قدرة منشآتنا الوطنية على مواجهة الإغراق
د . توفيق عبد العزيز السويلم
بدأت هذه الأيام ظواهر اقتصادية سلبية تظهر بالسوق المحلي وهي معاناة بعض أصحاب المؤسسات الوطنية وبالذات المتوسطة والصغيرة من بعض المشاكل كالإغراق والمنافسة والاحتكار من بعض الشركات الأجنبية هذه المشكلات صاحبت ظهور المتغيرات الاقتصادية العالمية كانفتاح الأسواق والاندماجات والتكتلات وحرية التجارة الدولية وغيرها من المسميات الحديثة .
إن الراصد للإغراق يجد أنه ينتشر في الأسواق عندما تقوم منشأة ما ببيع سلعة في الأسواق العالمية أقل من سعر بيعها في السوق المحلية ، أو تقوم ببيع سلعة في الأسواق الخارجية بسعر أقل من تكلفة إنتاجها ، ويؤدي تصدير هذه السلعة إلى السوق المحلي إلى الإضرار بالمصانع المحلية وتكبدها خسائر تتمثل في انخفاض الأرباح وفقدان نسبة من السوق « وواضح من ذلك ما يترتب على الإغراق من عجز الصناعة المحلية من مواجهة منافسة مثيلاتها الأجنبية . ويساعد على بروز ظاهرة الإغراق اسباب منها بروز المتغيرات الاقتصادية الحديثة مثل حرية التجارة وانقتاح الأسواق العالمية , ظهور الشركات متعددة الجنسيات في الستينيات من القرن التاسع عشر وما صاحبها من احتكار لكثير من السلع قد أدى إلى تفاقم وارتفاع قضايا الإغراق , زيادة حجم المشروعات الصناعية أدى إلى توسع شركات التصنيع خارج بلدانها الأصلية التي ظهرت فيها فلاحت لها الفرصة للسيطرة على الأسواق العالمية , تحسن وسائل النقل والمواصلات مما سهل عملية انتقال البضائع بأحجام وأنواع متنوعة وكبيرة .
ويؤدي الإغراق إلى كثير من الآثار التي تتأثر بها الدولة المستوردة للسلعة التي تغرق السوق منها :انخفاض إنتاج المصانع المحلية المنتجة لنفس السلعة أو لسلعة متشابهة ، و انخفاض أرباح الشركات المحلية المنتجة لنفس السلعة أو لسلعة مشابهة ، قد يتم تسريح عدد من العاملين مما يزيد من أعداد البطالة ،وهناك بعض المستفيدين من حدوث عملية الإغراق منهم : استفادة المستهلكين من انخفاض الأسعار .المنتجون المحليون حيث يؤدي الإغراق إلى سعيهم نحو تحسين وضعهم التنافسي من حيث الجودة والسعر .
والملاحظ أن الإغراق له أشكال وأنواع عديدة منها : الإغراق العارض الذي ينتج عن الرغبة في التخلص من فائض سلعة معينة في نهاية موسم فتطرح في الأسواق الخارجية بأسعار منخفضة ، والإغراق الحادث نتيجة للأخطاء في تقدير حجم السوق الداخلية مما يضطر الشركات المنتجة إلى بيع منتجاتها في الأسواق الخارجية بسعر منخفض عن سعره في الأسواق الداخلية لضمان عدم خفض السعر في هذه الأسواق ، وإغراق مؤقت ويهدف إلى تحقيق هدف معين وينتهي بتحقيق هذا الهدف مثل خفض السعر في الأسواق الخارجية حتى يهيمن عليها ، وإغراق يحدث بتخفيض السعر في السوق المحلي بهدف الوقوف في وجه المنافسة الأجنبية أو للقضاء على منافس، والإغراق الدائم ويرتبط غالباً بالاحتكار حيث يقوم المحتكر بالهيمنة على السوق ويضطر المنتج لنفس منتجات المحتكر بخفض أسعار منتجاته لضرب هذا الاحتكار والحصول على جزء من السوق.
لذا فإن الجهات المعنية لها دور في مواجهة قضايا الإغراق وذلك بإصدار النظم والقواعد المناسبة ومراقبة حالة السوق للحفاظ على الصناعة والمنتجات الوطنية ، كما يمكن أن تفرض رسوماً إضافية أو جمركية لإحداث التوازن بين السعر الذي يعرضه المنتج الأجنبي أو الشركة المحلية المحتكرة للسوق وتستخدم الإغراق أحيانا للقضاء على منافسيها وبين السعر الذي تنتج به الشركات المحلية مع الوضع في الاعتبار أن هناك شركات لا تهتم بخفض التكاليف ولا بتحسين مستوى أداء الإدارة مما يأتي تقديرها للأسعار مبالغا فيه مما يرفع من سعر السلعة ويترتب على ذلك ألا تصمد هذه السلعة أمام مثيلاتها من السلع الأجنبية المنافسة لها في السوق .ومن المهم أن تكون هناك حماية للمنتجات المحلية لتستطيع مواجهة مثيلاتها الأجنبية .
مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية
|