عرض مشاركة واحدة
قديم 01-01-2008, 05:46 AM   #13
سعد الجهلاني
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 52,139

 
افتراضي

السوق الخليجية المشتركة وتطلعات مواطني دول التعاون

يبدأ مواطنو دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع مطلع العام الجديد 2008م عهدا جديدا طالما ترقبوا بزوغه، بداية من اليوم الأول من يناير 2008م يبدأ المواطنون والمقيمون في الدول الست، وهي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وسلطنة عمان ودولة قطر ودولة الكويت، يبدأون تنفيذ قرار قمة مجلس التعاون الثامنة والعشرين التي عقدت في الدوحة بدولة قطر الشهر الماضي (ديسمبر 2007م) والخاص بالبدء في مزاولة كل ما يتعلق بالسوق الخليجية المشتركة، والتي تعدّ المرحلة المكملة من مراحل التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، بعد المرحلتين السابقتين، وهما منطقة التجارة الحرة والتي بدأ العمل بها في الأول من شهر مارس عام 1983م، ومرحلة الاتحاد الجمركي والتي سبق أن أقرها المجلس الأعلى في دورة سابقة وبدأ العمل بها أيضا في مطلع عام 2003م.
والحقيقة التي لايمكن تجاهلها ان هذه المرحلة تعتبر من اخطر المراحل في مسيرة مجلس التعاون واشدها اختبارا لمتانة هذا الكيان الكبير وصموده، والذي صارع الكثير من الأمواج والتيارات العالية خلال مسيرته في الأعوام الستة والعشرين الماضية، منذ أن بزغ فجر هذا المجلس في الخامس والعشرين من شهر مايو عام 1981م عندما اجتمع القادة الستة لهذه الدول في مدينة ابوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة وأقروا قيام هذا الكيان ،ومهّدوا الطريق لمسيرته. هذه المسيرة التي يفخر بها كل مواطن خليجي ينتمي الى هذا الصرح العربي الشامخ.
وقد جاء إقرار بدء هذه السوق الخليجية المشتركة في وقت تشهد فيه هذه الدول تقدما اقتصاديا كبيرا وطفرة مالية ضخمة، سواء في المجال البترولي او الصناعي او تشييد المباني وغيرها، والتي يرافقها ايضا انفتاح كبير على العالم الخارجي وتوجه الى الاستثمار في الدول الست، والتي تشهد حاليا قفزات كبيرة في رغبة الكثير من المستثمرين من داخل وخارج هذه الدول الى الاستثمار فيها والمشاركة في الاستفادة من السيولة الكبيرة المتاحة للمواطنين والمقيمين على حد سواء، والتي اظهرت الإحصاءات الدولية مؤخرا ان دول مجلس التعاون تشهد قفزات كبيرة أوصلت المملكة العربية السعودية وحدها الى المرتبة السادسة عالميا، وهذا تقدم ايجابي يجب ان تستفيد منه هذه الدول محليا وخارجيا.
وقد احسن قادة دول المجلس صنعا عندما أقرّوا خلال قمتهم الثامنة والعشرين التي عقدت في الدوحة مؤخرا، إقرار إصدار العملة الخليجية الموحدة في عام 2010م، بدلا من تأجيلها عدة سنوات، كما تداولت ذلك الصحف خلال السنة الماضية. ورغم ان التضخم في دول المجلس اصبح يلقي بظلاله الكئيب على هذه الدول، وان العديد من المختصين الاقتصاديين مازالوا يشككون في امكانية التطبيق في الموعد المؤمل عام 2010م، خاصة وان هناك عوامل اقتصادية عديدة تقف بالمرصاد لهذا التوجه، ومنها ضعف الدولار الامريكي والذي ترتبط به عملات معظم دول المجلس، وضعف في البنية التحتية لبعض دول المجلس، وتلكؤ في التطبيق من بعض الجهات المعنية في بعض دول المجلس، وان ما تحقق من إنجازات اقتصادية لايزال دون المؤمل. كما ان الاعتماد على القطاع العام في الدول النامية عموما، وفي دول المجلس خصوصا اصبح أمرا لايحقق الاهداف الاقتصادية المنشودة بكفاءة وفاعلية، وان القطاع الخاص هو الأقدر على ممارسة الانشطة الاستثمارية والانتاجية في ضوء المتغيرات الراهنة بصورة تنعكس ايجابيا على الأداء الاقتصادي والتنموي للدول نفسها.
ويتطلع المواطنون في دول المجلس بما فيهم القطاع الخاص الى ان يتواكب مع بداية السوق الخليجية المشتركة ان يتاح لهذا القطاع المزيد من المعطيات والايجابيات، والمشاركة الفاعلة في صنع القرارات التي يمكن ان تسهم في تسهيل ما تم إقراره، وعدم التمييز بين المواطنين في اي من الدول الست، كما تهدف الى ذلك السوق المشتركة، وان يتم فعلا فتح الأبواب للتنقل بالبطاقة المدنية ،وأن تختفي ا لطوابير الطويلة على الحدود، وان تتاح الإقامة لمن يريد من المواطنين في أي من الدول الاعضاء بيسر وسهولة، وان يتاح العمل لهم في القطاعين العام والخاص كما هو الحال لمواطني الدولة التي يقيمون فيها. كما يرنو المواطنون ايضا الى ان يتم التفاعل التام في كافة دول المجلس فيما يتعلق بالتأمينات الاجتماعية والتقاعد وتسهيل ممارسة الراغبين والقادرين منهم لمهنهم وحرفهم بيسر وسهولة في أية دولة يشاؤون، وهذا ينطبق ايضا على ممارسة جميع الانشطة الاقتصادية، خاصة وان الجميع يعلم بان هناك فائضا في العمالة المحلية لدى بعض الدول، وان هناك حاجة لأولئك الأشخاص في دول أخرى، وهذا سيعمل على زيادة الترابط التآلف بين مواطني دول المجلس وتعريفهم بدولهم الشقيقة وانصهارهم مع اشقّائهم في تلك الدول. كما ان تسهيل وفتح المجال فيما يتعلق بالاستثمار وتداول الأسهم وتملّك العقار للمواطنين في أي من الدول الست ،كما تتيحه لهم ذلك السوق المشتركة، سيزيد من تلاحمهم ووضع سمنهم في دقيقهم، وكذا سهولة تنقل رؤوس الأموال بين هذه الدول بيسر وسهولة، خاصة وان السوق المشتركة تنص على ذلك صراحة وبدون أية عراقيل. والأمل كبير في أن تتحقق هذه الأماني وأن نرى ما يحلم به الجميع يتم تنفيذه على أرض الواقع، كما حصل قبل أيام لمواطني الاتحاد الاوروبي من فتح الحدود بين الأربعة والعشرين دولة من دول الاتحاد.
وفّق الله المخلصين وأعانهم على أداء واجباتهم
سعد الجهلاني غير متواجد حالياً