منتديات إلكترونية توفر متابعة لحظية للتداول تُدخِل صالات الأسهم دائرة الانقراض
منتديات الأسهم تطلق رصاصة الرحمة على صالات التداول
علي العنزي من الرياض
"من وين ما أطقها عوجا" عبارة قد تعكس حال الكثيرين من متداول الأسهم السعودية هذه الأيام، فوصف التعرض للخسارة وعدم التوفيق في شراء سهم معين حالة قد اعتادها الكثير ممن "يضاربون" في سوق الأسهم كونهم لا يستندون إلى خريطة أو دراسة أو انتقاء شركات ذات عوائد.
يشرحون أوضاعهم "المتدهورة" من خلال تعليقات وردودهم في المنتديات الإلكترونية التي خصص الكثير منها لمتابعة الأسهم، حيث بدأت ـــ أي منتديات الأسهم ـــ تشق طريقها بقوة لحصد عشرات الآلاف من الزوار يوميا عبر بثها للتوصيات التي عادت هذه الأيام، وأعادت معها السوق إلى زمن المضاربات، فأسهم خاسرة أو "خشاش" ـــ كما يطلق عليها البعض ـــ ها هي تعانق النسبة القصوى ولعدة أيام متتالية، وأخرى ترتفع لأكثر من خمسة أضعاف.
أبو خالد ـــ أحد الذين لا يزالون متشبثين بسوق الأسهم منذ سقوط المؤشر في فبراير الأسود في العام 2006 حسبما يصفه البعض ـــ يقول: "لقد اعتدت "المضاربة" في سوق الأسهم مستفيدا من التوصيات التي تقدمها بعض المنتديات الإلكترونية عبر صفحاتها التي تخصصها للمتابعة اليومية، وعادة ما تنجح، لكن في بعض الأحيان تفشل وأخسر كل ما ربحته من توصيات سابقة".
لم يستبعد أبو خالد الذي يصف نفسه بأنه "عضو ----" بحكم انتمائه لمنتدى يحمل هذا الاسم، من أن المنتديات الإلكترونية هي من أطلق فيما يبدو رصاصة الرحمة على صالات تداول الأسهم التابعة للبنوك التي بدت حاليا خاوية على عروشها، بعدما كان يتكدس فيها عشرات المتداولين يوميا من المستثمرين وغير المستثمرين ممن جرتهم أرباح الأسهم.
ويشير أبو خالد كونه من رواد صالات الأسهم سابقا، إلى أن حضورهم إلى الصالات كان الهدف منه نقطة التقاء لمتابعة السوق والحصول على بعض التوصيات "وجها لوجه"، التي لم تكن توفرها آنذاك وسائل التداول الإلكترونية، مع بعض الجهل أصلا باستخدام تلك التقنيات.
إن حرية التعبير في المنتديات الإلكترونية وانتشار التوصيات مقارنة بعدد الزوار الذين يدخلون تلك المنتديات ويطلعون على التوصية، جعل مسألة ارتياد المتداولين لصالات الأسهم في البنوك قد أصبح شيئا من الماضي الحزين؛ لأنها دائما ما تذكرها بـ"فبراير الأسود"، إلى أن أصبحت تلك الصالات في حكم "المنقرضة". "هدوج" وهو اسم مستعار لأحد أكثر الأشخاص دخولا على صفحات المتابعة اليومية التي يفتحها أحد المنتديات الإلكترونية، يؤكد أنه يبدأ صباحه يوميا بقراءات ما يكتب من التوصيات في منتداه الذي يتابعه، لكنه لا يأخذ سوى التوصية الصادر عن أشخاص "ثقة" ـــ على حد وصفه ـــ ومدعمة بتحليل فني، إلى جانب التواصل مع صاحب التوصية ذاتها عبر صفحة المتابعة اليومية أو عبر رسائل خاصة على الاسم المستعار "المعرف".
إن المتابع لتلك المنتديات حتما سيصاب بالذهول، فعدد الصفحات في المتابعة اليومية قد يتجاوز الـ90 صفحة في مدة لا تتجاوز أربع ساعات ونصف، وهي فترة تداول سوق الأسهم السعودية، ويصل عدد مشاهديها إلى أكثر 150 ألفا، فضلا عما سيجده من موسوعة عجيبة غريبة من "لغة الهوامير" قد لا يفهمها سوى من تعلق "جيبه" قبل قلبه بسوق الأسهم.. "دوووس"، "تحرر الطير"، "سوسو"، "أكوسا"، "سهم الشيوخ"، "الذباحة"، "العالمي"، وغيرها الكثير، فالأولى تطلق على السهم الذي بدأت تظهر عليه علامات "الاخضرار" وتسللت إليه السيولة دفعا باتجاه الصعود، أما الثانية فتعني تخطي السهم الموصى عليه "تحرر" من حاجز المقاومة، وبدأ يشهد تذبذبا عاليا في العرض والطلب، في حين أن البقية هي ألقاب لأسهم متداولة في السوق.
ومثلما لم تخلُ أي منتديات عامة من التعليقات والأسماء المستعارة فإنها أيضا ـــ منتديات الأسهم ـــ تتضمن على الكثير من "تقليعات" أو ربما قد يصفها البعض بـ"الحكمة"، فها هو أحد المشرفين على أحد أهم منتديات الأسهم، وقد ضمن توقعيه "إن السوق مخالف لطبيعة البشر، وإنه عندما يحصل على المشاعر الإيجابية يكون الانسحاب رهان جيد، وعندما يشعر المستثمرون بالذعر المفرط فإنه عادة ما يكون قد حان الوقت المناسب لشراء الأسهم ذات القيمة المنخفضة"، وربما كان يريد من ذلك كله أن يكرر المقولة الاقتصادية المشهورة: "الشراء على قرع الطبول والبيع على أنغام الموسيقى".
ويؤكد "هدوج" أن نسبة كبيرة ممن اعتادوا تقديم التوصويات على صفحات المنتديات الإلكترونية تكون لديهم علاقة قوية مع ممن يعرفون "بهوامير" الأسهم والقروبات الذي يتفقون فيما بينهم على رفع سهم معين إلى سعر معين عبر نسب متتالية، ويتولى هذا العضو في المنتدى مهمة التوصية على السهم كي يكون للشخص وللسهم كلاهما معا شعبية لدى المتداولين، ومن ثم تبدأ عملية الشراء وتتحقق مقولة "تحرر الطير"!!
ويتابع "هدوج" من المواقف الطريفة "أن أحد أعضاء المنتدى قدم توصية على شراء سهم معين وراهن على "حلق شاربه" في حالة لم يحقق السهم الموصى عليه الهدف، فما كان من بقية الأعضاء في نهاية فترة التداول وإغلاق السوق، إلا أن وضعوا له صورة للمقص، لكن سرعان ما بادرهم بوضع صورته حليق الشوارب".. وفي النهاية مبروك لمن ربح والبقية في قادم الأيام.