عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-2017, 06:41 AM   #2
أليا صهل
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 10,221

 
افتراضي

http://www.ibn-jebreen.com/?t=books&...=197&page=7135


فمشهورٌ عند الحنابلة أن الأب له أن يجبر ابنته

البكر إذا جاءها كفء ورضيه لها، ويستدل بقوله: إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ويستدل بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فرق بينهما بقوله: الأيم أحق بنفسها فجعلها أحق بنفسها دل على أن البكر وليها أحق بها.
ولكنه خص هذا بالأب، وقال: إن الأب هو الذي يكره ابنته على الزواج -ولو لم ترضَ- إذا رضي ذلك لها، ويقول: معلوم أن الأب أتم شفقة على أولاده ولا يختار لبناته إلا ما هو الأصلح، فإذا جاءه من يصلح ويناسب فإنه يجبرها ولو كرهت؛ وذلك لجهلها عادة وعدم تجربتها، وأما أبوها فإنه عرف الناس وعرف عن الصلاح وعرف من هو أهل ومن ليس بأهل؛ فلأجل ذلك يتمكن من أن يزوج ابنته البكر بدون إذنها، هذا هو المشهور عند الحنابلة، يعني المذهب المتبع عندهم.
ولكن القول الثاني: أنه لا يجبرها ولو كانت بكرا ولو كان أبًا، وإنه لا بد من رضاها ومن مشاورتها، وهذا هو القول الصحيح الذي تؤيده الأدلة الكثيرة؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر الاستئذان لكل منهما، فجعل استئذان البكر أن تسكت، إذا استؤذنت فسكتت ولم تمتنع فرضاها صماتها، فإنها لو كانت كارهة لما سكتت، بل لا بد أن تنطق، ولا بد أن تتكلم فتقول: لا أريد، أو تقول: أريد، فإذا سكتت دل على رضاها.
أما إذا تبرأت وامتنعت وقالت: لا أريده، فليس لهم أن يكرهوها -ولو كان الولي أباها- وما ذاك إلا أنها هي التي تعايشه، وهي التي تبقى معه، وهي التي تطول صحبتها معه، فتتألم إن كانت تكرهه، وتلقى أذى وتلقى عذاب نفس، وأهلها لا يدرون ما هي فيه من الألم والعذاب؛ فكان الحق لها، كان عليهم أن يأخذوا رضاها ولا يكرهوها بمن لا تريد، فيكونون بذلك معرضين لها أن تتألم.
فإنها إذا أكرهت على من لا تريده فقد تنفر منه، وقد تهرب منه كثيرًا إلى أهلها، وقد تأثم بمنعه منها -أن تمنع نفسها منه- حيث إنها ما ألفته ولا قبلته ونفسها تنفر منه، فتمتنع أن تمكنه من نفسها، ويكون عليها إثم بذلك، فيتحمل الإثم أبوها الذي أكرهها أو وليها الذي ألجأها وهي لا تريد، ولا بد -أيضًا أو أحيانًا- أنها تتعرض للأذى منه، إذا صارت دائمًا تمتنع منه لأنها تكرهه، فقد يضربها وقد يؤذيها وقد يسبها ويسب أبويها ويسب أصلها، ويكون في ذلك ما فيه من الإثم وما فيه من الضرر بما تسمع من السب والقدح والعيب والسلب والتنقص وما أشبه ذلك.
وكذلك أيضًا شوهد أن كثيرًا من النساء اللاتي أُكرهن وألجأهن الأولياء وصل بهن الأمر إلى الانتحار، فحكى لنا بعض الإخوان أن امرأة أكرهت، ولما كان في ليلة الزفاف وكانت تقول: أُفَضِّل قتل نفسي على الدخول عليه، فلما عزموا على إدخاله واجتمع الناس أحرقت نفسها، فكان الذي تحمل الإثم هو الذي ألجأها وأكرهها على من لا تريده، فعرف بذلك أنه ليس في الإكراه خير.
ولو قدر أن هناك من أكرهت ثم رضيت بعد ذلك -لكن ليس هذا مضطردا- فإذا أقنعوها وقنعت، لو كرهت في أول الأمر ولكنهم أكثروا عليها، أكثرت عليها أمها وأبوها وأختها وأخوها، ثم قنعت وأخذته على كره، فربما تنقلب البغضاء إلى محبة، قال تعالى: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لكن إذا وجد منها نفرة شديدة فليس لهم أن يكرهوها.
هذا بالنسبة إلى البكر، رضاها إذا سكتت؛ فإن هذا دليل الرضا، وإذا نطقت فهو بطريق الأولى أن يكون رضا؛ لأنه دليل على الموافقة، إذا قالت: نعم قد رضيته سواء قالته لأبيها أو لأمها أو لإخوتها فلا بأس، ذلك دليل الرضا، ولكن عبروا بالسكوت لأن هذا هو الغالب؛ لكونها تستحيي أن تنطق وتتكلم في ذلك الأمر؛ لأن الكلام فيه قد يؤخذ منه رعونتها أو شدة رغبتها في النكاح أو نحو ذلك، وهي قد لا تريد أن يظهر منها ذلك؛ فلأجل ذلك رأوا أن سكوتها يكفي، وأن نطقها بطريق الأولى يكفي. http://www.ibn-jebreen.com/?t=books&cat=7&book=197&page=7135
قد روي عن بعض الظاهرية أنه يمنعها من الكلام ويقول: لا يجوز أن تتكلم بل رضاها أن تسكت، فلو تكلمت عنده ووافقت فإن ذلك ممنوع عند الظاهرية أخذًا من ظاهر الحديث، ولكن هذا ليس بصحيح.
أما بالنسبة للثيب وهي التي قد طلقت، يعني قد دخل بها زوج ثم طلقها أو مات عنها فهذه قد عرفت الرجال، وقد تجرأت وتجرأ عليها وليها، فلا بد في هذه الحال أن تتكلم بالموافقة أو عدمها، لا بد أن تقول: نعم قد رضيته أو أنا موافِقةٌ موافَقةً صريحة؛ لذلك قال: الثيب أحق بنفسها، والبكر يستأذنها أبوها فجعل بينهما فرقا، البكر تستأذن والثيب تستأمر، ما الفرق بين تستأذن وتستأمر؟
تستأمر يعني يطلب أمرها، يعني تقول: زوجوه، اعقدوا له كأنها أمرتهم، وأما البكر فإنها تستأذن، إذا أذنت بالسكوت أو بالإشارة فلا بأس، كان ذلك دليلًا على الموافقة.



http://www.ibn-jebreen.com/?t=books&...=197&page=7135
أليا صهل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس