عرض مشاركة واحدة
قديم 03-03-2009, 04:14 AM   #8
اشراقة قلم
اشراقة قلم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 10,646

 
افتراضي

جدوى: الأزمة العالمية تتفاقم مرة أخرى والإنفاق الحكومي المحرك الرئيسي لاقتصاد المملكة هذا العام

أشار تقرير اقتصادى اعدته "شركة جدوى للاستثمار" إلى ان الأزمة المالية عادت مرة أخرى للظهور وان لم تكن على نفس مستوياتها فى سبتمبر من العام 2008 مما انعكس على اوضاع الائتمان العالمية فى هيئة تسارع انزلاق الاقتصاد العالمي في مرحلة الركود، وكان صندوق النقد الدولى قد خفض توقعاته في نوفمبر الماضى بشأن نمو الاقتصاد العالمى لعام 2009 الى 2.2% من تقديراته البالغه 3% منذ شهر واحد فقط ، بينما أصبحت توقعاته بالنمو الأن لا تتعدى 0.5% لنفس العام وهى الأدنى منذ أربعينات القرن الماضى.

وأوضح التقرير ان الحكومات قد اعدت برامج ضخمة وموجهة لدعم أسواق الائتمان والخفض الحاد فى أسعار الفائدة مما أدى الى تحسن الأوضاع المالية وانتشالها من مستويات متدنية جدا وغير مسبوقة خلال شهر سبتمبر لكن حالة الشح قد تواصلت مما جعلت البنوك تتردد فى توفير التمويل.

ودخلت كثير من الاقتصاديات حاليا فى هبوط لولبى أرغم الشركات على إلغاء العديد من الوظائف مما أثر بشكل كبير على انفاق المستهلك وبالتالى تراجع ارباح الشركات وخسارة المزيد من الوظائف، حيث وصل متوسط عدد الوظائف التى يتم الغائها شهريا فى الولايات المتحدة حوالى 600 ألف وظيفة ولايزال العدد فى تزايد فضلا عن هبوط مبيعات التجزئة فى 6 أشهر من الـ 7 الأخيرة، وتلقت المملكة العربية السعودية الصدمة على نحو مفاجىء فى الفصل الأخير من العام 2008 نتيجة اعتمادها بشدة على الصادرات.

وفي خضم هذه المعاناة التي يمر بها القطاع الخاص تسعى الحكومات عبر العالم جاهدة لإنعاش النشاط الاقتصادي وذلك من خلال خفض أسعار الفائدة وزيادة حجم الإنفاق وخفض الضرائب وقد تميز الأسلوب الأمريكي لتحقيق الانتعاش بالجرأة والقوة في واقع الأمر، حيث تم تخفيض أسعار الفائدة إلي الصفر وضخت سيولة كبيرة في القطاع المصرفي كما وسع البنك المركزي ميزانيته العمومية بالدخول في الأسواق ولجأ على سبيل المثال إلي شراء كميات كبيرة من الأوراق المالية (سندات دين قصيرة الأجل تصدرها الشركات) حتى يتسنى لها تمديد أجل الديون التي حان موعد سدادها، وتعرف هذه المشاركة في السوق من قبل البنك المركزي "بالتخفيف الكمي للقيود على الائتمان". وقد تم خلال الأسبوعين الماضيين الموافقة على الخطط الثلاث التالية لإنتعاش الاقتصاد الأمريكي:

1- خطة الحافز الاقتصادي:
تتألف من حزمة من عمليات زيادة الإنفاق والخفض الضريبي تبلغ قيمتها الإجمالية 787 بليون دولار وتهدف إلي انتعاش النشاط الاقتصادي.

2- خطة الاستقرار المالي:
تنضوي هذه الخطة على شراء أصول وضخ أموال في القطاع المصرفي مع ضمانات تقدر تكلفتها بحوالي 2 تريليون دولار، لكن لا تزال العديد من التفاصيل المتعلقة بالجانب العملي غير واضحة المعالم.

3- خطة الإسكان:
ترمى هذه الخطة التي تبلغ تكلفتها 275 بليون دولار إلي تفادي نزع المساكن بالنسبة لتلك العائلات التي تكافح من أجل تسديد قروض الرهن العقاري، وتتضمن الخطة مبلغ 75 بليون دولار في شكل إعانات ومبلغ 200 بليون دولار للسماح للمقرتضين الذين كانوا قد لجئوا إلي أخذ قروض الرهن العقاري من مؤسسات الإقراض المدعومة من الحكومي وهي فاني ماي وفريدي ماك بأن يعاد تمويلهم بأسعار فائدة اقل.

وقد تسبب سوق المساكن الأمريكى فى سحب بقية القطاعات الاقتصادية الى مرحلة الركود ولذلك يعتبر وقف الهبوط فى اسعار المساكن جزءا مهما من عملية الإنعاش، وتهدف عملية التحفيز على المدى القريب والتى تتأتى عبر مزيد من الانفاق والخصم الضريبى الى خلق زخم يقود الى انعاش قطاعى الاسكان والمال.

وحسبما جاء فى التقرير فإن هناك العديد من المخاوف بشأن مستقبل نجاح مجموعة الخطط المالية الحالية حيث يمكن اجمال المخاوف فى ثلاث نقاط:

- أولا: حقيقة ان برامج الانفاق الضخم قد تكون أكثر فائدة فى بلاد مثل الصين والمملكة العربية السعودية التى لاتزال فى حاجة ماسة الى البنيات التحتية.

- ثانيا: ان المستثمرين قد يميلون فى ظل الظروف الحالية الى ادخار ما يجنونه من برنامج الخصم الضريبى اكثر من ميلهم تجاه انفاقه.

- ثالثا: تلك المخاوف يرتبط بتوفير المعلومات المفصلة بشأن خطه الاستقرار المالى لان غياب التفصيل فى هذا الشان ادى الى عدم قناعة الاسواق بمدى فاعلية تلك الخطط التى اعلن عنها حديثا بدلالة ان مؤشر داو جونز قد أنهى تداولات الجمعة الماضى مقتربا من ادنى مستوى له خلال 12 عاماُ.

ونتج عن تلك المخاوف هموم اضافية تتعلق بشكل حزم التحفيز الاقتصادى عبر العالم وقد تبنت معظم الدول الأوروبية الرئيسية حزما لتحفيز اقتصادها تشبه نظيرتها الامريكية ولكنها لم تكن قادرة على انعاش منطقة تضررت كثيرا بالانهيار السريع فى الثقة وكذلك حجم الطلب فى اسواق صادراتها مما جعل اليورو يدخل الى مرحلة الركود منذ اعتماده كعملة أوروبية.

وسجلت الاقتصاديات الآسيوية بعض أكبر الانكماشات في النمو خلال الفصل الأخير من العام الماضي فضلا عن بيانات غاية في الضعف حتى اللحظة الحالية من العام، وقد جاء هذا الأداء المتواضع رغما عن سلامة القطاع المصرفي في المنطقة نسبياً من الأزمة المالية بفضل قلة تعرضه للأصول السامة. وقد تضررت بعض الدول في المنطقة جراء نضوب التدفقات النقدية، إلا أن التأثير الرئيسي على آسيا كان بسبب انهيار الطلب في أسواق صادراتها حيث تراجعت صادرات اليابان في يناير بنسبة 45% على أساس سنوي وتراجعت صادرت كوريا بنسبة 33% وصادرات الصين بنسبة 17%، لكن الصين أعلنت عن حزمة محفزات اقتصادية ضخمة بل ينتظر أن تكون المساهم الرئيسي في النمو الاقتصادي العالمي هذا العام باعتبارها واحدة من الاقتصاديات الكبيرة القليلة التي ستحقق نمواً (في حدود 6%) كذلك يرجع أن تظل منطقة آسيا من أكبر عملاء الدين الحكومي الأمريكي.

وأشار التقرير الى ان استقرار اسعار صرف العملات الرئيسية نسبيا مقابل بعضها البعض فى اعقاب التذبذب الحاد بين سبتمبر ونوفمبر وعززت عملية خفض الاقتراض من قوة الين اليابانى وقاد البحث عن ملاذ آمن الى رفع قيمة الدولار الامريكى مقابل اليورو والجنيه الاسترلينى (وقد عزز الأخير من سعر الذهب).

تداعيات الأزمة على المملكة

تغيرت تأثيرات الأزمة المالية على الاقتصاد السعودي بعد تحولها من أزمة مالية إلي ركود اقتصادي خلال الأشهر القليلة الماضية، ورغم أن التدابير الجريئة التي اتخذتها الحكومة والمتمثلة في خفض أسعار الفائدة وخفض متطلبات الاحتياطي الإلزامي وضخ السيولة في القطاع المصرفي قد أدت إلي تحسن الأوضاع المالية المحلية بدرجة كبيرة بالإضافة إلي طمأنتها للمودعين والمستثمرين بشأن سلامة القطاع المصرفي، إلا أن أسعار النفط والأسهم انحدرت إلي أدنى مستوياتها منذ عدة سنوات، وتشير الدلائل المتوفرة إلي أن النشاط الاستهلاكي التجاري أخذ في التراجع خلال الأشهر الأخير القليلة من عام 2008.

ونتيجة هذه التدابير هبطت بالفعل أسعار الفائدة على قروض البنوك بدرجة كبيرة لكن وبدون شك لم تعد الأوضاع إلي طبيعتها حيث نجد أنه رغماً عن هبوط أسعار الفائدة بين البنوك إلي أدنى مستوياتها على الإطلاق (حاليا يبلغ سعر فائدة القروض بين البنوك لأجل 3 أشهر 1.15%) إلا أن الفرق بين سعر فائدة القروض فيما بين البنوك وسعر الفائدة المطبق على الشركات يعتبر بصفة عامة أعلى مما كان عليه قبل عام.

ويظل توفر التمويل يمثل مشكلة لبعض المشاريع العملاقة وذلك لأن قطاع البنوك المحلية ليس كبيراً بالمستوى الذي يؤهله لتوفير التمويل اللازم لمثل تلك المشاريع، وكانت عمليات التمويل الكبيرة في السابق تتم من خلال قروض يوفرها تحالف ممولين من بينهم بنوك أجنبية وكذلك عن طريق جمع أموال من أسواق الأسهم والدين المحلية عبر الاكتتابات الأولية وإصدارات السندات وخاصة الصكوك، لكن البنوك الإقليمية والعالمية أصبحت أكثر حذراً الآن إزاء الأسواق الأجنبية بينما تعتبر أسواق الأسهم والدين في الوقت الحالي مغلقة بصورة فعلية.

ولم ير التقرير نفس هذه القيود بالنسبة للمشاريع التي تمولها الحكومة التي تدعم بشدة برامجها للاستثمار الرأسمالي الذي يمتد لسنوات وبمقدورها أن تمول بسهولة هذا البرنامج عن طريق السحب من احتياطيات من النقد الأجنبي (بلغ صافي قيمة الموجودات الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" حوالي 442 مليار دولار في نهاية ديسمبر) وكذلك من ودائعها لدى البنوك المحلية (التي بلغت 64 بليون بنهاية ديسمبر). بالإضافة إلي ذلك اتخذ صندوق الاستثمارات العامة عدة خطوات لزيادة دعمه للمشاريع في المملكة.

ويتوفر هذا الدعم الحكومي السعودي بالرغم من انهيار أسعار النفط الذي يعتبر مصدر ما يقارب 90% من إيرادات الدولة، أما التوقعات على المدى القريب بالنسبة للطلب العالمي على النفط فتأتي ضعيفة على الرغم من أن خفض أوبك لانتاجها قد ساعد على استقرار أسعار النفط عند حوالي 40 دولاراً للبرميل، إلا أن رفع سعره فوق مستوى 50 دولاراً بشكل مستقر لن يتحقق إلا في حالة حدوث انتعاش واضح في الاقتصاد العالمي (وقدر التقرير أن ميزانية المملكة للعام 2009 بٌينت على افتراض أن سعر النفط سيبلغ 48 دولاراً للبرميل لخام غرب تكساس القياسي) لكن إذا كان سعر 35 دولاراً للبرميل هو أدنى مستوى سجله النفط أثناء أصعب فترات الركود خلال أكثر من 50 عاماً فذلك يعني أن التوقعات بشأن الأسعار على المدى المتوسط تبدو جيدة.

كذلك أدى هبوط أسعار النفط مقرونا بالتراجعات الحادة في جميع أسواق الأسهم العالمية تقريبا إلي دفع سوق الأسهم السعودي إلي الأسفل، حيث قدرت "جدوى" هبوط قيمة محافظ المستثمرين في سوق الأسهم السعودي بحوالي 150 مليار دولار في الفصل الأخير من العام الماضي، وكان سوق الأسهم قد انخفض بنسبة 56% لكامل عام 2008 وأنهى العام متداولات عند مكرر ربحية متأخر (لفترة عام سابق) يبلغ 12.7 مرة وجاء عند أدنى مستوى له منذ ما يقارب 5 سنوات بحلول نهاية فبراير.

وذكر التقرير ان كافة العوامل التى تناولها قد أسهمت في ضعضعة ثقة المستهلك وقطاع الأعمال كليهما، وبما أن المملكة لا تزال تعتبر حديثة عهد بالمعايير الأساسية لقياس الثقة فقد بنيت جدوى افتراضاتها على التالي:

- تراجع نشاط نقاط البيع (مؤشر لمبيعات التجزئة) وخطابات الاعتماد المفتوحة (مؤشرات لإنفاق الشركات) على أساس سنوي في أكتوبر، بينما تسارعت وتيرة الهبوط في الأشهر التالية.

- تشير التقارير إلي هبوط مبيعات السيارات خلال الأشهر الأخيرة حيث يواجه المشترون صعوبة في الحصول على قروض التمويل بالإضافة إلي مخاوفهم بشأن احتمال إفلاس كبرى شركات تصنيع السيارات، ويدور الحديث عن تخفيضات هائلة في الأسعار على نطاق واسع.

- هبطت أرباح الشركات المدرجة في سوق الأسهم بشدة في الفصل الرابع، وكان الهبوط الأكثر حدة من نصيب الشركات التي يرتبط نشاطها بالأسواق العالمية (سواء كان ذلك من خلال الاستثمارات أو أسعار السلع أو أسواق التصدير) مثل شركات البتروكيمائيات وشركات الاستثمار المتعدد، أما الشركات التي تحرك أنشطتها المعطيات المحلية مثل شركات التطوير العقاري فقد جاء تراجعها أقل حدة.

وفى النهاية توقع التقرير أن يلعب الإنفاق الحكومي دور المحرك الرئيسي للاقتصاد هذا العام وستكون الثقة هي العامل الأساسي في تحديد أداء القطاعات الاقتصادية غير المرتبطة بتنفيذ العقود الحكومية وأسواق الأسهم، حيث أن الثقة المحلية أصبحت تتأثر بشدة بما يحدث في الاقتصاد العالمي.
اشراقة قلم غير متواجد حالياً