عرض مشاركة واحدة
قديم 23-07-2013, 03:58 AM   #521
شرواك
فريق المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 20,000

 
افتراضي

الحلم الأمريكي.. شيِّد مسكنك حيث تشاء

في نهاية الأسبوع الماضي، وبينما كانت إنجلترا تنعم بطقس حار بشكل غير عادي، ذهبت لركوب القوارب حول كورنوال مع بعض الأصدقاء من سويسرا وبريطانيا وأمريكا. وبينما كنا نمر بخفة عبر الماء، وننظر إلى الساحل الجميل، أشار أحد أصدقائي غير الإنجليز إلى شيء غريب. لو أننا كنا ننظر إلى شاطئ فيه عدد من أكثر المواقع الخلابة للعطلات في الولايات المتحدة - ماليبو، أو لونج آيلاند، أو ولاية فلوريدا وما إلى ذلك – سنجد أن الساحل مليء بالمنازل المكلفة التي تطل على الواجهة البحرية أو على المنحدرات.
والأمر ليس كذلك في إنجلترا. لماذا؟ التاريخ بلا شك يفسر جزءاً من الاختلاف. فالمنازل الأمريكية في معظمها "جديدة" وفقاً للمعايير الإنجليزية، وهذا يعني أنها بنيت في القرن الماضي، أو في الوقت الذي جعلت فيه تقنيات البناء الحديثة من الممكن أن يتم إنشاء البيوت على البقع الضعيفة - وحين شعر الأثرياء الأمريكيون أنهم قادرون على إعادة تنظيم استخدام الأراضي لصالحهم. لكن في أماكن مثل كورنوال وديفون توجد قطع من الأراضي تهيمن على مساحات رائعة – حيث يمكن للأمريكيين الأغنياء أن يقوموا ببناء مساكن جديدة – لكنها مخصصة غالباً لتكون متنزهات وطنية، وممرات عامة أو أراضٍ زراعية محمية.
وأظن أن هناك قضايا ثقافية أكثر عمقاً لها دور كذلك. فالولايات المتحدة هي أرض تم إنشاؤها من قبل أصحاب مشاريع ورواد (كانوا) يؤمنون بأنه يمكن للعزيمة والتفاؤل أن يتغلبا على كل شيء، وحيث من المقبول أن تفرض إرادتك على البيئة. لكن الثقافة البريطانية الحديثة أقل ثقة واتساماً بروح المشاريع، ولم تكن لدى نخبها الثروة والمعتقد نفسيهما (أو الغطرسة الصريحة) التي تمكنهم من إخضاع العالم لإرادتهم بحثاً عن أفق رائع.
وينعكس هذا الموقف – ويتعزز- في موضوع التأمين الحاسم. ففي بريطانيا لا يوجد أي دعم من الحكومة على التأمين ضد الفيضانات. وإذا قمت ببناء منزل في بقعة ضعيفة، ستتحمل التكلفة بنفسك. ونتيجة لذلك، عندما تتأذى المنازل جراء الفيضانات أو عملية التعرية الساحلية، فإن قيمتها تهبط. في الأسبوع الماضي في ديفون نشرت الصحف أن مبنى على حافة هاوية متآكلة بيع بـ 35 ألف جنيه استرليني، وهو سعر أقل من عُشر قيمته العادية.
والولايات المتحدة لديها نظام معروف باسم البرنامج الوطني للتأمين ضد الفيضانات، أنشأ عام 1968 "استجابة لاعتقاد سائد بأن مخاطر الفيضانات غير قابلة للتأمين من قبل القطاع الخاص وحده"، كما يفسر لنا ذلك بحث نشر في الفترة الأخيرة من كلية وارتون للأعمال. وهذا لا يغطي كل كارثة تحدث (لا يغطي دائماً الأضرار التي تسببها الأعاصير) وكثير من أصحاب المنازل الفقراء لا يقومون أبداً باستخدامها. لكن برنامج التأمين الوطني ضد الفيضانات يقوم بتقديم تأمين لما قيمته 527 مليار دولار من الأصول، أو أكثر من 5.5 مليون من المساكن، ومنذ عام 1978 قام البرنامج بدفع نحو 37 مليار دولار في شكل تعويضات (لا تشمل أضرار إعصار ساندي).
لكن لأن صندوق التأمين يعاني ديونا تبلغ 17 مليار دولار، هناك ضغوط متصاعدة لتخفيض الإعانات. والإصلاحات الأخيرة في البرنامج تفرض من الآن على أصحاب المساكن في المناطق المعرضة للمخاطر أن يدفعوا تكاليف تأمين أعلى. وبعض الناشطين البيئيين – وصقور المالية العامة – يريدون إصلاحات أقوى بكثير من ذلك. لأنه ليس من المنطقي بالنسبة للحكومة أن تواصل تشجيع الناس على العيش في أماكن خطرة في الوقت الذي توجد فيها مساحات كبيرة من الأراضي الجيدة في الداخل، وفي الوقت الذي تواصل فيه مستويات سطح البحر في الارتفاع. ورغم أن هناك استبياناً من جامعة ستانفورد يشير إلى أن غالبية الأمريكيين يريدون تقليص إعانات برنامج الفيضانات، إلا أنه أظهر كذلك قبولاً أوسع لفكرة أن الأمريكيين ينبغي أن يكونوا "أحراراً" في بناء مساكنهم حيث يشاؤون، كجزء من الحلم الأمريكي. وبالمقاييس العملية، توجد الآن مساكن وممتلكات قيمتها عشرة تريليونات دولار في المناطق الساحلية في الولايات المتحدة (منها ثلاثة تريليونات في نيويورك ومثلها في فلوريدا) وليس هناك دليل ملموس على وجود تغير في خيارات المستهلكين. ومنذ إعصار ساندي ارتفع سعر المساكن على واجهة الماء في لونج آيلاند، ولم ينخفض. وربما يبدو هذا علامة على الجنون بالنسبة لشخص مثلي (وقد نشأتُ في جزء من طفولتي بين التلال المرحلية المتهاوية في منطقة ديفون). لكن بالنسبة لصديقي من نيويورك، هذه التلال الإنجليزية الجميلة – والخاوية – تبدو غريبة بالقدر نفسه. وعلى أية حال، في المرة المقبلة، حين ترى شاطئ كورنوال – أو كونيتكت – تأمل في هذا التقابل، خصوصاً بالنظر إلى أن موسم الأعاصير الأمريكية بدأ رسمياً الآن.
جيليان تيت
شرواك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس