عرض مشاركة واحدة
قديم 25-02-2009, 09:01 AM   #14
فهد88
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2004
المشاركات: 13,429

 
افتراضي

فلنتوجه لشرق أوروبا وآسيا الوسطى


الرياض السعودية الاربعاء 25 فبراير 2009 6:19 ص




د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج

تطرقت في مقال سابق إلى الدور الذي لعبته بلدان أوروبا الشرقية - بما فيها الفضاء السوفيتي الذي كان يضم، بالإضافة إلى روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء ودول البلطيق وغيرها من البلدان الأوروبية، العديد من دول آسيا الوسطى أهمها كازاخستان وأوزبكستان وأذربيجان وتوركمنستان- في الازدهار الاقتصادي الذي شهدته الولايات المتحدة خلال الفترة التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي. وذلك بعد تحرير اقتصاد هذه البلدان وانفتاح أسواقها على الولايات المتحدة وأوروبا الغربية ومن هناك على بقية أنحاء العالم.

وإذا كان انخفاض الدخل في شرق أوروبا في السنوات الأولى التي تلت تفككها، والذي يعكسه تدني نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، قد أعاق تطور الصادرات السلعية إليها فإن ذلك لا ينطبق على تصدير رؤوس الأموال، حيث أن رخص اليد العاملة في أوروبا الشرقية، بالمقارنة مع أوربا الغربية، قد ساعد هذه الأخيرة والولايات المتحدة على الاستفادة من الوضع بصورة مضاعفة. فمن ناحية أدى رخص اليد العاملة في شرق أوروبا، التي يقل أجرها عن مثيلتها في غرب أوروبا بنسبة 70%، إلى زيادة الطلب عليها.

حيث وصلت نسبة المهاجرين من بعض تلك البلدان، كدول البلطيق، إلى 10% تقريباً من إجمالي عدد السكان. ومن يسافر إلى الولايات المتحدة وغرب أوربا لا بد وأن يكون قد لاحظ في المطارات ومحطات القطار الكثير من العمال القادمين من شرق أوروبا. فهذه اليد العاملة قد تم استخدامها هناك في البناء والتعمير الذي شهد ازدهاراً ملموساً خلال العشرين سنة الماضية. من ناحية أخرى فإن انخفاض مستوى المعيشة وتدني تكاليف الأصول في الفضاء السوفيتي وشرق أوروبا قد شجع رؤوس الأموال الغربية على الاستحواذ على العديد من المشاريع الناجحة الموجودة بأبخس الأثمان وإقامة مشاريع اقتصادية جديدة بأقل التكاليف. ولذا فلا غرابة أن نرى أن 80% من البنوك العاملة في أوربا الشرقية تعود ملكيتها للبنوك الغربية. كما أننا أصبحنا نشاهد في أسواقنا العديد من الماركات العالمية المشهورة المصنعة في بلدان شرق أوروبا.


ولكن هذا الوضع في طريقه إلى التغير. فالأزمة الاقتصادية التي وصلت رياحها إلى شرق أوروبا قد تؤدي إلى تعميق الأزمة في المراكز التي انطلقت منها. فالتجارة مع شرق أوروبا، التي شهدت في السنوات الماضية تقدماً ملحوظاً، سوف تتقلص. كما أن تصدير رؤوس الأموال- التي زاد حجم تدفقها، على عشرة بلدان شرق أوربية خلال الفترة (2004 - 2006)، من 28.5 مليار يورو إلى 38.4 مليار يورو- سوف يتراجع وتتراجع معه الأرباح التي يعاد تصديرها. أما رؤوس الأموال المستثمرة في بورصات شرق أوروبا ووسط آسيا فإنها تعود من جديد إلى بلدانها الأم وسط انهيار واضح لأسواق المال وخسارة كبيرة للمساهمين فيها. فهذا التدفق العكسي لرؤوس الأموال من شرق أوروبا ربما يكون الأسوأ في تاريخها. إذ أنه رغم ضخامة حجم الأموال التي كانت تخرج من هذه البلدان خلال التسعينات من القرن المنصرم- وخاصة من بلدانها الغنية مثل روسيا، الذي كانت تتدفق منه إلى الخارج وحده، في الفترة المشار إليها، ما بين 20 إلى 30 مليار دولار سنوياً- فإن التدفق العكسي الحالي يتعدى تلك الأرقام. وذلك على الرغم من الفترة الزمنية الوجيزة.


بيد أن رب ضارة نافعة كما يقول المثل. فقطاع الأعمال في المملكة وبلدان الخليج التي فاتته، في نهاية القرن المنصرم، الفرصة للاستحواذ والاستثمار وتثبيت الأقدام في شرق أوروبا ووسط آسيا قد ينتهز الأزمة الاقتصادية الحالية لزيادة تدفق رؤوس أمواله إلى العديد من القطاعات المهمة هناك كالسياحة، الزراعة، العقار،الصناعة الغذائية، صناعة الملابس وقطاع النفط والغاز. خصوصاً وأن سعر صرف العملات في بعض تلك البلدان قد انخفض إلى الثلث مما يجعل شراء الأصول مناسباً جداً للمستثمرين.
فهد88 غير متواجد حالياً