عرض مشاركة واحدة
قديم 12-08-2016, 02:17 AM   #2
أليا صهل
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 10,221

 
افتراضي

(مكة والمدينة) في وجدان الشعراء

رجّعت بين الحرامين اعتباري واغمرتني بالخشوع وبالسكينه


بداح السبيعي



إضافة إلى المكانة الرفيعة والعظيمة للحرمين الشريفين: مكة المكرمة والمدينة المنورة في قلوب مئات الملايين من المسلمين بسبب ما اختصهما الله به من المزايا والفضائل، فإن حضورهما في وجدان الشعراء يعني حضور إبداع شعري يتسم بالصدق والعذوبة في تصوير أجواء الروحانية والقداسة التي يعيشها المرء في رحابهما، تلك الرحاب الطاهرة التي تُسكب فيها العبرات وتضاعف الحسنات وتُستجاب الدعوات، ويُعبر الشاعر المبدع مشعان البراق في واحدة من قصائده الرائعة عن شوقه الكبير لرؤية الكعبة المشرفة ورغبته في أن تكون صورتها هي آخر ما يُشاهده من هذه الحياة، فيقول:
اشتقت للكعبة بعد عنّها أبطيت
أخاف يومي قبل أجيها يجيني
الموت ما خفته، لكن ما استعديت
خوفي من ذنوبٍ جنتها يديني
يا ربي أنا أخطيت وأخطيت وأخطيت
يا ربي لدرب الصلاح تهديني
وتحميني من النار يا حامي البيت
وإنك توفّقني رضا والديني
أسألك حسن الخاتمه لا تمنيت
والكعبه: آخر صورةٍ وسط عيني
أشوفها وأسجد سجودي لا صليت
وتفيض لك روحي وتاقف سنيني
ويرى الشاعر المبدع سداح العتيبي في زيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة وطلب عفو الله ومغفرته في رحابهما علاجاً ناجعاً لضيق الصدر، ووسيلة ناجحة لطرد الهموم والأحزان التي تُحاصره:
ما علي خلاف طيّب يا مشاري
محتزم بالصبر وضلوعي متينه
مومنٍ بأمر الولي والحكم جاري
وأحمد اللي سن حكمه واستعينه
إعترافي بالخطا ساق اعتذاري
أطلب الغفران وذنوبي دفينه
ما حفت رجلي على طول المساري
والتعب مخلوف والطرقه ثمينه
رجّعت بين الحرامين اعتباري
واغمرتني بالخشوع وبالسكينه
خاطري لا ضاق من كثر الطواري
ينشرح ما بين مكه والمدينه
إضافة إلى أجواء الراحة والسكينة التي يشعر بها المسلم في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وإحساسه الأكيد باختلافها عن سائر المدن، تستحضر ذاكرة الشاعر نايف أبو ثنتين عند زيارتها جزءاً من تاريخ هذه المدينة العريقة وأعلامها ومعالمها والأحداث التي جرت فيها:
إثر المدينه غير كل المداين
فيها طمأنينه وفيها سكينه
من جيتها والهم بالفعل هاين
ما كنّي إلا طفل بأول سنينه
وصدّر خفوقي أمر والأمر كاين
بالعفو عن كل الهموم السجينة
وارتحت ثم طابت جروحٍ دفاين
حتى خفوقي ما بقى به ضغينه
إلى أن يقول:
وإن جيتها منها شمالٍ وباين
تشوف (أحد) اللي يشدك حنينه
منظر مهيب تشاهده أون لاين
وإن جيته أقرب شفت ذكرى حزينه
ذكرى بدايتها هرب كل خاين
واستشهدوا فيها دروعٍ متينه
حمزه ومصعب وان بغيت الضماين
فالسيرة العطره تحصل يقينه
أقولها لو كانه البال شاين
لا بد ما يفارق ضنينٍ ضنينه
وتظل لمكة المكرمة وللمدينة المنورة في جميع الأزمنة مكانة خاصة ومميزة لدى ملايين المسلمين، ومهما أبدع الشعراء في النظم واجتهدوا في تصوير أجواء القداسة والأمان والطمأنينة فيهما تبقى أشعارهم قاصرة عن تصوير الإحساس الحقيقي الذي يشعر به المسلم عند زيارة تلك الأماكن المقدسة وتأدية الشعائر التعبدية في رحابها.
أليا صهل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس