عرض مشاركة واحدة
قديم 18-11-2004, 11:40 AM   #1
د. علي دقاق
مستشار اقتصادي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2003
المشاركات: 984

 

افتراضي أما آن للدولار أن يتنحَّى

--------------------------------------------------------------------------------

التاريخ : 6/10/1425 هــ
الموافق : 18/11/2004 م

العـدد : 1250
إقتصادي

أما آن للدولار أن يتنحَّى

المصدر : تحليل: د. علي دقاق
كثيرة هي الأسئلة المطروحة حول انخفاض عملة الدولار الأمريكي واسباب وتأثيرات هذا الانخفاض محلياً -داخل الولايات المتحدة- وعالمياً ونفطياً. وبالرغم من خوض الكثير من المحللين النقديين والمستشارين الماليين حول الاسباب والتأثيرات والتوقعات المتوافقة والمتناقضة لم أقف على رأي يقول بحتمية تدهور الدولار وتسارع دورات انخفاضه. وقد سبق ان كتبت مقالاً مطولاً عن الجروح المفتوحة في الاقتصاد الأمريكي نشر في (عكاظ) قبل بدء حرب احتلال العراق واشرت فيه الى التغيير الخطير الحاصل في الهيكلية الوظيفية للاقتصاد الأمريكي والتي تنبئ بمحطات مرور صعبة جداً على الاقتصاد الأمريكي ومنه الى العالم الخارجي الذي يرتبط بعلاقات اقتصادية وسياسية وثقافية مع الولايات المتحدة الأمريكية خاصة ان 55% من التجارة العالمية مقوم بالدولار وان حوالى 85% من الأسهم والسندات ايضاً مقومة بالدولار وان دولة الدولار تسيطر على أكثر من 32% من الاقتصاد العالمي وفوق هذا وذاك ان السلعة الاستراتيجية والعالمية والحضارية والسياسية -النفط- يتم تسعيرها بالدولار وهذا يعنينا كثيراً في المملكة.

انخفاض الدولار اصبح حتمية بسبب فقدان الدولة العظمى المتواصل لأرضياتها السياسية والثقافية وبالطبع الاقتصادية هذه الارضيات التي تعتبر المحرك الرئيس والمتغيرات المهمة في عالم العولمة اليوم. وبدون الخوض في اسباب الخسارة في الارضيات السياسية والثقافية والتي باتت واضحة من سياساتها في العراق وفلسطين الا انه من المجدي الخوض في اسباب الخسارة على الارضية الاقتصادية التي احد اهم معالمها تغيير الهيكلية الوظيفية للاقتصاد الامريكي والتي قفزت على اهمية مقياس معدل ثقة المستهلكين والمستثمرين وباتباع سياسة غير منتجة لتوجيه المدخرات الوطنية وقللت بل وعقدت من انسيابية التدفقات النقدية الخارجية الواردة للاقتصاد الامريكي التي انخفضت بحوالى 71% عمّا كانت عليه قبل احداث سبتمبر 2001.

خطة بوش الاقتصادية تدعو الى دولار قوي وحقيقة ما هو مطبق يؤكد استراتيجية الدولار المنخفض لغرض زيادة الصادرات الامريكية التي قد تبدو منطقية ولكنها غير متوازنة حيث انها تعبر عن طرف رابح -أمريكا- واطراف خاسرة وليس رابح ورابح (win-win) وقد حرّك انخفاض الدولار منطقة اليورو خاصة فرنسا التي صرح رئيسها شيراك بضرورة التحرك ضد التمادي الأمريكي بتخفيض الدولار. رد الفعل هذا من دول صناعية مصدرة وليست مستوردة كما هو الحال مع الدول المصدرة للنفط والتي تستلم ايراداتها بالدولار حيث تعتبر اكبر الخاسرين, خاصة دول مجلس التعاون وعلى رأسها المملكة التي يمثل النفط 90% من صادراتها وحوالى 80% من ايراداتها في حين ان المملكة تلبي اكثر من 10% من الطلب العالمي على النفط.

المملكة التي تتسلم ايراداتها النفطية بالدولار تستورد اقل من 25% من احتياجاتها من الولايات المتحدة في حين ان ما يقارب 70% من وارداتها تأتي من منطقة اليورو المرتفع امام الدولار وفي هذا خسارة صافية بعد التحويل من دولار منخفض الى يورو مرتفع بمعنى ان واردات المملكة من دول اليورو والين وغيرها سوف تكون بأسعار أغلى وبتكاليف تحويل ايضاً وبالتالي فإن الخسارة المتولدة من نسبة 70% من الواردات تفوق كثيراً المكاسب المتولدة من استيراد ما نسبته 25% من الولايات المتحدة بسبب انخفاض الدولار وهذه قضية لا يشفع فيها التثبيت المؤقت للعملات الخليجية بالدولار لغرض الوصول الى عملة خليجية موحدة عند العام 2006 كما هو مقرر.

النقطة الاخيرة وهي ان الايرادات المتوقعة بنهاية عام 2004 والتي قدرتها بعض الدراسات بحوالى 500 مليار ريال لن تكون بنفس قوتها الشرائية المتوقعة بسبب انخفاض الدولار وربما لا تكون بنفس المبالغ المقدرة بسبب بدء تراجع اسعار النفط وهذا من شأنه ان يبطئ من استراتيجية تنويع مصادر الدخل المتباطئة اصلاً.

والسؤال المتكرر دائماً هو ما هي البدائل لتقليل الخسائر? للاجابة على مثل هذا التساؤل نحتاج الى تقليب اوراق التاريخ للوقوف على حقيقة كيف تم التمهيد للدولار كي يسيطر اقتصادياً وسياسياً وثقافياً منذ العام 1908م.



alidakkak*************



--------------------------------------------------------------------------------
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة عكاظ للصحافة والنشر
جدة: 6760000
د. علي دقاق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس