التضخم يرفع أسعار الإعلانات في المملكة ويهدد بإفلاس الشركات الصغيرة
السبت, 30 أغسطس 2008
محمد الشهري - جدة
قفزت أسعار الإعلانات في جدة خلال الايام الماضية إلى مستويات قياسية لم تبلغها في تاريخها ، ففي حين كان موقع اللوحة الإعلانية يؤجر سابقاً من بـ 70 إلى 80 ألف ريال أصبح يؤجر حالياً بما لايقل عن 250 ألف ريال ، الأمر الذي أدى إلى خروج عدد من الشركات الصغيرة والمتوسطة من السوق لعدم قدرتها على المنافسة . هذا بالاضافة إلى التضخم الذي رفع اسعار بعض الخامات الأولية التي تسهم في صناعة الاعلان .
وحمّل مسؤولون في شركات دعاية وإعلان البلديات مسؤولية هذا الإرتفاع الذي سينعكس سلباً على سوق الإعلان في المملكة ، وأكدوا في تصريحات لـ “المدينة” أن هناك جملة من القرارات التي اتخذتها وزارة الشؤون البلدية والقروية أدت إلى هذه الارتفاعات القياسية أهمها منع التأجير على أسقف اسطح المنازل أو في المواقع الخاصة ، الأمر الذي أدى إلى تنافس محموم على المواقع التي تطرحها الأمانة للمزاد، وبالتالي ارتفاع الأسعار إلى مستويات خيالية وهو ما دفع بالشركات الإعلانية إلى رفع اسعارها على المعلنين الذين غالبا يعجزون عن دفع ما عليهم إذ يصل سعر اعلان على بعض اللوحات 500 الف ريال .
وقال عادل إسماعيل المستشار الإعلامي نائب مدير شركة تهامة للدعاية والإعلان سابقاً أن السبب الرئيسي في زيادة الأسعار على المعلنين هو زيادة إيجارات المواقع الإعلانية من قبل الأمانة .
وأكد أن الأمانات أصبحت للأسف ضد المستثمر وهو أمر غير مشجع للشركات الإعلانية في الاستثمار في هذا القطاع ، حيث تفرض الأمانة طلبات كثيرة ، ولا تتعاون بأي شكل ، حتى إذا طلب المستثمر إزالة بعض العوائق التي تمنع الرؤية مثل الأشجار وغير ذلك فالامانة لا تتعاون وتبقى اللوحات بدون جدوى رغم الطلبات المستمرة ، وأحياناً يكون رد الأمانة بأن على المستثمر تحمل أي أمور تترتب على دخوله المزاد والفوز بالموقع ، وهذا الأمر أدى إلى إحجام الشركات عند الدخول في بعض المزادات الاخيرة التي طرحتها الأمانة لأن الأسعار المطروحة خيالية ومرتفعة بشكل كبير ، كما أن وعد الأمانة بإزالة جميع اللوحات من الأماكن المخالفة لم يحدث ولا زالت بعض اللوحات قائمة ، وهذا أدى إلى تضرر سوق الإعلانات .
نوعية الإعلان
وحول نوعية الإعلانات المستهدفة قال إسماعيل: ان الطلب يتزايد على اللوحات الإعلانية الكبرى بحجم 5X15 متر على الخطوط السريعة، رغم أن هذه اللوحات غير مرغوبة للحملات الإعلانية السريعة أو الوكالات الدولية التي تسعى للإعلان في لوحات الموفي إذ ان العقود أسبوعية مع ما يسمى “بروموشن” سريع لمدة شهر على أبعد تقدير .
من جهته قال نبيل عطيه المدير التنفيذي لشركة المرايا إن الأسعار الحالية التي تقررها البلديات غير منطقية إطلاقاً حيث ارتفعت عن السابق بشكل كبير وحول تعليقه على قرار منع الإعلان في المواقع الخاصة وعلى أسطح المنازل قال: ان هذا القرار غير صائب وقد ظهرت مشاكل كثيرة بعد تطبيق هذا القرار ، كما زادت الأسعار حيث كان الإعلان على المواقع الخاصة سابقاً يكلف 25 ألف ريال سنوياً لكن الأسعار حالياً تتجاوز 100 ألف ريال وقد يصل في بعض المواقع مع تزايد المنافسة والمزاد إلى 250 ألف ريال وهنا لا يمكن للشركات الصغيرة أو المتوسطة المنافسة وستكون المواقع فقط محصورة على الشركات الكبرى .
واستغرب عطية عملية تقدير الأسعار من قبل الأمانة حالياً حيث تصل قيمة المتر المربع أحياناً إلى 1850 ريالا لمدة سنة في حين أن سعر الأرض لا يتجاوز 2000 ريال للمتر في أحسن المواقع ولا ندري - والحديث لـ “عطية” - كيف تمت عملية التسعير لهذه المواقع .
من جانبه أكد مصطفى محمد عباس فارسي رئيس وكالة فارسي للدعاية والإعلان أن هناك علاقة كبيرة بين التضخم الذي تشهده المملكة حالياً وارتفاع أسعار الإعلانات خاصة مع التغير الإقتصادي والنمو الإقتصادي العالمي ، كما أن هناك زيادة في أسعار الوسائل الإعلانية والمواد الأولية كما زادت تكلفة الإعلانات في الوسائل الإعلانية.
وأضاف فارسي أن الشركات الإعلانية تواجه صعوبات كبيرة حالياً خاصة مع اللوائح الجديدة والقرارات التي اتخذتها البلديات وهو ما تسبب في رفع أسعار الإيجارات وبالتالي ارتفاع أسعار الإعلانات .
فيما قال عبد الرحمن بخيت الحماد رئيس شركة دار المئوية للدعاية والإعلان المحدودة ان وكالات الإعلان في المملكة تواجه صعوبات كبيرة حيث ان الانفاق الإعلاني من قبل المعلنين ليس في المستوى المأمول ولا يمكن مقارنته بالصرف على الإعلانات في الدول المتقدمة ، والسبب في ذلك أن مفهوم الإعلان لدينا يرى أن ما ينفق على الإعلان هي مبالغ مصروفة وليست استثمار ، وهذا مخالف للحقائق العلمية التي تنص على ان الإعلان جزء أساسي من الاستثمار ، كما أن الإدارة القديمة في شركاتنا تواصل الإدارة بمفهوم السبعينات وهذا ما أتاح الفرصة للشركات والوكالات الأجنبية للحصول على حصة كبيرة في سوق الإعلان السعودي .
وأضاف ان أهم إجراء لتغيير هذه المفاهيم هو إيجاد صناعة إعلان في المملكة وفتح تخصصات لهذه الصناعات في الكليات والجامعات السعودية حيث ان عدد الكوادر السعودية العاملة في المملكة حالياً لا تتجاوز 5 في المائة من العاملين في سوق الإعلان .
وحول حجم سوق الإعلان في السعودية قال الحماد انه ضعيف جداً لا يتجاوز في منطقة الخليج 3 مليارات ريال ويفترض أن يصل خلال سنتين إلى 10 مليارات ريال ، كما أشار إلى أن حجم الوسائل الإعلانية في الشوارع لا يمثل سوى 20 في المائة من سوق الإعلان ، وأكد الحماد أن الإعلان لدينا يجب أن يكون ذكي ويبني على دراسات وأبحاث للوصول إلى الفئة المستهدفة.
وقال ان زيادة أسعار الإعلانات في المملكة يعود إلى ارتفاع أسعار الإيجارات وبالتالي تضطر الشركة إلى رتفع السعر على المعلن ، كما أن قرار منع التراخيص للمواقع الخاصة سبب قلة المواقع الإعلانية بالإضافة إلى المزايدة على الأسعار .
وتطرق الحماد إلى سبب آخر وهو أن عقود اللوحات الإعلانية في المملكة لا تتجاوز 5 سنوات في حين أنها تصل في بعض الدول إلى 20 سنة ، والوضع الحالي في المملكة يؤثر على خطط المستثمر الذي يضع الخطة لـ 5 سنوات فقط .“المدينة” من جانبها طرحت هذه الصعوبات على مدير التخطيط والاستثمار في أمانة جدة المهندس هتان حمودة الذي أكد أن مدينة جدة هي مدينة سياحية وهناك طلب كبير على الإعان في فيها ، كما أن هناك شركات جديدة تسعى لدخول السوق الاعلانية في مناطق مختلفة من جدة ، وهذا دفع بالأسعار إلى الإرتفاع ، والأمانة لا يمكن أن تتدخل في ذلك لأن هذا السعر يحدده السوق بناء على المزادات التي تقام و تطرحها الامانة .
وأشار إلى أن قرار منع الإعلان على اسقف الأسطح صادر من وزارة الشؤون البلدية والقروية وهو بالتاكيد أسهم في حدة المنافسة على المواقع الإعلانية في جدة وهناك عدة أسباب لهذا القرار اهمها الحرص على السلامة بعد وقوع عدة حوادث بسبب هذه اللوحات التي توضع بدون ترخيص من الدفاع المدني ، بالإضافة إلى أسباب أخرى . وحول شكاوى بعض الشركات من عدم تطبيق القرار واستمرار بعض اللوحات في مواقع خاصة قال: ان الأمانة تقوم بمخاطبة الشركة المختصة لإزالة اللوحة ، وإذا لم تتم الإزالة تقوم الأمانة بالإزالة بعد عدم التجاوب.