وضوح
من هو هذا الرجل ؟
مازن السديري
في الخمسينيات والستينيات الميلادية هبت على السعودية رياح القومية الفوضوية.. استطاعت هذه الرياح أن تقلع الأنظمة الملكية وغير الملكية غير الموالية لجمهورية (صوت العرب).. خرج كميل شمعون من قصر (بعبدا) وقتل ملك العراق فيصل الثاني وقتل قاسم بعده بأربع سنين لتدخل بغداد في بحر من الدم لسنين وسنين، و هناك دول أخرى أصابها مثل هذا المصاب وأكثر، لكن سطور المقال لا تتسع لسردها بينما ذاكرة القارئ تتسع لكل ما صار من ذكريات حزينة آثارها باقية إلى اليوم...الفيصل العظيم أنجى السعودية من شر تلك الرياح وقاد البناء الداخلي بكل بسالة من تعليم وصحة وأعطى المرأة حقها في التعليم، وقاد النهضة الصناعية، أما أعماله الخارجية فلا تزال في ذاكرة كل عربي ومسلم، وكان بجواره رحمه الله رجل تنقل بين حكوماته في الخمسينات وفي عهده في الستينيات والسبعينيات من أمير لمنطقة الرياض إلى وزير للزراعة ثم المواصلات ثم أخيرا الدفاع.. هذا الرجل هو اختصار لمراحل السعودية من تحديات وتقلبات.
يوجد رجال من الممكن أن يكونوا بصورة مبسطة اختصارا لوطنهم، أنا لا أقصد رجالاً حكموا أوطانهم لفترة طويلة بل أقصد آخرين تدرجوا في مناصب ومهام كانت حساسة، ومضطربة في فترة من الزمن.. فمثلا (ميتيران) الرئيس الفرنسي كانت حياته اختصارا لكل ما واجهته فرنسا منذ أن كان مناضلً خلال فترة الاجتياح الألماني لفرنسا إلى توليه وزارة الداخلية في الستينات الميلادية خصوصا عندما كانت تعاني الجمهورية من اضطرابات داخلية واجهها هو بحزم إلى أن تولى رئاسة الجمهورية في مطلع الثمانينات.
سلطان بن عبدالعزيز هو بالتحديد الرجل الذي أعنيه منذ أن كان عضد أخيه الملك فيصل رحمه الله (لا أنسى الصورة التي يحمل بها نعش أخيه الشهيد ووجهه يرسم بكاء الدمع الصامت) خدم الملك خالد والملك فهد رحمهم الله ولم يجعل القوات المسلحة جهة معزولة عن المجتمع بل جعلها جهة تنموية (فمثلاً قاعدة تبوك) كانت سبباً رئيسياً لنهضة تبوك الاقتصادية بسبب ما جاءت به من فرص وظيفية وخدمات طبية وتعليمية، أما اليوم فهو عضد أخيه ربان سفينة السعودية نحو النهضة والإصلاح خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز.. سنين طويلة خدم فيها الأمير سلطان إخوانه المواطنين منذ ٦٥ عاما عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، وجعل وزارته درع الوطن الحصين ومصدراً لنقلة طبية لا تخطئها العين.. يصعب عليَّ أن أختصر شخصه بصفة الكرم فيه ولكن في المقابل أستطيع أن أقدمه اختصاراً لمسيرة السعودية عبر السنين.. متّعه الله بالصحة والعافية.
|