عرض مشاركة واحدة
قديم 02-01-2012, 01:20 AM   #53
aljebiri
فريق المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,234

 
افتراضي

محللون لـ "الاقتصادية" : 2012 عام صراع التشريعات البنكية
اليوم .. العالم يبدأ في معاقبة المصارف العملاقة بـ «بازل 3».. والبنوك تقاوم


محمد البيشي من الرياض
يدخل اليوم مع انطلاقة العام الجديد القطاع المالي العالمي مرحلة جديدة من تاريخه تتمثل في بدء أولى مراحل تطبيق معايير اتفاقية ''بازل 3''، المسماة باسم اللجنة الدولية للأجهزة التنظيمية في سويسرا التي أصدرت القواعد، وهي رزمة معقدة من الإصلاحات التي تهدف إلى جعل البنوك أكثر قوة وأقل احتمالا للحاجة للإنقاذ في المستقبل.

وهي تجبر جميع المقرضين ـــ خاصة أكبرهم ــــ على تجميع مصدات من الأسهم والنقد والأصول السائلة لحماية أنفسهم من الخسائر غير المتوقعة أو من أزمة أخرى في السوق.

هذه الخطة التي تستمر حتى عام 2018 وجدت اعتراضات متنوعة من عدد من البنوك الكبيرة في العالم التي تعتقد أن خطة لجنة بازل لإخضاع المؤسسات المصرفية الضخمة في العالم لمتطلبات أعلى لرأس المال من تلك التي يواجهها نظراؤهم الأصغر حجما، ليست مدروسة وخاطئة اقتصاديا وفلسفيا، وكان الهجوم الأشد قادما من أمريكا وأوروبا.

كان تبادل الانتقادات الحادة في واشنطن أكثر من مجرد حادثة وحيدة. فوراء الشكاوى بشأن تكافؤ الفرص والعدالة، تستعد الصناعة بأكملها لشن هجوم شامل على اتفاق بازل، الذي تمت الإشادة به العام الماضي باعتباره أهم خطوة نحو منع الكارثة المالية المقبلة. وقد تحدد السنة الجارية أو نحو ذلك، فيما إذا كان سيظل لهذا الاتفاق قوة كافية لإعادة تشكيل الأعمال المصرفية بشكل جوهري.

من وجهة نظر المصرفيين في تقارير متنوعة لـ ''الفاينانشيال تايمز''، فهم يحافظون على الاقتصاد العالمي الهش بالفعل والنظام المالي العالمي. ويقولون إن إكراههم على الاحتفاظ بمزيد من رأس المال والسيولة منخفضة الإيرادات ستجعل كثيرا من مجالات عملهم غير مربحة وترفع التكاليف بالنسبة للعملاء. وتشير تقديرات معهد التمويل الدولي إلى أن رزمة الإصلاحات قد ترفع تكاليف الاقتراض بنسبة 3.5 في المائة، وتقلص الناتج العالمي بنسبة 3.2 في المائة بحلول عام 2015 وتكلف 7.5 مليون وظيفة.


لكن الأجهزة التنظيمية تنظر إلى الأمر بشكل مختلف، بالنسبة لها، فإن التهديد الحقيقي هو الصناعة غير المنظمة التي لا تزال مدمنة على التمويل قصير الأجل الذي قد يجف بشكل سريع جدا. ويقولون أيضا إن الأرباح لا تزال تعتمد بشكل كبير على المشتقات الخطرة وتجارة العقارات. وتشير ''دراسات التأثير'' الخاصة بهذه الأجهزة إلى أن فرض شروط تهدف إلى بناء وتقوية رأس المال لن يخفض النمو إلا بشكل معتدل على المدى القصير. وفوائد الاستقرار ستفوق كثيرا على المدى الطويل أي ألم ناتج عن ذلك.

وعند هذه النقطة يقول لـ ''الاقتصادية عبد المحسن البدر، اقتصادي ومحلل سعودي إن عام 2012 سيكون عام صراع التشريعات والمؤسسات المالية، مشيرا إلى أنه منذ الربع الثالث من عام 2008، والعالم يعيش ويلات أزمة الائتمان الأمريكية التي تحولت إلى أزمة ماليه على مستويات متعددة اقتصاديا، وعلى الولايات المتحدة وأوروبا بشكل جغرافي تحديدا.

وأضاف ''شهدت الولايات المتحدة منذ ذلك الوقت عديدا من الإجراءات والتعديلات والخطط لتحفيز الاقتصاد، ومنها الصحيح ومنها ما تدور حوله الشبهات كما حدث في التيسير الكمي 2. وبعد ذلك انتقلت العدوى إلى الاقتصاد الأوروبي على مستوى الدول وليس الشركات، وبدأ مسلسل أزمة الديون السيادية في إيرلندا، ومن ثم اليونان التي أدخلت العالم والاتحاد الأوروبي تحديدا في متلازمة خطط الإنقاذ التي بدأت بـ 154 مليار دولار لليونان إلى 300 مليار دولار وهي قيمة الديون التي ممكن أن تخسرها بنوك ألمانيا وفرنسا''.

وبين البدر أن ذلك نتج عنه أخيرا تخفيض لتصنيف بعض البنوك الفرنسية، ولم يتوقف الحال عند اليونان بل إن البرتغال دخلت ناديا لمديونية وقام الاتحاد الأوروبي ''المغلوب على أمره'' بإعداد خطة إنقاذ بنحو 220 مليار دولار لمساعدة إيرلندا والبرتغال.

في المقابل يؤكد تركي بن عبد العزيز الحقيل، مصرفي سعودي أن الهدف من الإصلاحات المقترحة باتفاقية بازل 3 هي زيادة متطلبات رؤوس أموال البنوك على مراحل متفاوتة حتى عام 2018، بغية تعزيز جودة رؤوس الأموال في القطاع البنكي بشكل تدريجي حتى يتسنى له تحمل الخسائر خلال التقلبات الاقتصادية والمالية، وإنهاء الفكرة التي سادت في الأعوام السابقة تحت عنوان '' أكبر من أن ينهار''.

ويعتقد الحقيل أن اقتراح لجنة بازل برفع الحد الأدنى من متطلبات حقوق المساهمين، هو من أعلى أشكال رأس المال الذي يمكن أن يستوعب الخسائر، من النسبة الحالية التي تبلغ 2 في المائة إلى 4.5 في المائة، مشيرا إلى إن متطلبات رأس المال، التي تشمل حقوق المساهمين وبعض الأدوات المالية المؤهلة الأخرى بناءً على معايير صارمة، سيتم رفعها من 4 في المائة إلى 6 في المائة.

سوني كابور، المدير الإداري لمركز الأبحاث، في ''ري ـــ ديفاين''، المختص في الدراسات المالية: يقول من ناحيته ''تسعى البنوك الكبيرة إلى عكس التقدم المتواضع نسبيا الذي تم إحرازه في مجال تحسين التنظيم حتى الآن، مستغلة الأزمة الاقتصادية نفسها التي ساعدت على التسبب بها كذريعة، فيما يقول تومهو يرتاس، الذي مثل المملكة المتحدة في عديد من محادثات بازل: ''الأزمة أشبه بنوبة قلبية للبنوك. فقد يرغب بعض الناس في عدم الانقطاع عن التدخين والكحول، ولكن ما نطلب من البنوك فعله هو التحلي بانضباط السوق على غرار المؤسسات غير المصرفية''.

وهنا يعود المصرفي السعودي الحقيل ليؤكد أن الأزمة المالية التي حدثت أخيرا كشفت عن مشكلة تدني مستوى جودة الائتمان في ميزانيات البنوك خاصة بعد فترة من نمو القروض بمستوى عال.

وتقترح هذه الإصلاحات تخصيص رأس مال تحوطي تحتفظ به البنوك، لمقابلة أزمات تقلب الدورات الاقتصادية بنسبة 2.5 في المائة من حقوق المساهمين أو من رأسمال آخر يضمن امتصاص الخسائر بشكل تام على أن يتم تطبيق ذلك وفقا للظروف المحلية لكل بلد.

ويقول ''إن الغرض من تخصيص رؤوس أموال الحماية لمقاومة تقلبات الدورة الاقتصادية هو تحقيق الهدف الأكثر حصافة المتمثل في حماية القطاع البنكي من فترات الإفراط في نمو الائتمان الكلي. وسيبدأ سريان رؤوس أموال الحماية المذكور فقط عندما يكون هناك إفراط في النمو الائتماني نتج عنه تنامي المخاطر على مستوى النظام بكامله. وستكون نسبة أموال الحماية هذه أعلى للدول التي تشهد نموا عاليا في مستويات الائتمان''.

وعلاوة على الحد الأدنى المطلوب وفقاً للأنظمة الحالية على أن يتكون من حقوق المساهمين. فإن الغرض من الأموال التحوطية وفق الحقيل هو ضمان احتفاظ البنوك برأسمال حماية يمكن استخدامه لامتصاص الخسائر خلال فترات الأزمات المالية والاقتصادية. وأيضا زيادة نسبة كفاية رأس المال من 8 في المائة إلى 10.5 في المائة.

عبد المحسن البدر يذهب بعيدا في تحميل البنوك مسؤولية الأزمة ووجوب معاقبتها. إذ يقول ''القاسم المشترك في جميع المشكلات الاقتصادية العالمية هي المؤسسات المالية، فهي التي تسببت في الشرارة الأولى عام 2008، وهي التي أشهرت إفلاسها في أمريكا ونالت عقاب استحداثها لأدوات مالية، ومغامرات استثمارية لم يكن المشرع الأمريكي يعلم عنها أو لا يود أن يعرف عنها، وأتت النتائج كبيرة على الاقتصاد الأمريكي وأدخل معه الاقتصاد العالمي إلى دوامة الانكماش.

ويتابع ''واليوم أصبحت أوروبا في خطر مواجهة ما واجهه الاقتصاد الأمريكي حينها، ولكن هناك محاولات كبيرة على جميع المستويات لكيلا تستمر كرة الثلج التي إن أكلت أوروبا، فإنها تعني أن الاقتصاد العالمي يواجه مصيره المحتوم، ولذلك نرى التحركات الكبيرة في أوروبا، فمن جهة تحاول احتواء الأزمة وعدم توسعها، ومن جهة أخرى، تحاول المحافظة على المؤسسات المالية الأوروبية من خطر الإفلاس الذي بلا شك سيضاعف المخاطر والاحتمالات بالركود الاقتصادي''.

وفي المحصلة يتفق المحللان السعوديان على أن التشريعات المالية العالمية وتحديدا ''بازل 2'' و''بازل 3''، هي محاولات مستميتة لوضع أطر واضحة لطريقة عمل المؤسسات المالية، في سبيل إيقاف كرة الثلج ورفع مستويات التحوط تجاه دخول البنوك في أي مستويات مخاطر جديدة على حد قول البدر، وفي الوقت نفسه فإن البنوك العالمية وتحديدا الأوروبية تواجه تحدي الإفلاس في حالة فشل بعض الدول الأوروبية في الوفاء بالتزاماتها تجاه ديونها السيادية، وهذه المخاوف تستخدمها المؤسسات المالية كوسيلة ضغط على المشرع، بهدف الحصول على قيود مالية أقل تشدداً.

ويختتم البدر بالقول ''من وجهة نظري إن عام 2012 ،هو عام الفصل في تحديد مسار واضح للاقتصاد العالمي، واختبار حقيقي لمدى قدرة التشريعات المالية على التناغم مع متطلبات المؤسسات المالية ومخاوفها، إما بالوصال أو بالفصال''.
aljebiri غير متواجد حالياً