دافوس شرم الشيخ.. حصان الاقتصاد الجامح يجر عربة السياسة المتهالكة
الأحد, 18 مايو 2008
عبدالوهاب الديب - شرم الشيخ
زاحمت هموم المشهد السياسي الراهن دوليا وإقليميا أجندة أضخم مؤتمر اقتصادي في العالم، حيث تشهد الدورة الجديدة لمنتدى دافوس التي تنطلق اليوم بمنتجع شرم الشيخ زحاما في البنود السياسية، لكنها لم تسحب البساط عن المساحة المخصصة لقضايا الاقتصاد.. وإن أعطت دلالة على أن «حصان الاقتصاد» هو الذي يجر «عربة السياسة» وليس العكس، واستبق الرئيس الأمريكي جورج بوش الافتتاح الرسمي للمنتدى بقمة ثلاثية مع نظيره المصري حسني مبارك والفلسطيني محمود عباس بأجندة سياسية تتعلق بالسلام والتسوية وإمكانية دفع المفاوضات بأمل إعلان دولة فلسطينية مستقلة قبل نهاية العام الجاري متواصلة وواضحة الحدود وليست مثل «الجبن السويسري» حسب وصف رجل أمريكا الأول الذي سيغادر كرسيه بنهاية العام الجاري.
لكن الاقتصاد كان طرفا في تلك القمة بالحديث عن ضرورة رفع الحصار الاقتصادي عن قطاع غزة وفتح المعابر الحدودية بما يسمح لسكان القطاع بالتواصل تجاريا وإنسانيا مع العالم الخارجي، ووقف التصعيد العسكري والتجريف للمحاصيل الفلسطينية والاستيطان مقابل وقف صواريخ المقاومة الفلسطينية على المستوطنات شمال الدول العبرية، فيما تبدأ الأجندة الاقتصادية عمليا للمنتدى الذي يعقد تحت شعار «التعلم من المستقبل» ويستمر أربعة أيام بجلسة افتتاحية يحضرها الرئيس مبارك لمناقشة عدد من السيناريوهات حول مستقبل المنطقة اقتصاديا وسياسيا.
وسيشارك في فعاليات المنتدى نحو 13 من الملوك ورؤساء الدول والحكومات و1500 شخصية من70 دولة، ومن بين المشاركين بجانب الرئيس بوش وعباس العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والعاهل المغربي الملك محمد السادس، والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، وكذلك رؤساء جيبوتي، وأفغانستان، وسلوفينيا، ولاتفيا، وكازاخستان، وغانا، والأمير طلال بن عبدالعزيز رئيس برنامج الخليج الإنمائي.. ومن أبرز الشخصيات المشاركة في المنتدى كذلك رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ووزير الخزانة الأمريكي جون سنو بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي.
ويتوقع عقد جلسة مباحثات بين الدكتور يوسف رضا جيلاني رئيس الوزراء الباكستاني، مع الرئيس الأمريكي جورج بوش، بحضور حامد كرزاي رئيس جمهورية أفغانستان، كما تضم القائمة جوزيت شيران «المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي» وباسكال لامي «المدير العام لمنظمة التجارة العالمية» ومحمد بن ظاعن الهاملي «وزير الطاقة الإماراتي» وسوزان شواب «الممثل التجاري الأمريكي» وروبرت زوليك «رئيس البنك الدولي».
وأمام العدد الضخم من الشخصيات العالمية المشاركة في منتدى دافوس كثفت الداخلية المصرية إجراءاتها الأمنية بمدينة شرم الشيخ، تفاديا لأي هجمات إرهابية تستهدف المدينة التي شهدت تفجيرات واسعة السنوات الأخيرة، وصدرت أوامر للزوارق التي تعبر مضيق تيران بشرم الشيخ وهي منطقة شهيرة للغطس بالابتعاد تماما عن المنطقة، فيما يقوم رجال الأمن عند الفنادق بتفتيش الصندوق الخلفي للسيارات وبطاقات الهوية بشكل أكثر دقة من المعتاد، فيما عقد مدير أمن جنوب سيناء اجتماعا موسعا مع القيادات الأمنية بالمحافظة للعمل على تأمين مداخل ومخارج المدينة، والعمل على تيسير حركة المرور خلال أيام انعقاد المؤتمر. وتفقد جميع المواقع الأمنية ونقاط المرور بداية من عيون موسى، وحتى شرم الشيخ وطابا، للتأكد من تنفيذ الخطة الأمنية التي تم وضعها بينما كلفت وزارة السياحة المصرية شركة عالمية سويسرية لمراقبة ومراجعة جميع الخدمات المقدمة بالفنادق الستة التي تتركز بها إقامة المشاركين في مؤتمر دافوس، وهناك إجراءات مشددة لمراقبة تداول الأغذية والمشروبات بشكل صحي وآمن طبقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية والشروط البيئية وأعلى مستوى من النظافة الشخصية للأفراد القائمين علي الخدمة تطبقها الشركة في 140 دولة تقوم بمهام إشرافية ورقابية.
ويناقش المنتدى على مدار أربعة أيام عددا من قضايا الاقتصاد المرتبطة بالتفاعلات والأزمات السياسية وعلى رأسها أزمات ارتفاع أسعار الحبوب كالقمح والأرز وارتفاع أسعار النفط وتجاوز البرميل حاجز 127 دولارا بالإضافة لبحث الفرص الاستثمارية التي يطرحها ممثلو الدول المشاركة ومنح الفرص للحكومات والمؤسسات الاستثمارية لإمكانية عقد اتفاقيات ثنائية أو جماعية لزيادة الاستثمارات البينية والمبادلات التجارية، ويرأس الدكتور أحمد نظيف «رئيس وزراء مصر» وفد بلاده في المنتدى، ويضم الوفد وزراء المالية والصناعة والتجارة والاتصالات والسياحة، إلى جانب عدد كبير من الخبراء والاقتصاديين. ويعرض نظيف أمام المنتدى برامج الإصلاح التي تنفذها الحكومة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية، والخطوات التي قطعتها بنجاح لتهيئة المناخ الجاذب للاستثمار.
وقال المهندس رشيد محمد رشيد «وزير التجارة والصناعة المصري» إن الحديث الموسع عن القضايا السياسية في المنتدى لن تكون على حساب الهدف الرئيسي للمنتدى وهو الأجندة الاقتصادية، مشيرا إلى أن بلاده ستعرض ملفا اقتصاديا كاملا بعنوان «تحرير الطاقات الكامنة للاقتصاد المصري» تركز خلاله على استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي بجانب عدة مبادرات اقتصادية وتجارية لتفعيل التجارة والتبادل الاقتصادي بين الدول العربية من أهمها مبادرة توقيع اتفاقيات ترانزيت عربية، على غرار الاتفاقيات بين الدول الأوروبية وأمريكا اللاتينية، كما سيطلق المنتدى مبادرات لجذب الاستثمارات العالمية وتطوير التعليم في مصر، وسيطرح المشاركون فكرة عقد اجتماعي جديد لحماية الطبقات محدودة الدخل.
وأوضح أن معدل نمو الاقتصاد حقق العام الماضي ما يزيد على 7%.. كما أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة للسوق المصرية بلغ العام الماضي 11 مليار دولار، معربا عن أمله في تحقيق زيادة جديدة في حجم هذه الاستثمارات خلال العام الحالي كنتيجة لاستضافة دافوس.. وحول أزمة ارتفاع الأسعار ومكانتها في أجندة دافوس شرم الشيخ، أكد وزير التجارة والصناعة أنها ظاهرة عالمية وستحظى هذه الأزمة العالمية بمناقشات مكثفة على هامش المنتدى، وقال إن الاقتصاد المصري شهد أخيرا مرحلة من القوة والتنوع مكثفة من الصمود أمام الأزمة الاقتصادية العالمية والارتفاع غير المسبوق في أسعار السلع الغذائية.
وتابع يقول: لا يمكن السيطرة على الأسعار في الأسواق المحلية بعد موجة الارتفاعات المتتالية للأسعار العالمية فأسعار القمح ترتفع شهريا بنسبة 10.4% وكسر سعر الطن حاجز 500 دولار الأسبوع الماضي مقابل 190 دولارا لكنه كشف عن حلول لمواجهة هذه الارتفاعات عن طريق زيادة الدخول وإيجاد فرص عمل للشباب في ظل ارتفاع معدل النمو وإنشاء المصانع الجديدة.. وقال إن حكومة بلاده تدعم الفلاح المصري بزيادة أسعار توريد القمح المحلي من 180 إلى 320 جنيها للأردب كما ستتم إعادة النظر في الأسعار بما يتناسب مع الأسعار العالمية.