عرض مشاركة واحدة
قديم 04-11-2011, 04:20 PM   #9
inizi
مشرف المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 14,427

 
افتراضي

الأسئلة الكبرى التي يثيرها المحتجون ضد الرأسمالية


مارتن وولف
لماذا استغرق الأمر كل هذا الوقت؟ مضى أكثر من أربع سنوات على بداية الأزمة المالية ومع ذلك نشهد الآن بداية الاحتجاجات ضد الرأسمالية، بما في ذلك ما يجري في كاتدرائية سانت باول. فهل هذه بداية سياسة يسار متمرد؟ أشك في ذلك. هل يثير المحتجون بعض الأسئلة الكبرى؟ نعم إنهم يفعلون ذلك.

لا بد من حدوث أمرين حتى يكون هذا الأمر بداية لسياسة يسارية جديدة: أولاً، لا بد من ظهور أيديولوجية جديدة ذات صدقية، والثاني أن على قوة اجتماعية ما أن تسير وراء ذلك.

في القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، كانت الأيديولوجية هي الاشتراكية، وكانت القوة هي العمالة المنظمة. وفشلت الاشتراكية كطريقة لإدارة الاقتصادات. غير أنها، مع ذلك، نجحت في تأسيس دول الرعاية. إن الاشتراكية قوة محافظة مكرسة للدفاع عن التخويلات التي تراكمت خلال قرن من الزمن. وأثناء ذلك نجد أن العمالة المنظمة متخندقة بقوة في القطاع العام فقط. ويعطيها هذا الأمر الأجندة المحافظة ذاتها: الدفاع عن دولة الرعاية. وستظهر هذا الأمر الإضرابات من جانب القطاع العام في المملكة المتحدة.

إذا كان اليسار التقليدي لا يقدم جواباً، فهل يمكن ليمين السوق الحرة العودة إلى العمل كالمعتاد؟ لا. وإن أولئك الذين يؤمنون بالجمع بين السياسة الديمقراطية، واقتصادات السوق، بحاجة إلى معالجة ما حدث. وهم بحاجة إلى فعل ذلك، قبل كل شيء، لأن هنالك أشكالاً أشد عتمة من السياسة تنتظر في الأجنحة: التأميم، التعصب الشديد، والعنصرية. وهذا ما يحدث حين تفشل النخب التقليدية، وتسود خيبة الأمل. ولا نريد أن نشاهد هذه المأساة مرة أخرى.

الاستجابة اللازمة من جانب أولئك الذين هم في المعسكر المؤيد للسوق قريبة في معظمها من الوضع الذي كان قائماً في الثلاثينيات. ويقف على أحد الجوانب أولئك الذين يلقون اللوم الكامل على الحكومة في كل ما سار بطريقة خاطئة. واتخذ حزب الشاي في الولايات المتحدة هذا الموقف، وحقق بعض النجاح. أما في المملكة المتحدة، فإن هذا الاندفاع أضعف. غير أن البعض هنالك يجادلون كذلك بأن الأزمة كانت نتيجة للاندفاع المالي لغودون براون، والأسواق المبالغ في تنظيمها، أو البنوك المركزية غير الكفوءة. وهم بذلك يتبعون الاقتصاديين النمساويين، لودفك فون مايسيز، وفريديك هايك في الثلاثينيات. ويقف في مواجهتهم أتباع جون مانيارد كينز الذين يجادلون في صالح الرأسمالية المدارة.

مرة أخرى، نجد أن معظم هذا النقاش يدور حول استخدام أدوات سياسة الاقتصاد الكلي: هل على المرء تشديد أو تخفيف السياسة المالية خلال فترة الانكماش؟ وهل السياسات النقدية غير التقليدية مسار للتضخم المرتفع للغاية، أم سياسات فعالة في الظروف الخارجة عن المعتاد؟ مرى أخرى، وكما برز الكينزيون الراديكاليون في الثلاثينيات، وما بعدها، فإن مؤيدي المزيد من التدخل في الأسواق يبرزون في الوقت الراهن.

هذا نقاش نحتاج إليه. وأرى أن المنظورين مفيدان. وإن حزب الشاي على خطأ بخصوص مستقبل الحكومات. وحتى الولايات المتحدة، لن تدعم دولة على طراز ما كان قائماً في القرن التاسع عشر. غير أن أعضاءه الأكثر انسجاماً على حق – بل إنهم يوافقون على ما يفعله محتجو الوقت الراهن – بأننا شجعنا وجود صيغة داخلية من الرأسمالية التي تستغل، بل وتوجد دعماً، وثغرات ينتعش من خلالها الداخليون. وكانت الحاجة إلى إنقاذ البنوك مرعبة. كما أن دور المال في السياسة مربك. والخطر هو أننا ننتقل من أمر يصفه المؤرخ الاقتصادي الحاصل على جائزة نوبل، دوغلاس نورث ''بنظام وصول مفتوح'' لعكسه، وهو نظام يكون فيه التأثير السياسي حاسماً.

هذا ليس مجرد أمر غير كفوء، بل إنه غير عادل. وقليلون هم الذين حسدوا ستيف جوبز على ثروته. وأما وجهة النظر حول أولئك الذين كسبوا الثراء بسبب النشاطات العملية التي تم إنقاذها، فهي مختلفة تماماً. ولا بد من إنهاء حقبة عمليات الإنقاذ. وإن إعادة هيكلة التمويل لجعل ذلك ذا صدقية بالغة الأهمية للمستقبل. ومع ذلك، فالأمر ليس كذلك على الإطلاق. وتولّد رأسمالية السوق صعوبات متأصلة. وإن أوضح اثنتين منها هما عدم استقرار الاقتصاد الكلي، وعدم المساواة المتجاوز للمتعارف عليه. وإن ميل النظام المالي القائم على الأسواق إلى أن ينجو بنفسه، تجسد مرة أخرى على نطاق واسع. وبالنسبة إلى السوق الحرة، فإن الناس يجادلون بأننا لو عدنا فقط إلى معيار الذهب، أو أنهينا النشاط المصرفي الاحتياطي الجزئي، فإن كل الأمور ستصبح على ما يرام. وأنا أشكك في هذه الادعاءات، حيث إن عدم الاستقرار متأصل في لعبة الرهان على المستقبل. ويبدو أن بني البشر مفطورون على موجات تفاؤل، أو تشاؤم، تغذي ذاتها بذاتها. ولا بد، على الدوام، من إيجاد وسائل تخفيف درجة، وعواقب مثل عدم الاستقرار هذا.

من المستحيل تعريف مستوى مقبول من عدم المساواة. ويكون أي عدم مساواة مضايقاً للغاية إذا كان هنالك اعتقاد بأن أصحاب الثروات تلاعبوا بالأمر، بدلاً من أن يكسبوا في منافسة نزيهة. وبينما يتزايد عدم المساواة، فإن الشعور بأننا متساوون كمواطنين يضعف. وفي نهاية الأمر، تباع الديمقراطية إلى صاحب عرض الشراء الأعلى. وغالباً ما حدث ذلك في التاريخ الماضي للجمهوريات. وإن الاحتجاج السلمي حق للناس الأحرار. والأهم من ذلك أنه وسيلة لتنبيهنا إلى الأمور. لا يعرف اليسار كيف يقدم بديلاً للسوق. ولكن ما زال مؤيدو السوق بحاجة إلى أخذ المحتجين على محمل من الجد. وكل هذه الأمور ليست على ما يرام.
inizi غير متواجد حالياً