عرض مشاركة واحدة
قديم 15-07-2009, 05:21 AM   #18
يد النجر
فريق المتابعة اليومية - عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 15,043

 
افتراضي

ويبقى شيء
مع الاعتذار للإخوة الهنود والأتراك
خالد الفريان

تسارعت خلال السنوات الأخيرة الخطوات الإصلاحية والقرارات التنظيمية لتحسين العديد من الجوانب التي تهم حياة الناس ، ولا يكاد يمر أسبوع إلا وقد أصدر مجلس الوزراء الموقر قرارا هاماً أو تنظيما معينا لتطوير أحد الجوانب، أو الإعلان عن مشروع تنموي في أحد أطراف بلادنا ، ويكفي كمثال على التنظيمات الترتيبات المتميزة والشاملة لتطوير البيئة القضائية ، ويكفي كمثال على المشاريع هذا التطور الهائل في إنشاء الجامعات في كافة مناطق البلاد.

صحيح أن هناك ممن يعانون جراء انهيارات سوق الأسهم أو جراء المساهمات الوهمية أو تعثر المساهمات العقارية أو ممن يعانون الفقر أو البطالة يقولون أننا لم نر شيئا على أرض الواقع ، ولكن الحقيقة أن هذه المشاريع وهذه التنظيمات تحتاج وقتاً حتى يلمس الناس آثرها، ومن غير الموضوعية والإنصاف تجاهل إيجابيات ما يجري في البلاد من حراك تنموي متسارع وإن لم يشمل كافة الجوانب، أو صاحبه بعض السلبيات ، أو لم يتم في سياق مشاركة شعبية واسعة تجعل الناس تتفاعل معه بشكل أكثر إيجابية ، و" تفاؤلاً ".

وفي تقديري الشخصي أن أهم الجوانب التي لا تتم معالجتها حتى الآن بالشكل الصحيح (والحديث هنا يقتصر على الجوانب التي تهم الناس بشكل مباشر، و يمكن تناولها في هذه الزاوية) هو الخلل الهيكلي في سوق العمل في البلاد، الذي يتسبب في استمرار مشكلتي الفقر والبطالة، دون وجود أي تحسن حقيقي كبير في نسبهما، رغم ما يبذل من جهود وأموال لمعالجتهما.

وقد تناولت هذا الموضع عدة مرات عبر أكثر من بعد ، واليوم أتناوله من زاوية واقع ومستقبل المنشآت الصغيرة في السعودية ، فمنذ ثلاثين سنة والندوات تعقد والمقالات تكتب والدراسات تتناول واقع ومستقبل المنشآت الصغيرة في السعودية ، وليس هناك موضوع أخر أكثر من هذا الموضوع من حيث عدد التوصيات لمعالجته ، بينما الوضع وفقا للمثل الشعبي ( من جرف لدحديرة ! ).

وأعتقد أن مكمن الخلل يكمن في أزمة سوق العمل ، كما أن الكثير من الدراسات وتوصيات الندوات تستعرض التجارب الدولية في مجال تشجيع المؤسسات الصغيرة ، وهذا أمر منهجي محمود ، ولكن أغلبها في ذات الوقت تقع في خطأ منهجي رئيسي وهو المطالبة بالتعامل مع المؤسسات الصغيرة في المملكة وفقا للتجارب الدولية ، باعتبار أن المؤسسات الصغيرة عادة هي الموظف الأكبر للمواطنين ، والمحرك الرئيسي للاقتصاد ، بينما واقع الحال في المملكة هو كثافة المؤسسات الصغيرة في المجالات غير الإنتاجية وغير المحركة للاقتصاد الحقيقي ، وأن ملكية معظم المؤسسات الصغيرة الحقيقية هي لأجانب متستر عليهم ، ومعظم العاملين بها من غير السعوديين ، وذلك كما نشاهده جميعا .

ولدي عدة تقارير ودراسات منشورة لجهات حكومية مسئولة ، تؤكد ذلك مع وضع نسب مخيفة تتجاوز التسعين % أحياناً ، وتشير تلك التقارير"الحكومية " إلى أن ملكية السعوديين لأغلب المنشآت الصغيرة في السعودية "صورية" ، فهل يعقل استمرار عجز " الدولة " عن معالجة هذه الأزمة؟

لقد بات من الضروريات الملحة قيام المجلس الاقتصادي الأعلى بدراسة وإقرار تنظيمات شاملة وإستراتيجيات عملية لمعالجة الخلل الهيكلي في سوق العمل في البلاد.. وإلى ذلك الحين، الذي لن يحين، فإني أدعو لتشجيع المؤسسات السعودية الصغيرة عبر وقف الترخيص لجميع المنشآت الصغيرة في البلاد ( باستثناء المنشآت التي يلتزم صاحبها بالعمل بها أو توظيف سعوديين للقيام بذلك دون وجود عامل أجنبي ) وبحيث تكون مدة هذا القرار مثلا ثلاث سنوات ، فإن فشل نعود لعقد الندوات التي تطالب - دون جدوى - بدعم المؤسسات الصغيرة في المملكة.

مع الاعتذار للإخوة الأتراك في محلات الحلاقة والإخوة الهنود في محلات التموينات على هذا الاقتراح الذي – لو وجدت جهة تقره، ولا يوجد! - سيحد من طموحاتهم في التوسع لثلاث سنوات.
يد النجر غير متواجد حالياً