عرض مشاركة واحدة
قديم 23-05-2008, 07:28 AM   #32
bhkhalaf
الفريق الصحفي لتداول - عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 34,586

 
افتراضي

أبو ظبي: انطلاقة تنموية متروية واستفادة من أخطاء دبي

- أندرو إنجلند من لندن - 18/05/1429هـ

في كافة أرجاء الخليج تتحدث الحكومات حول الرؤى والاستراتيجيات – الحاجة إلى تنويع الاقتصادات، وتقليل الاعتماد على النفط، وخلق الوظائف. وفي كل يوم تبدو الروافع مكدسة، في الوقت الذي يتم فيه بناء اللوحات الإعلانية البراقة والملونة حول المشروع التالي.

تستطيع أبو ظبي، أكبر وأغنى إمارة من بين الإمارات السبع المكونة لدولة الإمارات، أن تدعي ملكية بعض أكثر المشروعات الكبيرة تكلفة التي تكتسح المنطقة: تأسيس "مدينة للطاقة المتجددة" بتكلفة 15 مليار دولار، ومشروع تطوير جزيرة ثقافية تبلغ تكلفته 27 مليار دولار، يضاهي متحفي غوغنهام واللوفر، وحلبة سباق الجائزة الكبرى لـ "الفورميلا وان" على جزيرة أخرى (تصل تكلفتها إلى 40 مليار دولار)، وخطط لتأسيس أول محطة للطاقة النووية في الخليج.

مع دخل الفرد السنوي الذي يقدر بنحو 67600 دولار، وفقاً لتقديرات ستاندر آند بورز، ووجود مبلغ يقدر بنحو 500 ـ 850 مليار دولار تديره سلطة استثمار أبو ظبي، فضلاً عن وجود أكثر من 90 في المائة من احتياطيات نفط وغاز الإمارات فيها، تبدو أبو ظبي في مركز جيد للغاية. وتشكل الإمارة نحو 57 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي للإمارات، ويتوقع أن تدوم احتياطياتها من النفط لمدة قرن من الزمان، علماً بأن إنتاجها الحالي يبلغ نحو 2.6 مليون برميل يومياً، تخطط لزيادته إلى أربعة ملايين برميل يومياً.

قبل عام أو أكثر، كان المسؤولون يتحدثون حول "الرؤية" – الرغبة في إعلاء شأن الإمارة الهادئة التي أمضت السنوات مبتعدة عن الأضواء بسعادة، وهي تراكم الثروة، بينما كانت دبي، جارتها الأكثر اندفاعاً، تحتل العناوين. ويتمثل هدف أبو ظبي اليوم في تنمية وتوسيع اقتصادها، بوجود استراتيجية لاستهداف قمة السوق – من السياحة إلى الطيران والطاقة، وخلق الوظائف من خلال قطاعات الخدمات، وتلك المتعلقة بإنتاج وتوزيع الطاقة.

لا يقول المسؤولون ذلك بشكل مباشر تماماً، لكنهم يأملون في تفادي أخطاء دبي الواضحة: تطورها غير المنظم في بعض الأحيان، وسمة التحرر التي يتميز بها مجتمعها العالمي الذي سيكون من الصعب هضمه في الثقافة البدوية لأبو ظبي.

إن القضية التي تواجه أبو ظبي على أية حال، هي كيفية تحقيق طموحها، لأن التوسع السريع يخلق العوائق التي لا تستطيع الثروة منفردة أن تتغلب عليها. ويقول المراقبون في الإمارة إن هناك جدلاً هادئاً، خصوصا بين الجيل الأكبر سناً، حول وتيرة التغيير وتداعياته.

ويشرف على التحول الشيخ خليفة بين زايد آل نهيان، حاكم الإمارة ورئيس الإمارات، وأخوه غير الشقيق الذي تلقى تدريبه في كلية سانت هيرست، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي العهد. وتولى الشيخ خليفة الحكم عام 2004، في أعقاب وفاة والده، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، القائد المؤسس للإمارات.

وفي حين كان الشيخ زايد يعتبر من قبل مواطنيه رجلاً "ذا رؤية"، لكنه محافظ أيضاً، إلا أن الجيل الجديد يعتبر أكثر إيجابية، وتواقاً لوضع أبو ظبي على الخريطة العالمية. والعبارة التي يتم ترديدها مراراً وتكراراً هي أن الشيخ خليفة (60 عاما) هو الرئيس، بينما يعتبر الشيخ محمد (47 عاماً) الرئيس التنفيذي العملي الذي ينبغي عليه أن يعالج الأمور.

ومن منظور صناعي، تثار مخاوف حول توافر الغاز لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء للاستخدامين المحلي والصناعي، خصوصا مع وجود سلسلة من الخطط الخاصة بمشروعات تتطلب طاقة كثيفة، من بينها أكبر موقع في العالم لصهر الألمنيوم، في طويلة.

مثل هذه المشروعات، فضلاً عن التوسع في الإمارات الأخرى، توضح السبب الذي من أجله اختارت الإمارات بقيادة أبو ظبي، أن تكون أول بلد خليجي يعلن أنه سيتخذ المسار النووي، بمباركة الولايات المتحدة، حليفتها الرئيسية.

وتضمنت ورقة حكومية تلخص خططها الذرية، أن سلطات الإمارات توصلت إلى نتيجة مفادها أن ذروة الطلب المحلي سترتفع إلى أكثر من 40 ألف مليون واط بحلول عام 2020، ما يعكس معدل نمو سنوي متراكم يبلغ 9 في المائة. لكنها تقدر أن كميات معروفة من الغاز الطبيعي يمكن جعلها متوافرة لقطاع الكهرباء، ستوفر الوقود المناسب لنحو 20 ـ 25 ألف مليون واط فقط بحلول عام 2020.

وهناك قضيتان خطيرتان أخريان – مترابطتان – تصارع السلطات بشأنهما، هما التضخم المرتفع والنقص الحاد في عقارات التجزئة والعقارات التجارية، ما يسبب ارتفاع الإيجارات بشكل صاروخي. ومن شأن هاتين القضيتين أن تعيقا الشركات والعمال المهاجرين إلى الإمارة، إذا أصبحتا أكثر سوءاً.

وتشكل الزيادات في الإيجارات نحو 50 في المائة من التضخم في أبو ظبي، الذي كان 10.7 في المائة العام الماضي، وتتفاقم آثاره بارتباط الدرهم الإماراتي بالدولار الأمريكي الضعيف.

وبحسب خلدون المبارك، رئيس سلطة الشؤون التنفيذية، وهي وحدة معنية بتنسيق وتشكل السياسات الجديدة، التضخم "هو المعركة الرئيسية التي نواجهها".

ويقول: "تتم مناقشة التضخم بطريقة محمومة للغاية على أساس يومي تقريباً، في كل دائرة من دوائر الحكومة، وفي المجلس التنفيذي، وفي المجال العام، لأن من الواضح أن التضخم يضرب الجميع عند مستوى الأرباح والخسائر".

وسيستغرق الأمر عدة سنوات لحل فجوة توافر العقارات، وتحدث طفرة البناء في أبو ظبي في الوقت ذاته الذي تحدث فيه تنمية هائلة تشمل المنطقة كلها – ما يسبب نقصاً في القوة البشرية العاملة والمعدات – يضاف إليها أسعار الأسمنت والصلب المرتفعة.

ويجري الآن بناء الجسور التي تربط مدينة أبو ظبي وجزيرة السعديات التي تستضيف المركز الثقافي، كما أن البناء يمضي قدماً على جزيرة ياس للتأكد من أن كل شيء جاهز في الوقت المناسب للجائزة الكبرى في أواخر عام 2009. لكن المراقبين يقولون إن التأخير في إنجاز المشروعات أمر حتمي.

ويعتقد المبارك أن الأداء كان ثابتاً حتى الآن، ويشير إلى تقليص الخدمة المدنية غير القوية، من 65 ألف عامل عام 2004 إلى 11226 عامل عام2007، من أجل تحسين الكفاءة. والهدف هو تخفيض ذلك العدد إلى ثمانية آلاف عامل هذا العام. وتم إنجاز ذلك بواسطة التقاعد المبكر، والتخصيص، وإسناد المهام إلى جهات خارجية. مثلا، يدير المستشفيين الرئيسيين في الإمارة مركز جونز هوبكنز الطبي الدولي، ومعهد كليفلاند.

وتبقى القضية الحاسمة التي يثيرها المواطنون والمغتربون هي العدد المتدني للموظفين المؤهلين وذوي الخبرة. ويقول علاء عريقات، نائب الرئيس التنفيذي المسؤول في بنك أبو ظبي التجاري: "لا يتعلق الأمر بوجود الأشخاص – ثمة عدد قليل للغاية اليوم - وإنما أيضاً أن يمتلك هؤلاء الأشخاص الخبرة ذات العلاقة".

ويلاحظ البعض أن عدد المواطنين المنخرطين في إدارة المشروعات يتزايد، لكن ليس بسرعة كافية.

ويرى أحد المراقبين المخضرمين أن المشكلة تتفاقم بوجود دائرة صغيرة من الأشخاص يتولون مسؤوليات ضخمة، ما يعني أن الموظفين في المراتب العليا مثقلون في أغلب الأحيان بعبء محافظ مالية عديدة. ويقول المراقب: "الأشخاص الرئيسيون لديهم عدد من الوظائف، وبعض الأشياء يتم إهمالها، وفي بعض الأحيان تكون ملحة ويتم إغفالها".

وتتصور الخطط الحكومية تزايد عدد السكان من 1.4 مليون نسمة، منهم 420 ألفا فقط من المواطنين، إلى أكثر من ثلاثة ملايين بحلول عام 2020.

وعدد العمال الأجانب الذين ينتقلون إلى أبو ظبي في تزايد، وفقاً لمسؤول في وزارة العمل. وعلى أية حال، تدفق العمال الأجانب يلمس قضية أخرى حساسة هي كيفية حماية ثقافة الإمارة. ويقول المراقبون إن المخاوف ذات شقين: ضمان أن يحتفظ الإمارتيون بالسيطرة والأمن، وحماية الهوية.

وعلى أبو ظبي أن تحمي مكانها في سوق مزدحمة بشكل متزايد، إذ تسعى الدول الخليجية الأخرى إلى تحقيق برامج طموحة.

يقول فيليب خوري، رئيس الأبحاث في البنك الإقليمي "إي إف جي – هيرمز": "السؤال المطروح: هل تفوقت دبي في السباق على الآخرين، وهل تستطيع كل من أبو ظبي وقطر، بالإنفاق أكثر وعند النهاية العليا، التغلب على مشكلة دخول السوق في وقت متأخر؟ علينا أن ننتظر لنرى. الأمر سيكون مرتبطا بالإسكان، وأسلوب الحياة، والبنية التحتية".
bhkhalaf غير متواجد حالياً