عرض مشاركة واحدة
قديم 23-12-2008, 11:31 PM   #69
الرابح
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2003
المشاركات: 13,846

 
افتراضي

أرسل لي أخ فاضل عن تحليلي مرض الدولار المزمن يقول فيها: " هذه الورقة الخضراء يسندها ويدعمها ويخطط لها ويصدرها مجلس الاحتياط ووزارة خزانه ودار سك وإصدار حق لها أن تسحر الدول والناس. خلال عقود عملت دولة هذه العملة على العمل بعكس الاتفاقيات النقدية والمالية وتنصلت من التزاماتها بتستر حيناً وبوقاحة حيناً آخر. لقد دأبت هذه الدولة على طباعة الورقة الخضراء وتصديرها إلى العالم على أساس أنها الورقة الأكثر جودة ومصداقية. لقد طبعت الورقة الخضراء لدفع قيمة واردات النفط في حقبة الأسعار المرتفعة الأولى لقد صدَّرت التضخم لجميع أنحاء العالم، وعملت على التنصل من التحويل إلى ذهب. من يعرف حجم الدين العام لهذا البلد يكتشف حقيقة مرعبة، أن درجة الإفصاح في التقارير النقدية والمالية ضعيفة فيما يتعلق بالدولار كما أن هناك حجب متعمد لبعضها كما فعلوا أخيراً فيما يتعلق بحجم أو كمية الدولار في العالم. إن بناء نظام نقدي سليم يستطيع البقاء ليس بالأمر المستحيل وأول متطلباته وضع المعايير والأسس الصحيحة لتكوين الاحتياطي ونوع هذا الاحتياطي والعمل الدوؤب دون كلل"

فأجبته قائلا: هو الأمر كما ذكرت والدولار المريض سيموت يوما الله أعلم بموعده ويقولون متى هو؟ قل: عسى أن يكون قريبا ويحضرني في هذا قصة تلك المرأة التي جاءت إلى القاضي تطلب تقاعد زوجها فقالت: أريد أن يكون معاشي الشهري على الشكل التالي: ثلاثين كيلو خبز وخمسة كيلوات لحمة وستين بيضة وخمسة كيلو غرامات سكر وعشرة كيلو أرز وتنكة زيت وخمس قطع من الصابون!نطقت المرأة الطلب بعفوية ولكنها كانت تملك أفضل الأدمغة الاقتصادية على الأرض، فما قيمة الدولار إذا كان يوما 360 بفنك ألماني ليصبح بعد فترة 135 بفنك (الوحدة النقدية الألمانية السابقة) أي بخسارة ثلثي قيمته؟؟.

وينقل لنا التاريخ قصصاً مرعبة عن كارثة (التضخم النقدي Inflation) ففي عهد الأباطرة الرومان الثلاثة (كاليجولا وكلاوديوس ونيرون) نضبت الأموال في الخزينة بسبب قيام هؤلاء الحكام بصرفها على إقامة الأعياد والاحتفالات وبناء البيوت الفخمة ورشوة الجيش والحرس الخاص من أجل ضمان ولائهم. ولما جفت الأموال قاموا بفرض الضرائب المرتفعة والاستيلاء على أموال الميسورين وضرب عملة جديدة. ونتيجة لهذه الممارسات الخاطئة مرت البلاد بأزمة حادة من التضخم فارتفع سعر القمح بمقدار 100000% (مائة ألف في المائة) وقبل انهيار روما، كان الاقتصاد الروماني قد دُمر تماماً». وسرى الشيء نفسه على الامبراطورية الإسبانية فانكمشت رقعة الامبراطورية إلى حدودها الأصلية. كذلك الحال بعد الحرب العالمية الأولى حيث وصل سعر رغيف الخبز في ألمانيا في نهاية عام 1923 م إلى 428 مليار مارك؟!. فكانت عربة كاملة من النقد لا تساوي كيلو الخبز.

وأمريكا تعالج وضعاً مريضا بدواء فاسد فهي تدفع بالدولار إلى الحضيض فتسدد ديونها بورق من بضاعة مزجاة، ولذا لجأ بعض التجار إلى حسابات معقدة لتسوية هذه الفوضى الدولارية العارمة بحسابات يعجز عنها شاخت الألماني.

وقبل عشرين عاما قرأت للاقتصادي السعودي (الكابلي) بحثا لا أنساه بعد الإعلان عن مذبحة العملات بسيف الدولار حيث أصبح المارك الألماني يباع بـ 103 هللات، واشتريت يومها ماركات رخيصة بسعر 107,8 هللة نفعتني في شراء عفش للبيت من شركة أيكيا IKEA من ألمانيا.

قال الكابلي يومها عن تحليق الدولار المجنون إنه ما طار طير وارتفع إلا كما ارتفع وقع. وفعلا فإن رحلة الدولار الموجعة أوصلته إلى الحضيض فوقع من علياء كما تقع المعزة من سفح جبل.
الرابح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس