«كوبري العمال» في جدة.. تجمعات متعددة الجنسيات
الأربعاء, 7 مايو 2008
محمد المرعشي - جدة تصوير: أحمد حجازي
لا تستغرب إن قادتك الصدفة ووقفت بسيارتك هناك ووجدت عشرات المخالفين يتجمعون حولك في محاولة للذهاب معك في أي عمل تريده سواء نجارة أو سباكة أو كهرباء.. لا تتعجب فأنت الآن تحت «كوبري العمال» الذي يوصف بأنه تجمعات المخالفين من كل بلاد الدنيا.
مجرى السيل.. أو ما يعرف بـ«كوبري العمال» اسم ذائع الشهرة عرف به حي الروابي جنوب مدينة جدة عن غيره من الأحياء الأخرى.. ومنذ عام 1398هـ عرف الأهالي هذا المعلم البارز وكان السبب في إنشائه حماية جدة من مخاطر السيول القادمة إليها آنذاك من 12 واديا كانت تصب في هذه المدينة الحالمة التي كانت في مرمى السيول.
ويرجع الأهالي السبب في تسميته بـ«كوبري العمال» لتجمع العمالة المخالفين من أصحاب المهن المختلفة عنده كل صباح بحثا عن الرزق فمنهم النجار والسباك والحداد والكهربائي.. فأصبح المكان مألوفا ومتعارفا عليه بين أوساط مخالفي الإقامة والعمل القادمين إلى المملكة للحج أو العمرة ويمكثون بعد ذلك شهورا وسنوات طويلة أملا في باب رزق جديد قد يجدونه في هذا المكان.
«المدينة» رصدت بالكلمة والصورة تاريخ هذا المجرى وما يحتويه من مخالفات صريحة.. كل الجهات الخدمية والأمنية باتت مسؤولة عنها، فالواقع هناك يحكي ما آل إليه هذا المكان من مخالفات وتجاوزات قانونية ونظامية فمن الصعب جدا أن تعرف صاحب المهنة أو من يدعيها، فتجد هذا العامل يحمل في يديه مفتاحا وأسلاكا مدعيا أنه كهربائي والآخر يحمل عدة النجارة مدعيا أنه يتقنها ولكن الحقيقة هناك تتحدث عن شيء آخر مغاير لما يدعونه تماما وهذا ما يتحدث عنه السكان هناك حيث أصبحوا لا يثقون في هؤلاء العمال بسبب ادعائهم ما لا يتقنون.
العمل باليومية
وهذا ما ذهب إليه سحمي بن عبدالله القرني الذي يشير أولا إلى تاريخ هذا الجسر الذي تم إنشاؤه قبل سنوات طويلة، وحينها لم تكن المباني السكنية والكثافة المرورية بهذا الشكل، مبينا أن الأهالي هنا عرفوا هذا المكان بتجمع العمالة المخالفين منذ فترة طويلة حيث يحرصون على التجمع بحثا عن ما يسمى «اليومية» والتي تبلغ من 30 إلى 70 ريالا، واليومية كما يسميها القرني هي عبارة عن فترة تمتد من الصباح إلى المغرب يقضيها العامل في إنجاز عمل ما، ويتقاضى بعدها مبلغا من المال نظير ما قام به من عمل. ويشير إلى أن معظم هؤلاء العمال هم من مخالفي نظام الإقامة والعمل، يتجمعون هنا بعد أن يقضوا مناسك الحج أو العمرة حيث إن الجهات الأمنية لا تألو جهدا في مطاردتهم وإلقاء القبض عليهم وترحيلهم إلى بلدانهم إلا أنهم يعودون بعد ذلك مرة أخرى هم وغيرهم من العمال الآخرين الذين يفدون في مواسم الحج والعمرة.
ترحيل ثم عودة
15 عاما قضاها حسن عبده «يمني» في هذا المكان، فهو كما يقول: عرفت هذا المكان منذ سنوات طويلة ولا أحمل إقامة نظامية كغيري من العمال الآخرين الذين يفضلون التجمع في هذا المكان بحثا عن فرصة عمل قد يجدونها يوما و10 أيام لا يجدونها. ويشير إلى أن الجهات الأمنية عادةً ما تلقي القبض عليهم ويتم ترحيلهم إلى بلدانهم ولا يلبثون فترة طويلة إلا ويعودوا مرة أخرى إلى هذا المكان الذي أصبح عشقهم الوحيد والمكان الذي قد يجدون فيه ضالتهم التي يبحثون عنها كل يوم.
العامل هناك في ترقب صامت عينه على دوريات الجوزات والأخرى على «الزبون» فما أن تتوقف السيارة إلا ويتجمع العمال حولها من كل حدب وصوب، فيصبح سائق المركبة في حيرة من أمره لا يدري مع من يتفاوض، ولن يكون بوسعه إلا الابتعاد عن هذا المكان والترجل إلى هذا الموقع والتفاوض بسرية تامة مع من يرغب في العمل معه.