عرض مشاركة واحدة
قديم 19-02-2008, 04:48 AM   #47
bhkhalaf
الفريق الصحفي لتداول - عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 34,586

 
افتراضي

المسؤولية الجزائية والمدنية على أرباح الشركة الصورية

المحامي د. عثمان الدعجاني العتيبي

قيام الشركة بالإعلان عن تحقق أرباح أو نمو في الأرباح أو الاستقرار على نقطة التساوي بين الارباح والخسائر (Break even) يعطي الانطباع بسير الشركة في طريق النجاح والنمو الذي سينعكس إيجابياً على مساهميها وعلى العاملين فيها بلا شك، ويدل على نجاح قيادتها وحسن التصرف لدى مسؤوليها فيما يعود على الشركة والمساهمين بالنفع وإضافة لبنات أكثر في بناء الاقتصاد الوطني، وحالات النجاح لا حصر لها ولله الحمد، ولكن يحدث أن تعلن الشركة عن أرباح وجودها فقط على الورق وتقوم أيضاً بتوزيعها، وهو ما يسمى في قانوناُ بالأرباح الصورية : فالإجراءات مستوفية للمتطلبات النظامية ولكنها مقتطعة من رأسمال الشركة أو موزعة بغير جبر للخسائر السابقة، في حين أن الأرباح الحقيقية : مستوفية لإجراءات الإصدار النظامي ولكنها غير مقتطعة من رأس المال وتم توزيعها بعد جبر الخسائر. والأرباح عموماً صورية أم حقيقية هي توزيعات نقدية أو عينية يوصي بها مجلس إدارة الشركة وتقررها جمعية المساهمين العادية، وتشكل نسبة من القيمة الاسمية لرأس المال، وتحسب الأرباح على أساس نسبة مئوية معينة من القيمة الاسمية للسهم، وليست من أية قيمة أخرى (سواء قيمة حقيقية أو قيمة إصدار أو قيمة تجارية).

ويجتهد القائمون على توزيع الأرباح الصورية على إخفاء صورية أرباحهم فيسلكون الإجراءات النظامية، فيوصي مجلس الادارة الادارة بتوزيعها فيما يصدر عنه من ميزانية وحسابات الأرباح والخسائر ويحيط وزارة التجارة علماً بذلك من خلال إيداع نسخة من هذه الوثائق لديها بعد أن يعتمدها مراقب الحسابات، ويصدر قراراً عن جمعية المساهمين، الذي يعتبر تاريخ صدوره هو تاريخ نشأة حق المساهم على الأرباح.

والفرق بين الأرباح الحقيقية والأرباح الصورية، أن الأرباح تحصل عندما تزيد قيمة الموجودات على قيمة المطلوبات، والخسائر هو العكس بحيث تزيد المطلوبات على الموجودات، وتحدث الأرباح الصورية عندما يتم التلاعب بالأرقام زيادة أو نقصاناً فإخراج ميزانية وحساب أرباح وخسائر غير مطابقين للواقع ويستندان كلياُ أو جزئياً الى تقديرات مصطنعة لموجودات الشركة ومطلوباتها، والتضخيم المفتعل لبعض عناصر الموجودات بإعتماد تقييم لموارد غير متحققة «unrealized» أو باحتساب ديون معدومة أو مشكوك فيها أو بعدم استنزال نسبة الاستهلاك أو بتقليل مبالغ فيه لقيمة عناصر المطلوبات، أو توزيع أرباح دون جبر للخسائر السابقة أو استقطاعها من رأس المال بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كإيجاد فائض مفتعل في الموجودات أو من الاحتياطي النظامي الذي لم يصل الى حده الأقصى أو بإغفال قواعد الاستهلاك، أو بتوزيع لعلاوة الإصدار وهذا التصرف من قبل قيادة الشركة فعلُ يجرمه القانون ويرتب عليه عقوبه مدنية وجزائية.

فالمسؤولية المدنية تترتب على وقوع الفعل الضار المجيز للمطالبة بالتعويض عنه حسب نظام الشركات السعودي، لأنه خطأ يصيب الشركة المعنية بالضرر فاستجمعت بذلك أركان المسئولية المدنية، حيث يثبت للشركة المتضررة الحق في التعويض جبراً للضرر، والتعويض هنا هو إعادة للمبالغ الموزعة الى ذمة الشركة، فترفع الأخيرة دعواها للمطالبة بالتعويض، وهذه دعوى يمكن أن يرفعها المساهمون الذين خدعهم مجلس الإدارة الذي أوصى بتوزيع أرباح صورية للتغطية على النتائج السيئة لإدارته، ويمكن أن يرفع الدعوى دائنو الشركة عملاً بمبدأ ثبات رأس المال حماية لضمانهم العام.

أما المسؤولية الجزائية فقد اعتبر نظام الشركات السعودي (م229/5) توزيع أرباح صورية جنحة معاقب عليها بالحبس وبالغرامة أو بأحدهما ونصها (مع عدم الإخلال بما تقتضيه أحكام الشريعة الإسلامية يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة شهور ولا تتجاوز سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ريال سعودي ولا تتجاوز عشرين ألف ريال سعودي أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل مدير أو عضو مجلس إدارة حصّل أو وزع على الشركاء أو غيرهم أرباحاً صورية) . وعندما رتب المشرع نصاً جزائياً فهدفه تحقيق الحماية المباشرة للمصلحة العامة للمجتمع تشكل حماية للأئتمان العام في البلاد وحماية غير مباشر لمصالح خاصة لدائني الشركة من خلال حماية ثبات رأسمال الشركة الذي هو مناط منحهم الائتمان للشركة.

والفعل المعاقب عليه هو إما تلقي الأرباح الصورية أو توزيعها، ولذلك يعاقب الفاعلون ولو لم يحصلوا على أي جزء من الأرباح الصورية إذا اقتصر عملهم على توزيعها، كما يعاقبون إذا لم يقوموا بالتوزيع لأي سبب ولكنهم حصلوا عليها تحت أي وصف سواء تم ذلك بوصفه شركاء أو مساهمين أ أعضاء مجلس إدارة أو مديرين، وقع المسئولية الجزائية عل كل من يعمل في الشركة بدرجة مدير أو عضو مجلس إدارة إذا حصّل أي منهم او وزع أرباحاً صورية، وعلة شمول النص للمديرين مع انهم لا يشاركون في اتخاذ قرار توزيع الأرباح هي أنهم قد يحصلون عليها إما كونهم مساهمين باعتبارها حوافز ومكافآت، فأخفوا أمر صورية الأرباح الموزعة من خلال «صنعها وتدبيرها» . أما بالنسبة لمسئولية أعضاء مجلس الادارة فهي حاصلة لأنهم الجهة التي تقدم الميزانية وحساب الأرباح والخسائر ويدافعون عنها ويكوّنون قناعة جمعية المساهمين، وهم الجهة الفنية التي تدرك كنه ما تقدمه الى هذه الجمعية وهم الجهة التي وثق فيها المساهمون عندما تم اختيارهم كأعضاء لمجلس الادارة.

أما أعضاء مجلس الادارة أو المديرون المعارضون فإن بوسعهم إظهار معارضتهم بالطرق النظامية، ولكن تصبح هذه المعارضة بغير قيمة إذا كان المعارض قد حصل على جزء من الأرباح الصورية بأي صورة.
bhkhalaf غير متواجد حالياً