عرض مشاركة واحدة
قديم 04-10-2009, 04:42 AM   #35
يد النجر
فريق المتابعة اليومية - عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 15,043

 
افتراضي

لا تجود بأسرارها إلا لمن يعشق جمالها ويسعى إليها

سُياح «تاروت» يغوصون في تاريخ يتجاوز 5 آلاف عام

حسين الشريف - الدمام


منازل عتيقة في حي « الديرة » وتبدو الأزقة الضيقة

تختزن مدينة «تاروت» جزءاً رئيسياً من تاريخ المملكة، لذا فهي، وبحسب المؤرخين، منبع التاريخ، وذاكرة الزمن، ومن يطوف في أرجائها، سائحاً، يستشعر أهميتها، ويدرك أن هذه المدينة، بما لها من ثقل تاريخي، تمثل شيئاً مهماً لسكانها، وحلماً كبيراً للكثيرين، يتمنون تحقيقه، برؤيتها ومعرفة أسرارها، التي تحتفظ بها لنفسها، ولا تجود به إلا على من يسعى إليها، طالباً ودها.
وتضم تاروت بين أضلعها عدداً من المدن والقرى التي تتتناثر بين النخيل، وعلى رمال الشاطئ إلا أن جولة السائح بها لن تكتمل في فهم العمق «التاريخي والاقتصادي والحضاري لهذه المنطقة، حتى يزور جزيرة تاروت التي تختزل جزءاً كبيراً من تاريخ شرق المملكة.
وتقع جزيرة تاروت على الضفة الغربية من الخليج العربي. وهي ثاني أكبر جزيرة في الخليج، بعد جزيرة أوال أو ما يسمى الآن بـ «البحرين»، وتقع شرق القطيف داخل خور واسع من البحر، يحيط به غرباً ساحل القطيف وجنوباً ساحل الدمام، وشمالاً رأس تنورة الممتد إلى محاذاة الجزيرة من الشرق، وتعد جزيرة تاروت أوسع الجزر الواقعة على شاطئ الخليج داخل المملكة، بل أكبر جزيرة فيه بعد جزيرة البحرين، وتبلغ مساحتها حوالي 70 كم2.
التاريخ والتسمية
يرجع تاريخ جزيرة تاروت إلى أكثر من خمسة آلاف عام قبل الميلاد، فهي من أقدم البقاع التي عاش فيها الإنسان، ومن أقدم بقاع شبه الجزيرة العربية، وهي إحدى مكونات واحة القطيف في المنطقة الشرقية من المملكة، وقد أخذ اسمها من عشتار أو عشتاروت التي ترمز إلى «الحب والحرب» عند البابليين والكنعانيين ومنهم الفينيقيون. وكانت جزيرة تاروت هي أهم مراكز مملكة دلمون وصاحبة الدور الكبير في تاريخ المنطقة خلال أكثر من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، وقد استمر الاستقرار البشري فيها بكل عنفوان ونشاط دلت عليه الاكتشافات الأثرية خلال تلك القرون وحتى يومنا هذا، وهو أمر يندر حدوثه في الكثير من المناطق الأثرية في العالم، فكان لها الدور الأكبر في الحياة التجارية في الخليج، حيث اعتمدت عليها تجارياً بلاد الرافدين وبقية المنطقة الساحلية في شرقي شبه الجزيرة العربية، وارتبطت بعلاقات وطيدة مع الكثير من المناطق المتحضرة في المنطقة.
قلعة تاروت
تقع قلعة تاروت في وسط جزيرة تاروت في طرف حي الديرة، وقد بنيت هذه القلعة بين عامي 1515م- 1521م، ولكن من غير المعروف حتى الآن من الذي بناها، رغم ترجيحات بعض باحثي الآثار أن أهالي القطيف وتاروت بنوها لتحميهم من هجمات البرتغاليين إبان غزواتهم إلا أن بعضاً آخر من الباحثين يرى أن الغزاة البرتغاليين هم الذين بنوها لتحميهم من هجمات الأتراك ضدهم، إلا أنهم اضطروا لتسليم القلعة عام 1559م وخرجوا من تاروت إلى جزيرة أوال «البحرين» الآن.
ثغر وميناء
تمثل جزيرة تاروت أحد أهم الثغور البحرية للمملكة العربية السعودية، فكانت في الماضي ميناءً حيوياً ترسو فيه السفن القادمة من موانئ الخليج ومن بحر العرب ومن بلاد الهند. وتاروت هي المدينة الأم التي سميت بها الجزيرة، وتتمركز في جزيرة تاروت يحيط بها القرى الصغيرة التي تتبعها.
ويعرف وسط تاروت أو الحي القديم فيها هذه الأيام بالديرة التي هي المركز الأساس للقرى التي استحدثت في فترات متفاوتة، ويعد حي الديرة الحي الأقدم في الجزيرة، حيث يعود تاريخه إلى عهد الفينيقيين، وفيه سترى البيوت الطينية والحجرية متراصة، ذات أزقة ضيقة وممرات، وبالتجول بين هذه الأزقة، سترتسم في مخيلتك ذكريات الماضي السحيق والتاريخ العميق، وقد كان للديرة سور يحيط بها، ويصد هجمات المعتدين عنها، ويحدها من جهة الغرب حصن تاروت ويعتبر الحصن الحصين في هذه الجزيرة.
مقتنيات أثرية
من المقتنيات الأثرية المهمة التي تم العثور عليها في تاروت تمثال من الذهب الخالص لـ «عشتاروت»، عثر عليه في أحد بساتين النخيل بتاروت ملقى على الأرض وهناك الكثير من التماثيل والأواني النحاسية والفخارية والأسلحة التقليدية التي اكتشفت بتاروت موجودة في متحف الرياض، كما يوجد بها القلعة البرتغالية الموجودة في الديرة وهذه القلعة رممت عام 951 هـ وهي على أنقاض مستوطنات سابقة يعود أقدمها إلى 5 آلاف سنة مضت.
كما يوجد بها قلعة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الفيحاني التي بنيت عام 1303هـ وقلعة أبو الليف الموجودة في البحر بين جزيرة تاروت والقطيف، والمساجد الثلاثة على طريق القطيف القديم.
قفزة عمرانية
بجولة سريعة بسيارتك في أحياء تاروت ستلمس القفزة العمرانية الكبيرة والتطور قد شمل كافة مناحي الحياة، ففي مستهل تلك الجولة سيستقبلك الجسر الجديد الذي سينقلك من كورنيش القطيف إلى أحضان جزيرة تاروت، هذا الجسر يعد الثاني الذي يصل تاروت بما حولها، فيما تجري العدة للبدء في إنشاء جسر ثالث سيربط الجزيرة من جانب دارين بحاضرة الدمام، وخلال جولتك سيستوقفك كورنيش دارين الذي أنشئ على أحدث طراز، والذي يمثل واجهة عصرية ومكاناً دافئاً لاستقطاب العائلات، ثم سترى نفسك تقف أمام ميناء دارين المخصص كمرسى لسفن الصيد، ولدى مواصلتك للجولة ستخترق أحياء حديثة تضم آلاف المنازل المخدومة بكل ما تحتاجه.
يد النجر غير متواجد حالياً