عرض مشاركة واحدة
قديم 18-09-2013, 09:31 AM   #43
l فزاع l
مشرف المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 46,977

 
افتراضي

مخاوف من غضب الشركات الكبرى


دعوات رفع حد الأجور تثير جدلا واسعا في بريطانيا

http://www.aleqt.com/a/small/7f/7f6f...a2_w570_h0.jpg

عامل على خط إنتاج سيارات داخل مصنع في كوفنتري وسط بريطانيا. رويترز


هشام محمود من لندن


يهيمن الشأن الاقتصادي ومعدلات النمو ومستويات المعيشة والأجور على صراع القوى السياسية والاقتصادية البريطانية بشكل رئيس. ونجح وزير الأعمال فينس كابل في إلقاء حجر ضخم في بحيرة الحوار الاقتصادي البريطاني، بعد تصريحات أثارت عاصفة من الجدل حول تداعياتها وتوقيتها.

فالوزير المنتمي لحزب الأحرار الديمقراطيين طالب برفع الحد الأدنى للأجور مبررا دعوته بأن الاقتصاد البريطاني يشهد تحسنا نسبيا، ومن ثم يجب أن يعود هذا التحسن بالنفع على الطبقة العاملة البريطانية.

بل طالب الوزير بإلغاء عقود "ساعات الصفر"، التي تتعاقد بموجبها شركة ما مع أحد الأشخاص بالعمل لديها عند الحاجة فقط، ويحصل على عائد مادي مقابل تلك الساعات، دون التزام الشركة بأي تعهدات مالية أخرى.

تصريحات كابل أثارت نقاشات حادة حول موقف القوى الاقتصادية المختلفة منها، فنقابات العمال قابلت التصريح بالترحيب الشديد، واعتبر قادة العمل النقابي أن مثل هذه الدعوات تعكس إدراك بعض المسؤولين الحكوميين للمصاعب التي تواجهها فئات متعددة من المجتمع البريطاني، تعتمد على راتبها الشهري لتصريف شؤون الحياة.

ويعلق ديفيد فليمنج، المتحدث باسم اتحاد النقابات البريطانية لـ "الاقتصادية" على تصريحات الوزير كابل، قائلا: "حان الوقت لتنظر الحكومة البريطانية إلى مستويات معيشة الطبقة العاملة، فقد التزمنا الصمت خلال الأزمة الاقتصادية، وتم تجميد أي زيادة في الأجور أو الرواتب".

وأشار إلى وجود تحسن طفيف في معدلات النمو يفرض "تعويض العمال والموظفين الحكوميين بعد تراجع أوضاعهم المعيشية في السنوات الماضية"، ويضيف: "رفع الحد الأدنى للأجور يمثل رسالة صريحة بأن الحكومة البريطانية تهتم بالقطاعات الدنيا من العمال، وهذا سيترك آثارا إيجابية في أداء هذه القطاعات ومساهمتها الاقتصادية".

لكن وليم فيفي، المسؤول في اللجنة النقابية لاتحاد عمال اسكتلندا، يعتبر أن هذه التصريحات للاستهلاك السياسي، مضيفا أن الحد الأدنى لساعة العمل في بريطانيا حاليا 6.19 جنيه استرليني لمن هم فوق 21 عاما، وأنه من المقرر أن ترتفع في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل إلى 6.31 جنيه استرليني.

ويستشهد فيفي بتصريحات وزير الأعمال البريطاني، بأن هناك تراجعا بين 10 و12 في المائة في المستوى الحقيقي للأجور مقارنة بعام 2008.

وقال لـ "الاقتصادية": "إذا أخذنا في الاعتبار ما نطلق عليه في بريطانيا الأجور المعيشية - وهي التي توفر الحد الأدنى من الاحتياجات الضرورية للمعيشة - سنجد أن هناك 4.8 مليون عامل بريطاني لا يحصلون على تلك الأجور مقابل 3.4 مليون عامل عام 2009".

وأكد أنه "على الحكومة الإسراع بإلغاء عقود عمل ساعات الصفر، فهي قد تكون مفيدة لبعض الفئات كالطلاب والمتقاعدين، لكنها في غير مصلحة الشرائح الأساسية من العمال البريطانيين".

واعتبر اقتصاديون دعوة الوزير البريطاني، رغم ما قد تتمتع به من بريق لدي شرائح واسعة في المجتمع، دعوة خطيرة يمكن أن يكون لها انعكاسات سلبية على الأداء الاقتصادي الراهن، ويعود هذا في نظرهم إلى أن التحسن الاقتصادي الحالي لم يستكمل دورته بعد، وأن الاقتصاد القومي لا يزال يعاني ضعفا واختلالات قد يؤديان إلى رفع الحد الأدنى للأجور وتفاقمها.

ويعلق الدكتور كولن هاربر، أستاذ مادة الاقتصاد الكلي المساعد في مدرسة لندن للاقتصاد، وعضو حزب المحافظين، لـ "الاقتصادية" على تصريحات وزير الأعمال فينس كابل، قائلا: "لا شك أن لتلك الدعوة جوانب اقتصادية إيجابية، أبرزها زيادة معدلات الطلب الفعال في المجتمع، وهو ما يمكن الشركات البريطانية من زيادة الإنتاج".

لكنه استدرك حديثه بالقول: "إذا أخذنا في الاعتبار أن معدلات النمو البريطاني لا تزال هشة، ولم تتجاوز 0.7 في المائة في الربع الثاني من العام الجاري؛ فإن زيادة الأجور تعني وضع أعباء مالية أكبر على الشركات، وزيادة بند الرواتب والأجور في ميزانيتها العامة".

وأضاف أن هذا قد "يعوق قدرتها على خفض التكاليف"، وهو شرط أساسي لزيادة قدرتها التنافسية للتصدير إلى الخارج، ومن ثم يمكن أن يطيح بالقليل الذي تم تحقيقه في مجال الانتعاش الاقتصادي.

وذكر أن زيادة الأعباء المالية على الشركات البريطانية، فيما يتعلق بأجور العمال الدائمين لديها؛ قد يدفعها إلى عدم التوظيف، وفي أفضل الأحوال يعني هذا بقاء معدلات البطالة على وضعها الحالي وهو 7.7 في المائة. ومعروف أن محافظ بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) قد اشترط انخفاض معدل البطالة إلى 7 في المائة، ليقوم برفع سعر الفائدة الراهن 0.5 في المائة، وهو الأدنى في تاريخ بنك إنجلترا لزيادة قدرة المصارف على جذب رؤوس الأموال الأجنبية.

ولأن حزب المحافظين لا يريد أن يبدو رافضا لاقتراح رفع الحد الأدنى للأجور، تخوفا من أن ينعكس هذا على شعبيته خلال الانتخابات البرلمانية عام 2015؛ فإنه سعى إلى طرح مجموعة بديلة من الحلول الاقتصادية لزيادة الحد الأدنى للأجور، دون انعكاسات سلبية على الاقتصاد الكلي.

وتقترح هذه الحلول مَنْح الشركات التي ستقوم برفع الحد الأدنى لأجور العاملين فيه، بمعدلات أعلى من المحددة قانونيا فترة سماح ضريبي، أو مطالبة الشركات الكبرى أو التي تحقق معدلات أرباح مرتفعة برفع الحد الأدنى لأجور العاملين.

لكن لا يزال الحزب في خشية من أن تؤدي تلك الأطروحات إلى حالة من التململ أو الغضب لدى رؤساء مجالس إدارات الشركات الكبرى الداعمين الرئيسين للحزب، ما قد يفقده ممولا رئيسا لحملته الانتخابية المقبلة بعد نحو 18 شهرا.
l فزاع l غير متواجد حالياً