عرض مشاركة واحدة
قديم 22-07-2009, 07:38 AM   #13
الاسرار العجيبه
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,024

 
افتراضي

السعودية ليست للسعوديين!

خالد الفريان
من المفارقات الصارخة و العجيبة أن السعودية هي في قائمة أقل الدول في العالم من حيث استخدام العمالة الوطنية وكذلك من حيث أعداد العاملين الأجانب المقيمين في البلد، ومع ذلك تطرح "السعودة" دائما على قمة المعوقات التي يعاني منها القطاع الخاص في المملكة، التي تتلذذ بعض وسائل الإعلام بإبرازها، حتى أصبح هناك عاطلون عن العمل يتعاطفون مع رجال الأعمال، وما يواجهونه من معوقات ( بسبب عدم توظيفهم ) !!
وهذه المفارقة الصارخة بتداخلاتها وتشعباتها هي واحدة من مفارقات وسلبيات عديدة يعاني منها سوق العمل في البلاد، والذي يعاني من خلل هيكلي لم تدرس بعد أسبابه وكيفية معالجته بصور شاملة، رغم أن غياب معالجة الخلل في سوق العمل وفقا لرؤية شاملة تأخذ في الاعتبار كافة الأبعاد هو السبب الرئيس لاستمرار مشكلتي البطالة والفقر، مع التأكيد على أن توظيف مواطنين برواتب هزيلة مقارنة بمستوى الدخل العام، قد تقل عن الألفي ريال، وقد تصل إلى حدود الألف ريال في بعض الوظائف، وبخاصة في بعض المناطق الأقل نمواً (وذلك كما ورد في إحصاءات رسمية سبق استعراضها في هذه الزاوية) ربما يقلل من نسب البطالة، ولكنه يزيد من نسبة الفقراء، وهنا نبقى ندور في حلقة مفرغة.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد اطلعت على موقع خاص بحملة (السعودية للسعوديين) والتي تستهدف وفقا للموقع – بعد بعض الاختصار والتعديل - المطالبة بما يلي:
1 ) تنفيذ نظام العمل بحيث لا يتم استقدم أي عمالة أجنبيه إلا في التخصصات النادرة، مع قيام الشركات والقطاعات الأهلية بتدريب وتأهيل المواطنين للعمل.
2 ) رفع الظلم الواقع على المواطنين من العاملين بقطاعات حكومية وأهلية ممن يعملون بعقود تتضمن بنوداً مخالفة لنظام العمل والعمال
3 ) وضع حد أدنى لأجور السعوديين.
4 ) مراقبة الشركات التي تتلاعب بالأوراق المقدمة للتأمينات الاجتماعية أوتوظف أجانب مخالفين لأنظمة الإقامة ولا يحملون تراخيص للعمل أو يعملون بمهن تخالف ما تم استقدامهم من اجله.
5 ) أن تكون السعودة بجميع المهن وليس فقط بالمهن الدنيا.6 ) قيام جهة مستقلة بعمل تعداد لمعرفة العدد الفعلي للعاطلين في السعودية7 ) وضع وزارة العمل برنامج بتعاون مع الشركات الكبرى لتدريب الشباب السعودي وتأهيله .
8) قيام جهة مستقلة بمراقبة عمل الشركات التي تحارب السعودة أو يمارس المديرون فيها حرباً نفسية لطرد السعوديين.
و يبدو لي أن هذه الأهداف جيدة في المجمل، وقد نبعت من معاناة حقيقية، يجب التعامل معها بجدية أكبر مما هو الواقع الحالي.
ولكني لا أتفق إطلاقاً مع مسمى ولغة الحملة التي توحي بالعنصرية والانغلاق، بينما يجب أن نفتخر بأن السعودية كانت ولا تزال للسعوديين وغيرهم ممن يسهمون في تنميتها والتي شملت العديد من الجوانب المتميزة، مع بعض الجوانب السلبية التي تم الإشارة لها في مقدمة المقالة .
إن الطرح المتشدد في هذا الجانب ، واللغة الاستفزازية الحادة ضد العمالة الأجنبية قد تتطور وتؤدي – لا سمح الله - إلى إيذاء الأجانب المقيمين بأي شكل ، وهذا أمر مرفوض بكل شكل.
ومن الضروري كسب ولاء الأجانب المقيمين في البلد، والتعامل معهم برقي وانفتاح واحترام - وليس التحريض على معاداتهم و كرههم أو التعالي على المستضعفين منهم - وهذا مطلب إنساني وديني، بل هو مطلب وطني لتحقيق مصلحتنا أخذا في الاعتبار أننا بأمس الحاجة إليهم في العديد من الأعمال بداية من أكبر مهندس، حتى أصغر عامل نظافة، ولا يمكن لنا الاستغناء عنهم ويكفي كأمثلة سريعة لتأكيد ذلك أن نحو ثلاثة أرباع العاملين في الطب والتمريض هم من غير السعوديين الذين يصعب تعويضهم، و معظم مصانعنا الكبيرة وكبريات المنشآت الهامة تعتمد في الجوانب الفنية الرئيسة على الخبرات الأجنبية غير المتوفرة محليا.
كما لا أتفق مع كل طرح يتوجه باللوم والنقد إلى الأجانب المقيمين في البلد إقامة نظامية، ويحملهم مسؤولية تعثر برامج "السعودة" فهؤلاء شاركونا ويشاركونا في التنمية، وهم شركاء في بناء الوطن ومن حقهم البحث عن المكان الذي يوفر لهم فرصاً وظيفية أفضل.
وإذا كان لدينا إشكاليات تنظيمية (ولدينا الكثير) فيجب أن نعالجها وأن نطالب بقوة وإصرار بمعالجتها برؤية واعية وخطط شاملة بمعزل عن بث روح الكراهية ضد الأخر وتحميله مسئولية عجزنا عن تنظيم سوق العمل في بلادنا ومعالجة جوانب الخلل فيه، ومسؤولية عجزنا عن ربط الدعم والحوافز والإعانات الحكومية المقدمة للقطاع الخاص بمدى مساهمته الفعلية في تحقيق الأهداف التنموية وأهمها تدريب وتأهيل وتوظيف المواطنين برواتب تتناسب مع مستوى الدخل العام أسوة بالدول المتقدمة، بينما قد نحفز وندعم مؤسسات تستهدف فقط الربح السريع الذي يحتم عدم توظيف مواطن واحد ! ، أو في أحسن الأحوال توظيف مواطن من بين كل عشرين، أي 5 % المطلوبة وفقا لأنظمتنا "الظريفة"!
الاسرار العجيبه غير متواجد حالياً