عرض مشاركة واحدة
قديم 25-06-2009, 09:03 AM   #24
يد النجر
فريق المتابعة اليومية - عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 15,043

 
افتراضي

إيكنوميات
الأزمة المالية والتأمين
علي القحيص*

مع انفجار الأزمة المالية العالمية، بدت كافة القطاعات الاقتصادية في العالم معرضة للتأثر والتفاعل مع هذه الأزمة، التي لابد أن تلقي بظلالها على معظم الشركات الكبرى على اختلافها، ومن هذه الشركات كانت طبعا شركات التأمين العالمية التي ترتبط بشكل كبير بالكثير من البنوك، والقطاعات الاقتصادية على اختلافها.

ففي بداية هذه الأزمة التي تعرضت لها السوق المالية الأمريكية، رأينا كيف أثر ذلك في أكبر شركة تأمين أمريكية وعالمية وهي شركة أمريكان إنترناشيونال جروب (AIG)، والتي تعد من كبريات شركات التأمين في العالم حيث تبلغ أصولها في السوق العالمية نحو 1.1 ترليون دولار، فيما يزيد عدد المستفيدين من خدماتها على 74 مليون شخص في 130 دولة ويعمل فيها 116 ألف موظف. ويمكن اعتبار هذه الشركة الضحية الثانية من ضحايا هذه الأزمة المالية الأمريكية بعد بنك ليمان الذي انهار تماما.

ومع أن التركيز كان على البنوك خلال الحديث عن الازمة المالية إلا أن الأوساط الاقتصادية الأمريكية والعالمية لم تقلل من المخاطر الناشئة عن انهيار شركات التأمين العالمية، وإنما ذهبت الى الاعتقاد بأن هكذا انهيار ربما سيكون أكثر كارثية حتى من انهيار البنوك، خاصة وأن انهيارها سوف يمس قاعدة عريضة من العملاء على مستوى العالم، مما سيكون له آثار سلبية كبيرة، ولأن الأزمة عالمية بامتياز، وتداعياتها ستطال العالم بأسره يحق لنا أن نتساءل عن اثر انهيار أو إفلاس شركات التأمين العالمية الكبرى علينا كعرب بصفة عامة وعلى دول الخليج خاصة، ويتزايد مثل هذا القلق مع احتمالية ارتباط شركات التأمين العربية بعقود إعادة تأمين مع الشركات العالمية الكبرى، لأنه في هذه الحالة فإن عجز شركات التأمين العالمية عن الوفاء بالتزاماتها تجاه هذه الشركات قد يعرّض إحدى شركات التأمين للإفلاس، وهنا يكمن الخطر وهنا يفتح الباب أمام تساؤل كبير حول مصير الكثير من العملاء الذين يتعاملون مع شركات التأمين هذه ،لا سيما إذا لم تتسم سياسة هذه الشركات بالشفافية والدقة والوضوح، حيث يسمع بين حين وآخر عن محاولات تتبعها شركة التأمين هذه أو تلك للتهرب من التزامات عليها عبر وسائل التفافية، وهذه الأخبار بدأت تتزايد بشكل واضح بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية.

ومع أن مثل هذه الأخبار حول محاولات تهرب قد تسعى إليها بعض شركات التأمين نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في العالم، إلا أنه من المهم جدا التوقف عندها لا سيما وان شرائح واسعة من المجتمع، على علاقة مباشرة او غير مباشرة مع هذه الشركات، وبالتالي لابد من وجود سياسة تتسم بالشفافية والحسم، تضع العملاء الذين يتعاملون مع هذه الشركات في مواقع الطمأنينة وليس في مهاوي القلق والخوف المستمرين.

خاصة وأن بعض البنوك قامت بإضافة مخاطر الإنهاء القسري من العمل (التفنيش) الى وثائق التأمين على الأفراد الحاصلين على قروض شخصية وبطاقات الائتمان لتضاف إلى التغطيات التأمينية الأخرى على المقترض والتي تشمل مخاطر الإصابة، العجز، والوفاة بحيث تلتزم شركة التأمين بسداد المبالغ المستحقة.

مع إصرار تلك البنوك على تغطية مخاطر فقدان الوظائف للحاصلين على القروض والبطاقات الائتمانية تباينت ردود الفعل لدى شركات التأمين تجاه تلك المطالب ففي الوقت الذي استجابت فيه عدد من شركات التأمين رفضت شركات تأمين أخرى توسيع نطاق التغطية التأمينية للحاصلين على القروض الشخصية وبطاقات الائتمان لتشمل مخاطر الإنهاء القسري لخدمات العاملين وفضلت تلك الشركات إرجاء تلك الخطوة الى الربع الثالث من العام الجاري على أمل انكسار حدة (التفنيشات) أو استقرارها على اقل تقدير.

وما يقال في هذا الجانب قد يقال في جوانب أخرى من مفاصل الحياة، وإزاء هذا الواقع يحق لنا ان نطالب شركات التأمين بايضاحات مستمرة عن مدى تأثرها بالأزمة المالية العالمية وكيفية تعاملها معها وهل تفي بالتزاماتها المبرمة وتنفذ عقودها؟ بدلا من ترك الأمور عائمة تخضع لمحاولات هذه الشركة او تلك، استخدام الأزمة المالية العالمية شماعة تعلق عليها أخطاءها أو تهربها من مسؤولياتها؟!

*المدير الإقليمي لمكتب دبي
يد النجر غير متواجد حالياً