عرض مشاركة واحدة
قديم 01-10-2009, 04:39 PM   #41
زيــنــه
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 5,130

 
افتراضي

جامعة الملك عبدالله
د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج

إنه لتوافق عظيم وذو مغزى كبير أن يصادف افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا ذات اليوم الذي كنا نحتفل فيه بعيدنا الوطني- هذا اليوم الراسخ في الذاكرة باعتباره اليوم الذي تأسست فيه بلدنا واكتملت فيه وحدة ترابه. أقول إنه لتوافق عظيم أن يصادف احتفالنا باليوم الوطني افتتاح صرح علمي عظيم كجامعة الملك عبدالله. فهذا التوافق يحمل في طياته أكثر من معنى مهم. وعلى رأس ذلك يأتي الترابط بين الأهداف الوطنية وتطور العلوم النوعية في بلدنا. فالمملكة التي أنفقت في السنوات الماضية مبالغ طائلة على تطور التعليم والموارد البشرية عازمة الآن على تعميق هذا التوجه وإعطائه زخماً نوعياً جيداً. وهذا لعمري من شأنه أن يوفر التربة الخصبة لانطلاق اقتصادنا ومجتمعنا نحو آفاق عالمية عليا جديدة.

وأنا هنا لا أريد أن أثير غيرة ولا حساسيات بقية جامعاتنا التي أهلت للمملكة كوادر علمية هي مفخرة بلدنا ومحل اعتزازه. فجامعة الملك عبدالله هي جامعة من طراز آخر. فمثلما شكلت كلية البترول والمعادن(جامعة الملك فهد حالياً)، والتي كانت عند تأسيسها بالمناسبة تضم الكثير من الطلبة الأجانب، نقلة نوعية في التعليم الأكاديمي في المملكة بداية الستينيات من العقد المنصرم- اقتدت بها العديد من جامعاتنا. فإن جامعة الملك عبدالله، بالمواصفات التي تتمتع بها، تعتبر بدون أدنى شك قفزة إلى الأمام وتحد جديد لبقية جامعاتنا للارتقاء بأدائها.

وهذا أمر طبيعي. فكل مرحلة من مراحل التطور تحتاج إلى مستوى جديد من الأداء الجامعي لمسايرتها. فالصروح الأكاديمية الموجودة في المملكة حالياً تأسست قبل العصر الالكتروني وقبل أن يسمع أحد عن تقنية النانو. فهذه المشتقات التكنولوجية الجديدة لم تدخل عالمنا إلا منذ وقت قريب. ولكن اقتصادنا ومجتمعنا اليوم في أمس الحاجة لها لمواكبة العصر. فبدون هذه المشتقات سوف لن نتمكن، مثلاً، من تطوير تقنيات جديدة في مجال تحلية المياه المالحة، ولا من تحويل رمال الصحراء وأشعة الشمس إلى تقنيات مستخدمة وطاقة جديدة للحياة. كما أن مدننا الصناعية والاقتصادية في أمس الحاجة إلى التقنيات الجديدة لتلبية طموحات قطاع الأعمال. كذلك فإن مجتمعنا وبالأخص شبابنا يزداد طلبهم، مثلما نرى، على العديد من الروائع التكنولوجية الجديدة باستمرار.

ولذا فإن إشباع هذا الطلب والعطش التكنولوجي يحتاج إلى عرض مماثل. ونحن هنا أمام خيارين فإما أن يتم توفير العرض من خلال استقدام الفنيين والمتخصصين في التقنيات المتقدمة وعلوم النانو من خارج المملكة. وذلك مثلما كنا نفعل في الأعوام الخالية. أي قبل أن تكون لدينا جامعات متخصصة. ففي تلك الأعوام كنا نلبي طلبنا على المهندسين والأطباء والمدرسين من خلال استقدامهم. فنحن الآن في وضع مشابه تقريباَ في ما يخص التقنيات الحديثة. ولذلك فإن إنشاء جامعة متخصصة في العلوم والتقنية يعتبر هو الخيار الأفضل لسد الفجوة بين الطلب والعرض أو بعض منه- في مجال العلوم والتقنيات المتقدمة .

من هنا فإن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا والتي أشرفت على تنفيذها شركة أرامكو ما غيرها- هذه الشركة السعودية الرائدة تكنولوجياً- هي خطوة متقدمة لتغطية جزء مهم من الفجوة التقنية التي نعاني منها. فالجامعة سوف توفر لطلابها أحدث ما يوجد في العالم من دراسات وأبحاث علمية وتكنولوجية متقدمة. كما أن الدارسين في الجامعة، بالإضافة إلى تمتعهم بأجواء الدراسة المنفتحة والمنافسة مع غيرهم من زملائهم من بقية أنحاء العالم، سوف يكون بإمكانهم الاستفادة من المختبرات المتطورة المجهزة بأحدث المعدات التي لا تتوفر إلا في أكبر جامعات الولايات المتحدة وأوروبا.

ولهذا فلا يسعني في هذه السطور القليلة إلا أن أتمنى التوفيق والنجاح لهذه الجامعة الفتية أولاً. وأن تكون جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا قدوة طيبة وتجربة مفيدة لبقة جامعاتنا للإقتداء بها ثانياً. فهذا من شأنه أن يساهم في تقليص الفترة الزمنية التي نحتاجها من أجل تغير ترتيب جامعاتنا في قائمة أكثر جامعات العالم تطوراً من ناحية. وأن يشجع ذلك الطلبة في العديد من بلدان العالم للقدوم إلينا والدراسة في جامعاتنا من ناحية أخرى. الأمر الذي من شأنه موازنة النفقات التي نصرفها على تعليم طلابنا بالخارج أو بعض منها على الأقل.
زيــنــه غير متواجد حالياً