عرض مشاركة واحدة
قديم 15-08-2009, 07:48 AM   #24
سهام الليل2
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: May 2005
المشاركات: 679

 
افتراضي

لكل شيء اذا ماتمّ ( رثاء الأندلس )


رقم القصيدة : 719 نوع القصيدة : فصحى ملف صوتي: لا يوجد




لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ: فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأيامُ كما شاهدتها دُولٌ: مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحد :ولا يدوم على حالٍ لها شان
يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ: إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ
وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ: كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان
أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ: وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ: وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
وأين ما حازه قارون من ذهب: وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟
أتى على الكُل أمر لا مَرد له: حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك: كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه: وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ: يومًا ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ
فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة: وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ
وللحوادث سُلوان يسهلها: وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له: هوى له أُحدٌ وانهدْ ثهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فامتحنتْ: حتى خَلت منه أقطارٌ وبُلدانُ
فاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً): وأينَ (شاطبةٌ) أمْ أينَ (جَيَّانُ)
وأين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم :من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ: ونهرهُا العَذبُ فياضٌ وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما :عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من ! ;أسفٍ: كما بكى لفراق الإلفِ هيمانُ
على ديار من الإسلام خالية: قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ
حيث المساجد قد صارت كنائسَ: ما فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ: حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ :إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ: أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟
تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمها: وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً: كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيُوفَ الهندِ مرهفةُ: كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ: لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ: فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم :قتلى وأسرى فما يهتز إنسان ؟
ماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ: وأنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ ؟
ألا نفوسٌ أبياتٌ لها هممٌ: أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ: أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم: واليومَ هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ: عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ: لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما: كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت: كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً :والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ: إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
سهام الليل2 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس