عرض مشاركة واحدة
قديم 25-09-2009, 06:33 AM   #7
زيــنــه
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 5,130

 
افتراضي

القمة.. سجال بين الاستمرار في الإنفاق أو تسليم الزمام للأسواق من جديد

تعالى السجال داخل أروقة قمة مجموعة العشرين التي انطلقت أعمالها أمس، وتختتم اليوم بلقاء قمة يجمع قادة أكبر 20 اقتصادا في العالم، حول أيهما أكثر أهمية الاستمرار في الإصلاح المالي والاقتصادي العالمي لإحداث توازن ومنع تكرار الأزمة أم تقييم المرحلة الحالية ووقف الإنفاق العام للسماح للقطاع الخاص بتسلم زمام المبادرة.

في أجندة قمة مجموعة العشرين الراهنة يحاول قادة العالم الاستجابة للأزمة الراهنة بإظهار التزامهم باقتصاد عالمي أكثر محافظة على البيئة وأكثر أخلاقا وإنصافا وأفضل توازنا.

وتتطلب هذه «العولمة الجديدة» حكما عالميا يقوم على قيم إنسانية عالمية تعكس واقع الاعتماد الاقتصادي المتبادل.

يقول محللون واقتصاديون التقتهم «الاقتصادية» إنه من المؤكد أن مجموعة العشرين تمنحنا الفرصة لصياغة العولمة، وتطوير نموذج مستديم ليحل محل الآخر الذي تداعى جراء انهيار الأسواق المالية.

لامبروت ناني محلل ألماني يقول» أوروبا لديها الكثير كي تقدمه على هذا الصعيد في إطار مساعينا لتنمية هذا الهيكل العالمي الجديد. لقد عملنا طيلة 60 عاما بمثابة مختبر للتعاون فوق الوطني عبر الحدود. ويسعى النموذج الأوروبي للمجتمع للتفوق على التفرع المدمر للأسواق غير المنظمة أو الدول بالغة القوة».

وزاد «في أوروبا، وقبل أي اجتماع لمجموعة العشرين، حرص قادة الاتحاد الأوروبي على إقرار علانية موقف واضح وموحد. وسعينا لبناء شراكة وتعزيز بدرجة أكبر العلاقات عبر الأطلسي، الوثيقة بالفعل، المتطورة بسرعة مع الدول الناشئة».

وأوضح ناني أنه ليس باستطاعة مجموعة العشرين ولا ينبغي أن نسعى لوقف العولمة، خاصة أنها خلقت ثروات هائلة وأنقذت الكثير من مناطق العالم من براثن الفقر، وبفضلها حلت التعاملات التجارية والتبادل الثقافي محل العزلة وانعدام الثقة.

من جهته يرى بيتر دنكون، اقتصادي أمريكي أن الأزمات الاقتصادية السابقة أسفرت عن تفشي السياسات الحمائية ـ وفي أسوأ الظروف، تمخضت عنها صراعات راح ضحيتها عشرات الملايين. أما هذه المرة، في إطار عالمنا المتعولم، نعمل معا حول الطاولة، بدلا من الوقوف في مواجهة بعضنا البعض داخل ميدان القتال.

وأضاف «هناك مؤشرات توحي بأنه، مع اتخاذ القرارات السياسية الصائبة، بمقدورنا استعادة عافية الاقتصاد تدريجيا في عام 2010. لكن الخطابات النبيلة حول التغيير يجب ألا تنزلق إلى السياسات المعتادة فيما مضى بمجرد تراجع حدة الضغوط الاقتصادية الفورية».

وتابع إذا ما كانت هناك رغبة حقيقية في استمرار استعادة الاقتصاد لعافيته، فيجب أن تصعد مجموعة العشرين جهودها الرامية لإصلاح الأسواق المالية، مع إبداء حزم تام ضد أي عودة إلى «السبل القديمة الضارة».

من ناحيتهم، يساور الأوروبيين الفزع إزاء معاودة المصارف ـ التي يعتمد بعضها على أموال دافعي الضرائب ـ دفع علاوات مالية باهظة لمسؤوليها. في بيتسبيرج، من المتوقع أن يدعو الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات منسقة ومتناغمة لوضع حد لهذا الأمر، والبناء على إجراءات جرى تنفيذها بالفعل على هذا الصعيد داخل أوروبا ومناطق أخرى.

إلى جانب ذلك، يتحتم على أعضاء مجموعة العشرين تحمل مسؤولية إعادة تحقيق التوازن بالنمو العالمي وجانب الطلب سعيا للحيلولة دون وقوع أزمات مستقبلية.

إضافة إلى ذلك، يتعين اضطلاع صندوق النقد الدولي بدور مهم على هذا الصعيد. الآن، وفينا بالوعد الذي قطعناه أثناء قمة لندن بتوفير موارد جديدة بقيمة 500 مليار دولار تحت تصرف الصندوق. ومن المقرر أن يوفر الاتحاد الأوروبي أكثر من ثلث هذا المبلغ. ويجب أن يبث اجتماع بيتسبيرج مزيدا من القوة في الدور الإشرافي للصندوق.

أيضا، من الضروري أن تحرز مجموعة العشرين تقدما فيما يتعلق بإصلاح نظام الحصص والتمثيل داخل صندوق النقد الدولي، ذلك أن جميع الاقتصاديات الكبرى على مستوى العالم ينبغي أن تحظى بصوت يتناسب مع حجمها. كما يتحتم عليها تحمل المسؤوليات المترتبة على ذلك.

من ناحيتها، ستضغط أوروبا بجدية سعيا لإحراز تقدم فيما يخص التصدي للتغييرات المناخية. وإذا لم ننتصر في هذه الحرب، فإن تقدمنا الاقتصادي في نهاية الأمر لن تكون له أدنى قيمة. الآن، أمامنا أقل من 80 يوما تفصلنا عن مؤتمر كوبنهاجن للتغييرات المناخية المقرر انعقاده في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وقد حان الوقت كي نتحلى بالجدية إزاء هذه القضية.

لإحراز تقدم علينا الحديث بلغة الأرقام. وقد طرحنا بالفعل أفكارنا حول الجوانب المالية المرتبطة بالقضية. وعلى الآخرين الإسهام على نحو متناسب. بوجه عام، لم يعد الوقت الآن مناسبا لتوخي حذر بالغ في تناول هذه القضية.

يحوي النص المطروح حاليا على مائدة التفاوض 200 صفحة تضم عديدا من البدائل. دعونا نتحدث بوضوح: إذا لم نجد حلا لهذه القضية، فإننا نواجه تحول هذه الوثيقة إلى أطول رسالة انتحار عرفها التاريخ.

أما الرسالة التي ينقلها الأمريكيون إلى أعضاء العشرين هي أنه يتحتم علينا العمل كمصدر إلهام لهذا العالم برؤيتنا لمستقبل تعمل فيه الأسواق المفتوحة والحرية في خلق الثروة في إطار يقوم على مبادئ أخلاقية وبيئية واضحة، وتدعمه قواعد عالمية مفروضة بقوة.

من ناحيته شرح معان اليافعي، صحافي لبناني تاريخ القمة مشيرا إلى أنها بدأت تلك النوعية من القمم في السبعينيات كقمة سباعية، بمبادرة فرنسية شاركت فيها أكبر سبع قوى اقتصادية هي الولايات المتحدة، اليابان، ألمانيا الغربية، بريطانيا العظمى، فرنسا، إيطاليا، وكندا. وبعد سقوط الإمبراطورية السوفياتية في فترة التسعينيات تمت توسعة المجموعة إلى الثماني لتضم روسيا كعضو مشارك. وفي الآونة الأخيرة تمت توسعة الاجتماع السنوي بصورة أكبر ليضم 12 دولة أخرى تمثل أمريكا اللاتينية، إفريقيا، الشرق الأوسط، وآسيا.

وتابع «تنبأ من قاموا بتغطية تلك القمة منذ بداياتها منذ عقود بأن تفشل، وكان بعض النقاد يميلون إلى وصف كل جلسة بأنها «الجلسة الأخيرة». غير أن الاجتماع السنوي استمر في التوسع أكثر وأكثر، وثار تساؤل عما إذا كان المشهد الذي سنشهده في بيتسبيرج الأسبوع المقبل سيكون القمة ذاتها أم أنها ستكون قمة مختلفة».

وأشار اليافعي إلى أن الاجتماعات السابقة كانت تنظم كاجتماعات سرية مصغرة يقارن فيها رؤساء الدول المذكرات ويعقدون فيها اتفاقات سرية، كما كانت تُبذل جهود كبيرة لإبعاد الإعلام وإضفاء نوع من الغموض على القمة.

وزاد «بيد أنه مع بداية التسعينيات تحولت القمة إلى ما يشبه مهرجانا صاخبا للعلاقات العامة مصمما لتمثيل المشاركين بأفضل صورة ممكنة. وكل قمة كان يحدد لها موضوعها وتتم مناقشته على كل المستويات طوال العام، لكن القرارات الرئيسية تؤخذ قبيل انعقاد القمة بوقت طويل من قبل ما يسمى «المتخصصين» ووزراء قبل بداية انعقاد القمة بأسابيع بل وربما بأشهر.

سيكون الموضوع الرئيسي للقمة هذا العام هو الركود العالمي وسبل التخفيف منه، والسياسات التي يمكن أن تحول دون تجدده مرة أخرى. وإذا ما أنجزت المهام الموكلة إلى المتخصصين التي تضم اجتماع وزراء المالية في لندن بداية هذا الشهر فإن ذلك مؤشر على أن قمة بيتسبيرج لا يحتمل أن تخرج بأي شيء ذي قيمة».

وقال اليافعي «المشاركون الرئيسيون غير قادرين حتى على الموافقة على تشخيص المرض الذي أحدث الركود الحالي أو جاذبية الأزمة العالمية.

فيعتقد البعض مثل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن الركود الاقتصادي نتاج لما يصفه البعض بالنموذج «الأنجلو ـ ساكسوني»، الذي يعمل على تهميش دور الدولة والسماح للمضاربين والمغامرين الاقتصاديين بانتهاز كل فرصة لصنع المال مع قليل من الاهتمام بمصالح المجتمع ككل».

لكن في المقابل يفترض بنموذج السوق المشتركة الأوروبية أن يضع مصلحة المجتمع في البداية مع فرض الدولة آليات تشريع صارمة.

وخلال الأشهر القليلة الماضية أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني جوردن براون عددا من التصريحات التي تبدو في مجملها تبنيا واضحا لنموذج السوق الاشتراكية الأوروبية.

في المقابل تؤكد التقارير الواردة عن القمة أن استخدم أوباما وبراون الحوافز التي تدفع للمضاربين في البنوك الاستثمارية الكبرى كقضية رمزية، للتحذير من الإفراط في المخاطرة في السوق كان مؤثرا. وقبل أسبوع من بيتسبيرج ذهب الرئيس باراك أوباما إلى «وول ستريت»، وألقى خطابا تعهد فيه أمام المصرفيين بأن يعدل شهيتهم للمكافآت السريعة.

وكعادة الرئيس أوباما كانت كلماته ذات وقع جيد، بيد أنها في مرحلة التطبيق تصبح مدلولات عامة غامضة.

وبفضل مليارات الدولارات التي أنفقت في عهد أوباما باتت حكومة الولايات المتحدة أضخم مصرفي ومؤمّن مصانع سيارات ومقرض رهون عقارية، ويمثل الإنفاق الحكومي اليوم ما يقرب من 27 في المائة من الاقتصاد الأمريكي، وهو ما يعد النصيب الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تقدم الحكومة تسعة من بين كل عشرة رهون عقارية وضمان كل المستثمرين ضد مخاطر الإفلاس.

وتضيف التقارير «في الوقت ذاته يبدو أن ألمانيا وفرنسا تشقان طريقهما بنجاح في مواجهة الركود عبر فصلين متتابعين من النمو، من دون الحاجة إلى موارد لما يسمى بعملية التحفيز القائمة في كل من بريطانيا والولايات المتحدة. وبعبارة أخرى، لا يوجد دليل على أن ما يدعى بالتحفيز أنتج أو قد ينتج التأثيرات المرجوة.

وفي الوقت ذاته لا يمكن للمرء التيقن مما إذا كان من الممكن أن تعود ألمانيا وفرنسا إلى النمو السريع الذي كانتا عليه إذا ما استخدمتا المستوى نفسه من الحوافز التي قدمتها بريطانيا والولايات المتحدة.

من جانبهما، ستحاول ميركل وساركوزي الضغط من أجل إقرار تشريعات عالمية من ذلك النوع الذي يمكن أن يحول دون الصدمات المستقبلية لكن من شأنها أن تدخل الاقتصاد العالمي في فترة طويلة من الركود.

الخبر السيئ هو أنه من غير المحتمل أن تخرج قمة بيتسبيرج بالدواء السحري ليسترد الاقتصاد العالمي عافيته. لكن الخبر الجيد هو أن الاقتصاد العالمي لم يعد بحاجة إلى ذلك الدواء بعد.

ذلك الاجتماع المتنامي من الاقتصاديين يخبر العالم بالفعل أن الركود الرهيب الذي جاء كتكرار لانهيار عام 1929 لم يكن بتلك الشدة التي كانت متوقعة. وتدعي بعض النفوس الشجاعة أن ما مررنا به أكثر من عثرة على الطريق، وجزء محتوم من الدورة الاقتصادية.

من المؤكد أن قمة دول العشرين ستكون استعراضا جيدا وعرضا للتضامن العالمي ومناسبة لتوثيق العلاقات بين دول العالم المختلفة. ونظرا لهذا السبب ولأنها لا تمثل ضررا فلا مانع من تكرارها العام المقبل.
زيــنــه غير متواجد حالياً