عرض مشاركة واحدة
قديم 17-09-2011, 09:04 AM   #61
inizi
مشرف المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 14,427

 
افتراضي

طالب بمواءمة القوانين الشرعية والتأمينية لتعديل نظام الدية.. مستشار اقتصادي ل "الرياض":
رفع الدية إلى 400 ألف ريال ينبغي معه تطوير بوليصة التأمين لتتضمن منافعها الحقوق الأسرية


الرياض - فهد الثنيان

قال متخصص اقتصادي إن رفع قيمة الدية إلى 300 و400 ألف للقتل الخطأ، والعمد اعتمادا على التغير الطارئ في أثمان الإبل مقارنة بثمنها قبل عقود، فيه كثير من المنطق لأسباب مرتبطة بالغلاء وارتفاع الأسعار؛ إلا أنه ينبغي التنبيه إلى أن التشريع الإسلامي في تحديد قيمة الدية بمئة من الإبل تجاوز في معانيه الثمن، أو القيمة المادية المباشرة، وصولا إلى المنفعة الدائمة، والاستثمار طويل الأمد.

وقال الاقتصادي فضل البوعينين في دراسة اقتصاديه تنشرها "الرياض" اليوم عن الدية الشرعية في ضل المتغيرات الاقتصادية التي خلصت إلى أهميه تطوير بوليصة التأمين لتتضمن منافعها الحقوق الأسرية لذوي القتيل، مضيفا أن التشريع كان يستند إلى ما تمثله الإبل في ذلك الوقت من أهمية قصوى للبشر، فمن يمتلك مائة من الإبل يمكن أن يصنف ضمن كبار الأغنياء، وبذلك تكون الدية ضامنة بعد الله لمستقبل الورثة، ليس من الناحية المالية فحسب بل من الناحية المعيشية أيضا.

وذكر إن هذا يستوجب التفصيل، فالإبل، (النوق والجمال)، قادرة على حماية نفسها في الصحاري، والتكيف مع متطلبات البيئة من دون تدخل الإنسان؛ إضافة إلى ذلك فمئة من الإبل تعني استثمارا طويل الأمد من خلال التكاثر، وتعني أيضا تحقيق الاكتفاء الذاتي لملاكها مما تدره من حليب، وهو الغذاء الرئيس في ذلك الوقت، ولحوم، وما توفره من وبر يستخدم في حياكة الألبسة، والأغطية، والفرش، والخيام، وصناعة الحبال أيضا، وكونها وسيلة من وسائل النقل وربما حقق ملاكها ثروة من استخدامها في نقل البضائع، أو حمل البشر، أو استخراج المياه من أعماق الأرض.

وأشار إلى أن فلسفة تحديد الدية بمئة من الإبل لم تكن تعتمد على القيمة المادية فقط، بل القيمة الاستثمارية التي تجمع بين توفير الغذاء والمسكن والملبس بشكل دائم، للورثة ومنهم القُصر، والأرملة، وبين التكاثر والنماء، وهو ما يؤمن حاضر، ومستقبل ورثة القتيل؛ وهذه هي الفلسفة المفقودة في حوارنا حول الدية وقيمتها في الوقت الحالي على أساس أن التركيز منصبا على قيمة مئة من الإبل وليس القيمة إضافة إلى المنفعة الدائمة والاستثمار؛ وعلى هذا الأساس فتحديد الدية ب 400 ألف ريال ما زالت لا تساوي شيئا في وقتنا الحاضر، فمن قُتل خطأ وخلف وراءه خمسة من الأبناء القصر وزوجة وأم فلن يمر الحولين على ديته إلا وقد تبخرت في مصاريف أساسية لا يمكن الاستغناء عنها.

وأكد البوعينين إن مائة من الإبل كانت كفيلة بسد متطلبات الأسرة الحياتية حتى نضوج الأبناء وبلوغهم، والإعتماد على أنفسهم، وكفيلة أيضا بتوفير الوعاء الاستثماري الأمثل الذي يحقق لهم ثروة عند البلوغ، وهذا مالا تحققه 400 ألف ريال في الوقت الحالي؛ ومن هنا فإن الدية المقطوعة لا تعني شيئا في وقتنا الحاضر وإن رفعت إلى 400 ألف ريال، بل يجب أن يجمع النظام بين الدية والرعاية لأسرة القتيل حتى نضجهم واعتمادهم على أنفسهم؛ قد يكون الأمر صعبا على المتسبب في القتل الخطأ، إلا أنه ليس كذلك بالنسبة لشركات التأمين، التي حلت محل قبيلة القاتل أوجماعته، في عهد الرسول.

فقد كان من المستحيل على عامة المسلمين، في عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، دفع مائة من الإبل لأهل الدم، إلا أن جمع الدية كان يعتمد على مساهمة القبيلة، أو الجماعة، الضامنة والمعينة لأفرادها في الملمات؛ وبسبب تغير الظروف، وتبدل الأحوال فقد حلت شركات التأمين مكان القبيلة، وأصبح للمؤمن حق على الشركة بتحمل ما يترتب عليه من مطالبات مالية نتيجة القتل الخطأ في حوادث السير على سبيل المثال. إلا أن هذا الحق ارتبط بقيمة الدية الشرعية وحرم أهل القتيل من الحصول على ما يؤمن لهم الحياة الكريمة، والمستقبل المضمون بإذن الله.

ولفت إلى انه من المفترض ألا تتوقف المناقشة عند زيادة قيمة الدية إلى 300 و400 ألف ريال، فهذا أمر مفروغ منه بل يجب أن يتعدى ذلك للوصول إلى إصدار قوانين خاصة تضمن لورثة القتيل العيش بكرامة حتى بلوغهم النضج، والإعتماد على أنفسهم من خلال توفير راتبا شهريا ثابتا وتأمينا للمسكن، ومتطلبات الحياة الحديثة.

وأبان إن البحث في هذا الموضوع يجب أن يكون على محورين رئيسين المحور الشرعي المحدد للالتزامات المالية على المتسبب في القتل العمد، والمحور التأميني المرتبط بشركات التأمين. فالمحور الشرعي يجب أن يأخذ بفلسفة تحديد الدية بمئة من الإبل وما تنضوي عليه من معاني تضمن توفير العيش الكريم لأسرة القتيل حتى استقلالهم بأنفسهم، إضافة إلى ما توفره من استثمار مضمون النماء، بعد الله سبحانه وتعالى؛ وألا يركز فقط على القيمة المالية المجردة التي أحسب أنها لم تكن المعيار الحقيقي للدية.

أما المحور التأميني بحسب البوعينين فيجب أن ينظر في حق ورثة القتيل في العيش الكريم، ورعاية القصر ممن يحتاجون إلى الرعاية الدائمة لا المنقطعة، حتى إنهاء تعليمهم الجامعي، أو الحصول على الوظيفة، أو بلوغ سن العشرين؛ إضافة إلى رعاية الأرملة، والفتيات غير المتزوجات. وقال انه يمكن الوصول إلى هذا الهدف من خلال تطوير بوليصة التأمين لتتضمن منافعها دفع الدية وهي 400 ألف ريال نيابة عن المتسبب في الوفاة بطريق الخطأ، ودفع راتب شهري لأسرة القتيل وبما يضمن تحقيق الرعاية التامة للأسرة حتى نضج الأبناء وإستقلاليتهم.

وأوضح إن بوالص التأمين يمكن تكييفها بحسب الحاجة، وفق تكلفة محددة تتغير بتغير المنافع التي تحققها يُلزم بها سائقو العربات، ويشجع الآخرون على اقتنائها حماية لهم وللمجتمع من الأخطار. إلا أن تحقيق ذلك يحتاج دائما إلى مواءمة القوانين الشرعية التي يعتمد عليها في تحديد الحقوق المترتبة على القتل غير العمد، وأنظمة التأمين، ونوعية البوالص التأمينية، وهو ما يحتاج إلى مراجعة عاجلة لإضافة الحقوق الأسرية، على الحق الشرعي المُحدد بالدية في الوقت الحالي.
inizi غير متواجد حالياً