البيئة الاستثمارية في المملكة
هناك ثلاث معضلات تواجه الاستثمار الأجنبي فى المملكة حسب آخر تقرير صدر عن هيئة الاستثمار الدولية وأول هذه التحديات يتمثل في عدم توفر البنية الأساسية التي تساعد على إنشاء وحدات اقتصادية مجزية وفعالة فى المدن الصناعية. وعلى سبيل المثال تفتقر المدن الصناعية إلى الخدمات المطلوبة حيث تعاني بعض المجمعات الاقتصادية من النقص فى توفر المساحات الكافية لاستيعاب المشاريع الاقتصادية والصناعية بالإضافة إلى ذلك الطاقة الكهربائية وخدمات التفريغ والتخزين والتوزيع والتسويق ونحو ذلك. والمشكلة الثانية من التحديات التي تواجه البيئة الاستثمارية في المملكة القوانين والأنظمة حيث مازالت الأنظمة الاستثمارية تراوح مكانها دون تطوير وتحديث الأمر الذى لا يشجع المستثمر على الاتجاه نحو الاستثمار فى الداخل. والحقيقة أن معظم الأنظمة الاستثمارية الجارية تستند إلى رؤية سابقة وفى مرحلة لا تتوافق مع احتياجات ومتطلبات المرحلة الحالية ولذلك فان الحصول على الخدمة او الترخيص ربما يحتاج الى كثير من الوقت والجهد حتى يتحقق الأمر بالإضافة إلى عدم مواءمة ما يجرى الآن مع ما يمكن أن يسمح به النظام. الغريب فى الأمر أن الهيئة العامة للاستثمار تشتكى من فوات الفرص الاستثمارية فى المملكة وضياع الملايين من الريالات للمشاريع الاستثمارية بسبب القصور الكبير فى الأنظمة الاستثمارية وبطء الإجراءات، ودرجة الاستغراب أن الهيئة كان من المفترض أن تكون الجهة المعنية بإيجاد الحلول العملية لتيسير الاستثمار وليس تقديم الشكاوى ضد الجهات المعنية والمرتبطة بالاستثمار الأجنبي فى البيئة الداخلية.
المشكلة الثالثة والهامة تتمثل في نقص الأيدي العاملة المدربة والماهرة والقادرة على شغل الوظائف الهامة والضرورية فى المشاريع. وعلى الرغم من أهمية تطبيق مشروع السعودة كواجب وطني يجب أن نعمل جميعاً من أجله وهذا حق مشروع للمواطن أن يعمل ويجد العمل فى موطنة. على الرغم من كل هذه التداعيات إلا أن الموضوع يتوقف عند مدى كفاءة الأيدي العاملة والمهارات التي يجب أن تتوفر لدى الموارد البشرية. وهذا الأمر يتطلب تكثيف الجهود نحو تطوير قدرات الأيدي العاملة وإكسابها المهارات الفنية والوظيفية والسلوكية حتى تتمكن من تحقيق احتياجات المشاريع والاستثمارات الأجنبية فى الداخل فليس من الممكن أن تتوقف المشاريع الاستثمارية بسبب نقص الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة .
أرجو أن تكون هناك مراجعة لحساباتنا حيث أن المؤشرات لا تشير إلى أي تقدم فى مجال الاستثمارات المحلية وهذا يعطل من الدورة الاقتصادية ولا بد من التحرك السريع.
حبيب الله محمد رحيم التركستاني
كلية الاقتصاد والإدارة- جامعة الملك عبد العزيز
|