المالية والعوائد من إصدار السندات التقليدية والصكوك الإسلامية المخصصة لتمويل المشاريع الكبيرة، حيث إن المملكة تمتلك فوائض مالية كبيرة تغنيها عن إصدار السندات لتمويل المشاريع والتي ستعمل على سحب السيولة من السوق التي ستؤثر سلبا على القطاع الخاص إلى حد ما بخفض معدلات نموه، موضحا أن إصدار السندات لا بد أن يكون وفق معايير واشتراطات تكفل الفائدة للاقتصاد السعودي والجهات المستثمرة، حيث إن سياسة خادم الحرمين الشريفين تسعى إلى تعزيز الاحتياطات الخارجية لاستخدامها عند الأزمات؛ مما يعطي عمقا ومتانة للاقتصاد السعودي.

فيما يرى الدكتور أسامة فلالي، أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، أن إصدار السندات والصكوك الإسلامية له انعكاسات إيجابية بإيجاد قنوات استثمارية للمواطنين وقناة لتمويل المشاريع الإنتاجية، موضحا أن إصدار السندات التقليدية والصكوك الإسلامية أفضل من استخدام الاحتياطيات الخارجية، وذلك أن وفرة الاحتياطات الخارجية ينعكس إيجابيا على السوق ويعزز مكانة المملكة اقتصاديا في العالم، والنهوض وتجاوز الأزمات التي قد تحصل مستقبلا، خاصة مع توقعات صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة قاتمة إلى حد بعيد.

واستطرد: ''عملية إصدار الصكوك الإسلامية والسندات هي ترسيخ لمبادئ الاقتصاد الإسلامي وإيجاد قناة استثمارية ثالثة في السوق السعودية، بجانب العقار وسوق الأسهم، فإصدار الصكوك من أفضل الاستثمارات التي تحتاج إليها السوق السعودية الآن''.

وأشار إلى أن رفع سعر فائدة الصكوك الإسلامية عن الصكوك والسندات الخارجية أمر غير مقلق؛ نظرا للفائدة التي ستعود على الاقتصاد المحلي، بهدف جذب أكبر قدر ممكن من المستثمرين لشراء الصكوك والسندات والاستفادة من السيولة في دعم المشاريع، حيث ستعمل على دعم الاتجاهين المشاريع والمستثمرين على حد سواء، ومن دون لمس الاحتياطات الخارجية.

وكان الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية، أكد في وقت سابق أن المملكة ستقتصر على إصدار الصكوك الإسلامية في حال اتجهت نحو إصدار سندات لتمويل بعض المشاريع العملاقة، مبينا أن التوجه نحو إصدار الصكوك دون سواها من السندات التقليدية يأتي للإقبال المتوقع على هذا النوع من أدوات التمويل من قبل البنوك السعودية والشركات والمجتمع السعودي بشكل عام، والرغبة في دعم سوق الصكوك في المملكة وتنشيطها.
* ابو جاسر * غير متواجد حالياً