عرض مشاركة واحدة
قديم 01-03-2009, 09:52 AM   #32
فهد88
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2004
المشاركات: 13,429

 
افتراضي

الشركات الأسرع نمواً في المملكة



الوطن السعودية الاحد 1 مارس 2009 4:47 ص




سعود عبدالعزيز كابلي

في 27 يناير الماضي تم الإعلان عن قائمة الشركات الـ 100 الأسرع نمواً في المملكة وذلك خلال منتدى التنافسية الذي أقيم في الرياض. وبإمكان القارئ المهتم بمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذا المشروع الذي تبنته هيئة الاستثمار وصحيفة الوطن بالتعاون مع "نكست أكونوميكس" وتم الإعلان عنه العام الماضي في ذات المنتدى الدخول على موقع الصحيفة الإلكتروني أو عن طريق الرابط الذي يضم القائمة http://www.saudifastgrowth100.com/

هذه القائمة والتي لا يعلم الكثير عنها ليست مجرد تصنيف للشركات حيث إن لها بعداً أعمق من ذلك. فهي نتاج لأفكار البروفيسور مايكل بورتر – أستاذ إدارة الأعمال بجامعة هارفرد وأهم المفكرين حول مفهوم التنافسية وبناء الاستراتيجيات في الأعمال. وهي تأتي ضمن جهود هيئة الاستثمار "الإصلاحية" للاقتصاد – إذا صح التعبير. والقائمة ليست مبنية في الأساس على الشركات الكبرى أو القائمة والتي تم تأسيسها برؤوس أموال ضخمة ورجال أعمال بارزين ولكنها تهتم بالأشخاص أصحاب الأفكار المبدعة والخلاّقة والتي قاموا بترجمتها إلى شركات جديدة وناشئة. بالتالي فهي شركات قائمة على مبدأ "الريادة التجارية" أو "الإبداع التجاري" أو ما يعرف اصطلاحاً بـ "إنتربرينورشيب" (Entrepreneurship).

و هذا المصطلح – الذي هو بحاجة لترجمة اصطلاحية معتمدة – تدخل فيه عدة عناصر لتكوينه منها الفكرة التجارية الخلاقة وروح المغامرة والحماس والتفاؤل الكبير ووجود فجوة سوقية لم يتنبه لها الناس والبداية الصغيرة التي يتبعها نمو سريع وقوي متزامنة مع رؤية واضحة واستراتيجية تجارية وإدارة جيدة للأعمال. والأمثلة عن الشركات الرائدة كثيرة ولعل أقربها إلى وعي الناس شركة مايكروسوفت والتي بدأها كل من بيل جيتس وبول آلان من جراج منزلهما وكذا الحال مع لاري بيج وسيرجي بيرن مؤسسيا موقع وشركة "جوجل" وهما طالبا جامعة. واليوم تتجاوز القيمة السوقية لكلتا الشركتين حاجز 100 مليار دولار.

ديدرا كويل المسؤولة عن تحضير قائمة الشركات السعودية الأسرع نمواً كتبت تقول: الريادة هي روح التنافسية.. أحد الأشياء المشتركة بين الاقتصاديات الناجحة حول العالم هو وجود بيئة ريادية فعّالة للأعمال.. إن هذه الشركات الصغيرة لديها القدرة على التجاوب بسرعة مع متغيرات السوق وهو ما لا يساعد فقط على دفع الشركة وإنما أيضاً تنافسية الدولة" في المجال التجاري لأن رواد الأعمال دائماً "يجدون طريقة أفضل وأسرع وأرخص وأذكى للعمل.. فمهما كانت الفكرة صغيرة فهي تعبر عن فعل تنافسي اقتصادي".

ولذلك فالريادة التجارية تعد العمود الفقري للاقتصاد الناجح فهي تعبير عن قدرة الاقتصاد على الإبداع وعلى تقديم المخترعات الجديدة وعلى إيجاد حلول حديثة ومتطورة لإدارة الأعمال وعلى قدرة أصحاب الأعمال على تطوير الأفكار التجارية بما لا يجعل الشعلة الاقتصادية لدولهم تخبو. وبالتالي تصبح الشركات الرائدة في مجال الأعمال "آلة للنمو" تفيد الدولة كما تفيد أصحابها شخصياً. لأن مثل هذه الشركات تساعد على فتح آفاق للعمل للشباب وتفتح مجالات لأعمال جديدة ومساندة نظراً لسرعة حركيتها وبالتالي تعد إضافة هائلة للاقتصاد الوطني. ولأن غالبية الشركات الرائدة إنما بدأت صغيرة وبفكرة خلاقة يعمل عليها صاحبها فإنها تفتح آفاق الفكر والأمل أمام الشباب في إمكانية قيامهم بالمثل وتحقيق النجاح الذي يصبون إليه – وهذا من أهم عوامل تقدم الأمم والاقتصاديات.

من هذا المنطلق فالمقصود من إصدار مثل هذه القائمة في ظل هذه الرؤية هو توجيه الضوء نحو هذه الفكرة العامة (الريادة في مجال الأعمال) ومن ثمّ نحو الشركات والأشخاص الذين ينحون هذا المنحى لكي يتم تسليط الضوء على إنجازهم ولكي يتم إنشاء مجال تنافسي فيما بينهم وبين الشركات الأخرى من أجل التواجد على القائمة والصعود في ترتيبها. وهو ما حدث قبل 10 سنوات مع "نكست أيكونومكس" في الولايات المتحدة حيث قامت بالتعاون مع مجلة "أنكوربوريشين" (Inc. Magazine) بتأسيس قائمة "أنرسيتي 100" (Inner City 100) والتي بدأت بترشيح 115 شركة واليوم تتقدم 10000 شركة للمنافسة على القائمة مما يزيد من صعوبة المقاييس وحدة التنافس. ولكن في المقابل باتت القائمة آلة نمو في ذاتها فهي بتسليطها الضوء على أفضل الشركات أصبحت تجذب انتباه المستثمرين لها مما يزيد من إمكانية نمو هذه الشركات وبالتالي إمكانية أن تزيد هذه الشركات مما تقدمه للاقتصاد والمجتمع.

القائمة السعودية الأولى ظهرت مؤخراً وتضمنت أرقاماً ملفتة للنظر. فمتوسط أعمار مديري الشركات فيها كان 32 عاماً كذلك فإن متوسط النمو الذي حققته تلك الشركات بين عامي 2006 و2007 كان 198% وهي شركات تراوحت أرباحها بين 4 ملايين ومليار ريال وقامت 45 شركة بينهم بتقديم 28 ألف وظيفة للاقتصاد الوطني منها 15 ألفا في السنوات الخمس الأخيرة. الآن ماذا ستكون النتيجة لو أننا ضاعفنا من روح التنافسية في الاقتصاد ووسعنا من قاعدة الريادة فيها؟

محافظ الهيئة العامة للاستثمار الأستاذ عمرو الدباغ قال "إن جائزتي أسرع 100 شركة نمواً وجائزة بورتر تأتي ضمن جهود الهيئة ممثلة بمركز التنافسية الوطني الذي يستهدف رفع مستوى أداء وإنتاجية الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل ينعكس على مركزها التنافسي داخل السوق وبالتالي رفع كفاءة الاقتصاد ومستوى تنافسيته.. وإن هذه المبادرة تأتي في سياق توجه الدولة لرفع مستوى مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي وكذلك في مستوى رفع التطبيقات الاستراتيجية في الشركات بالاستفادة من المعايير التي سيتم تطبيقها لتقييم أداء الشركات ومن ثم تقديم الاستشارات اللازمة لرفع مستوى أدائها".

لا شك أن هذا الجهد من قبل القائمين خلف هذه المبادرة هو جهد طيب ويجب شكرهم عليه ولكن علينا أيضاً إذا أردنا لمثل الجهد أن يؤتي أكله أن نوجه النظر نحو المعوقات. فالشركات التي دخلت القائمة لفتت النظر في الاستبيانات المقدمة إليها إلى العوائق الحكومية والبيروقراطية وكذلك نحو صعوبة الحصول على التمويل اللازم للنمو وعلى عدم توفر الأيدي العاملة الماهرة. وللأسف فإن هذه المعوقات تلعب دوراً كبيراً في إحباط الكثير من الشباب ورواد الأعمال. إن غالبية الشركات التي تواجدت في القائمة تعمل في مجال التكنولوجيا والبناء وهما مجالان مطلوبان بالدرجة الأولى اليوم في الاقتصاد الوطني مما يلقي الضوء على حقيقة عامل الطلب المساعد لإنشاء هذه الشركات وكذلك يلقي الضوء على ضعف القاعدة الريادية للاقتصاد الوطني. فغياب شركات سعودية رائدة في مجالات عدة سواء في حقول المخترعات والصناعات أو الطب على سبيل المثال يعكس حقيقة الضعف البنيوي والهيكلي لاقتصاد متنوع يتم فيه تقديم شيء جديد بعيد عن المجالات التقليدية التي انتهجها الاقتصاد السعودي على الدوام.

إذا كانت هيئة الاستثمار ممثلة بمركز التنافسية الوطني تطمح حقيقة إلى رفع أداء إنتاجية الشركات السعودية الصغيرة والمتوسطة بشكل فعال مما يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني فإن عليها التنبه لهذه الأمور كما أن عليها أن تقود حملة وطنية لدراسة وحوار متعمق حول الحلول الممكن اتخاذها في هذا المجال. فالقائمة في نهاية الأمر مجرد مؤشر وليست هي الحل السحري الذي سيقوم بإيجاد تنافسية وريادة تجارية في مجتمع واقتصاد تعد هذه الأفكار جديدة عليه. وفي كل مرة ننظر لقصة من قصص النجاح يجب أن ننظر لمئات من قصص الفشل ونعي العبرة من الاثنين إذا كان هدفنا فعلاً مصلحة الوطن.
فهد88 غير متواجد حالياً