جمعية خبراء التثمين العقاري
- عبد الملك بن فهد السناني - 29/03/1429هـ
خطوات في الظلام كان يخطوها كثير من اللاعبين في مضمار السوق العقارية, حيث غياب الإطار التنظيمي، والافتقار إلى المنهجية العملية لعمليات التثمين والتقييم، وكان من الممكن أن تحدث نكسات كارثية كالتي شهدتها سوق الأسهم التي دلف إليها البعض وهم لا يدركون قواعد اللعبة، ولا أصول المضاربة، ولكن قبل أن يحدث ذلك ـ ولله الحمد ـ لاحت في الأفق بوادر انفراج مهم على صعيد سوق العقار المنتعشة، حيث يزمع قيام جمعية سعودية لخبراء التثمين والتقييم العقاري، بمبادرة من غرفة الرياض التي اعتادت ـ دائما ـ على طرح المبادرات الرامية لإيجاد الحلول للإشكاليات القائمة، وإتاحة المزيد من الفرص أمام المنتسبين لتوسيع قاعدة أعمالهم وتطويرها بما يخدم الاقتصاد الوطني ويعود بالنفع على الأطراف كافة.
فالتثمين العقاري الممنهج لم يكن سائدا خلال الفترة الماضية، وليس سائدا لدى كثير من الدول العربية وغيرها لكننا ـ عما قريب ـ لا نستطيع أن نقول ذلك بعد قيام الجمعية السعودية لخبراء التثمين التي تعد الأولى من نوعها على مستوى المملكة، والثانية على مستوى الوطن العربي والتي من شأنها نشر المعرفة والوعي الفكري عن التثمين والتقييم وفق أسس منهجية علمية مواكبة لما يشهده العالم من تطورات على هذا الصعيد، ومن أجل الإلمام بالقواعد والأعراف الدولية حول هذا النشاط.
ويهدف التثمين والتقييم العقاري إلى تحديد السعر الذي يطلبه البائع ومساعدة المشتري لتحديد الثمن العادل للشراء وتحديد قيمة عقار بعينه في حالة التركات مثلا أو تحديد قيمة عقار بين أطراف مختلفة، وتحديد القيمة في حالات الاندماج أو التصفية أو الإفلاس بالنسبة للشركات، وكذلك تحديد قيمة تمويل عقد عقاري.
وتتعزز أهمية التقييم العقاري في حالات تحديد إيجار الأملاك كنسبة من قيمتها أو قيمة التأمين وتكلفة عيوب الإنشاء في حالة التقاضي وكذلك خسائر الأملاك نتيجة الكوارث وتقدير الضرائب وأيضا التقدير كضمان لإقراض تجاري أو عقاري وكذلك في حالات الخلافات القانونية، وتحديد قيمة الأصول الثابتة في التقارير المالية.
ويعد التثمين العقاري من أهم الركائز الأساسية في السوق العقارية، خصوصا فيما يتعلق باتخاذ القرار، وهو رأي مستقل لتقدير قيمة العقار السوقية يقوم به خبير محترف وفق أسس علمية ونزاهة واستقلالية لصالح العقار دون أي اعتبار لأطراف البيع أو الشراء، باعتباره عملا مهنيا احترافيا قائما بذاته، ولعل غياب الإطار التنظيمي والمنهجية العلمية والافتقار إلى اللوائح التي تحدد ضوابط هذا النشاط قاد إلى التفكير في البحث عن حلول لمجابهة التحديات، وكان إيجاد جمعية سعودية تعني بهذا الجانب، رغم حداثة التجربة يمثل أفضل الحلول لأن ذلك يعطي العقار بعده التنموي وعمقه الإنساني ومصداقيته السوقية.
فالجمعية التي يزمع قيامها قريبا بمشيئة الله يشكل نشاطها تطويرا للاجتهادات التي تقوم بها بعض اللجان المشكلة لتقدير الملكيات بالقيمة الشرعية لها دون احترافية أو مواصفات مهنية حيث تتيح الجمعية وأنظمتها فرصة الإلمام بالعوامل المؤثرة في تثمين أسعار العقار وكذلك المتغيرات والميزات التي تعطي تفاضلا لعقار دون آخر، وتوفر لخبير التثمين والتقييم فرصة امتلاك المؤهلات والخبرات المطلوبة للتقدير لمختلف الأغراض، والإلمام بقواعد ميثاق شرف المهنة، واجتياز اختبارات التأهيل والقدرة على التعامل مع مختلف الأطراف، البائع والمشتري والمؤسسات الحكومية أو البنوك والوسطاء حيث لا تكون له أية علاقة أخرى بالعقار موضع التثمين والتقييم غير أنه خبير محايد.
وتنبع أهمية امتلاك المثمن المفاهيم والأسس العلمية والمنهجية لصناعة التثمين وخواص السوق من التأثير الجوهري لعملية التثمين في عمليات دراسات الجدوى الاستثمارية على المستوى البعيد، حيث تبنى على ذلك كل الخطط وتستثمر بموجبه الملايين أو المليارات، لذا لا بد من حيادية هذه المهنة ونزاهة القائمين عليها، وتحليهم بالأمانة والسرية والكفاءة والإفصاح المطلوب، والتزامهم بأخلاقيات المهنة فضلا عن ثقافة التثمين والرؤية التقييمية وفقا لمميزات الموقع ومساحته وخصائصه المختلفة.
ولكن الآن نستطيع أن نقول إن غالبية هذه التحديات باتت في حكم المقدور عليه لأن أفق الرؤية يحمل لنا بشارات قرب إنشاء الجمعية السعودية لخبراء التثمين العقاري التي تتسارع الخطى بإيقاع يتناغم مع حاجة السوق الماسة لها، لمثولها على أرض الواقع لتجعل صناع العقار، وخبراء التثمين أمام المعايير الدولية والمواصفات المنهجية لهذه المهنة.
|