عرض مشاركة واحدة
قديم 02-12-2009, 04:45 AM   #12
سعد الجهلاني
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 52,139

 
افتراضي

هل المطورون العقاريون جاهزون؟

سامي سلمان

تمر السوق العقارية بالمملكة العربية السعودية بمرحلة مخاضٍ يتوقع قدوم مولودها الذي يتمثل في القوانين التي تنظم العمل في السوق العقارية، والتي من أهمها قانون الرهن العقاري، المتوقع صدوره مطلع عام 2010. فهل المطورون العقاريون جاهزون لمرحلة ما بعد صدور القوانين واللوائح للسوق العقاري؟
يعد القطاع العقاري بالمملكة من أكثر القطاعات الاقتصادية نموا بعد النفط ومن أكثرها تأثيرا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية؛ التي يتوقع أن يصل حجم الاستثمارات العقارية في كل قطاعاتها 1.5 تريليون ريال سعودي في عام 2010. ويعد الاستثمار فيه واعداً ويحقق مكاسب كبيرة وهو ما يبرر عدم اتجاه الشركات العقارية السعودية للاستثمار خارج المملكة. يتسع السوق العقاري لكل المنافسين ولكنه بحاجة لشركات تطوير عقاري، ذات قدرات مالية كبيرة تمكنها من تنفيذ مشروعات كبيرة وتتبنى مفاهيم حديثة في البناء وإدارة المشاريع. فقد أصبح التطوير العقاري الشامل من المفاهيم الحديثة وهو نظام يعتمد تطوير مساحات كبيرة من الأراضي وتجهيز بنيتها التحتية من سفلته واتصالات وإنارة وصرف صحي، وغيرها ومن ثم بناء مجتمع حضري متكامل يشمل المباني يتضمن فلسفة بناء وحدات سكنية، وإقامة مصانع أو مراكز تجارية أو مساحات مكتبية، إضافة إلى تقديم الخدمات التي تتبع عملية تطوير مثل تلك المشاريع الحيوية.
ومما لا شك فيه أن التمويل هو أساس كل عمل ناجح وكبير؛ وقد عانى القطاع العقاري بالمملكة ومنذ سنوات طويلة من معضلة التمويل خاصة بعد تعليق نظام المساهمات العقارية. فمؤسسات التمويل والبنوك، مع محدوديتها، لا تقوم بجهود كافية فيما يتعلق بتمويل الشركات العقارية وتقديم القروض التي تمكنها من تنفيذ مشاريعها، وتحجم بسبب مخاوفها من الدخول في تمويل قطاع لا يزال بحاجة إلى بنية تشريعية وإجرائية، مما يجعل تمويلها مخاطرة كبيرة وهو ما يؤخر من ظهور شركات تطوير عقاري عملاقة قادرة على تطوير مشاريع كبيرة.
بقي لنا أن نتساءل عن مدى جاهزية المطورين وشركات التطوير العقاري بإمكاناتها الحالية للمرحلة القادمة، إذ لا يبدو أن قدرات شركات التطوير العقاري بإمكاناتها الحالية قادرة ومستعدة لتلك المرحلة. يقوم به أفراد تعوزهم القدرة لتطوير مشاريع كبيرة وجودة عالية بما نسبته (90 بالمائة) من التطوير العقاري. ومن الملاحظ اتباع أولئك الأفراد للأسلوب الذي يعتمد على أدوات تقليدية لم تعد تناسب سوقا عقاريا ضخما كالسوق السعودي. كما نود التنويه إلى ارتفاع تكلفة التطوير بواسطة الأفراد بشكل كبير، بعكس التطوير بواسطة شركات قادرة على تطوير آلاف الوحدات السكنية بتكاليف منخفضة مما يسهل على المواطن إمكانية تملكها. إذاً، يكمن التحدي في قدرة الشركات العقارية الموجودة حاليا على تنفيذ مشاريع عقارية وما تتطلبه من قدرات مادية وفنية وبشرية عالية.
وهناك عقبات تواجه المطورين في السوق العقارية. ومن هذا المنطلق نرى أن إمكانية تقسيم تلك العقبات إلى نوعين: رئيسية وثانوية. وتتمثل العقبات الرئيسية التي تقف عثرة أمام تطوير السوق العقاري في المملكة العربية السعودية في ضعف ومحدودية مصادر التمويل وارتفاع تكلفته، وعدم وجود أنظمة ولوائح متكاملة تنظم العمل في السوق العقاري، وبيروقراطية القطاع العام وبطؤه المتمثل في عدم جاهزيته لمواكبة ما يستجد من تطور في مفاهيم التطوير العقاري، ما قد نطلق عليه تحسس عقلية مؤسسات وأجهزة القطاع العام من عملية التطوير العقاري، وعدم جاهزية البنوك للمرحلة المقبلة.
أما العقبات الثانوية التي تقف عثرة أمام تطوير سوق العقار في المملكة العربية السعودية، فيمكن تمثيلها في عدم نضج مفهوم جمعيات الملاك. ففي كثير من الأحيان يحجم بعض الملاك عن سداد رسوم خدمات إدارة المناطق العامة المشتركة والتي تتضمن الخدمات الأمنية والحراسة وصيانة المصاعد وكل ما يتعلق بالخدمات الخاصة بالعقارات المباعة. ففي حالة إحجام الملاك عن تحمل نفقات تلك الخدمات، فإن ذلك يعني انحسار الطلب على العقارات التي يطورها المطورون، مما يؤثر على الطلب الكلي على مشاريع التطوير العقاري، ومن ثم رفض المطورين الدخول في تطوير مشاريع مماثلة. ولعل من أهم انعكاسات ذلك الإحجام، ندرة المشاريع المطورة وبالتالي تعميق أزمة الإسكان بالمملكة. وكذلك ينتج عن ذلك إحجام المطورين الشروع في مشاريع تطويرية عملاقة تدني مداخيل العاملين في التطوير العقاري، ومن ثم تسربهم إلى قطاعات ذات عوائد مجزية. أضف إلى ذلك تدفق رؤوس الأموال من قطاع العقارات إلى قطاعات أخرى مما يعمق من تخلف هذا القطاع الهام.
وإذا لم تقم شركات التطوير العقاري الحالية برفع إمكانياتها وقدراتها في جميع الأصعدة، فإن ذلك سيشكل فرصة متميزة لدخول الشركات الأجنبية، ذات القدرات المالية والفنية العالية؛ أو لجلب مطورين من الخارج. عندئذٍ، تحتدم المنافسة التي قد لا تقوى عليها شركات التطوير الموجودة حاليا، مما يعني عدم صمودها ومن ثم انسحابها من صناعة التطوير العقاري بمفاهيمه الحديثة. وعليه، ستلجأ شركات الخدمات العقارية إلى التعامل مع الشركات الأجنبية.
في مقابل عدم قيام شركات التطوير العقاري الحالية برفع إمكانياتها، نجد أن جاهزية شركات تقديم الخدمات العقارية، لها الأثر في تطوير وإكمال مفاهيم السوق بمنظورها الحديث. وهنا تجدر الإشارة إلى الحاجة الماسة في السوق العقاري السعودي إلى شركات تقدم خدمات عقارية متكاملة، يتوفر من خلال منظومة خدماتها دراسة السوق، والاستشارات العقارية، خدمات التأجير والبيع والتسويق؛ وخدمات التقييم العقاري، لا سيما أهمية تقديم خدمات إدارة العقارات والمرافق وما يتبعها من خدمات مساندة ولوجستية كالتموين الغذائي والاستشارات الهندسية والمعمارية المتطورة.
سعد الجهلاني غير متواجد حالياً