عرض مشاركة واحدة
قديم 17-03-2017, 06:11 AM   #1
أليا صهل
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 10,221

 

افتراضي عقيدة الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى

منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة>المنبر الإسلامي العام


http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=7592




عقيدة الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى




بسم الله الرحمن الرحيم

قال الدكتورعبد الله نومسوك في رسالته الدكتوراة بعنوان ( منهج الإمام الشوكاني في العقيدة ) : فقد انتهيت بعون الله و توفيقه من إتمام هذا البحث و إكماله ، وفي هذه الخاتمة أحب أن أجمل النتائج و الفوائد التي توصلت إليها في النقاط التالية :
1 - عاش الشوكاني رحمه الله (1173 - 1250ه) في فترة كانت البلاد الإسلامية فيها تعاني من تفكك ومن ضعف شديد ، وكانت الصراعات المذهبية و الطائفية القبلية تسود المجتمعات الإسلامية بصفة عامة و مجتمع اليمن (مسقط رأسه) بصفة خاصة ، وقد عاصر رحمه الله المذاهب و الفرق و الطوائف الدينية المختلفة ، كالرافضة و الزيدية و الصوفية و المعتزلة و غيرهم ، ورأى ما فيهم من التعصب و الجمود ، ومن الانحراف العقدي و السلوكي المناقض لتعاليم الإسلام ، كما رألى ما وقع فيه الناس حوله من الفساد و الشرور و البدع و الشركيات ، وجهلهم بأمور الدين ، ورأى قعود العلماء و الحكام عن أداء واجباتهم في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، ورأى الظلم الاجتماعي الذي ساد المجتمع اليمني عموما ، تبدت مظاهره في سلوكيات القضاة و العمال و الحكام و هذه الأمور التي تكونت منها بيئة الشوكاني لها أثر بالغ في ظهوره و قيامه بالإصلاح .
2 - نشأ الشوكاني رحمه الله في بيت علم حيث كان والده من العلماء الكبار ، وكان له أكبر الأثر في تكوين الشوكاني ، حيث هيأ له فرصة التفرغ للعلم ، وكفل له وسائل الحياة المعيشية ، فبدأ حياته العلمية منذ الصغر ، وتتلمذ على عدد كبير من علماء صنعاء في عصره ، ولم يرحل منها. وكان أكثرهم تأثيرا فيه شيخه عبد القادر بن أحمد الكوكباني ، و الحسن بن إسماعيل المغربي ، وعبد الله بن إسماعيل النهمي ، ودرس جميع العلوم الشرعية و العربية و نبغ فيها ، بل درس العلوم الفلسفية الشائعة في ذلك الوقت ، كالمنطق و الطبيعة و الرياضة وغير ذلك ، وقد بلغ مرتبة من التفوق المبكر جعلته يدرس وهو في أثناء طلبه للعلم ، ويفتي وهو في العشرين من عمره ، ثم يتولى بعد ذلك القضاء العام وهو في السادسة و الثلاثين من عمره ، ووجد في قضائه فرصة متاحة له لنشر مذهبه في الاجتهاد و نبذ التقليد ، والدعوة إلى طريق السلف الصالح ، وظل متوليا منصب القضاء حتى توفي بصنعاء عام 1250ه.
3 - خلف الشوكاني رحمه الله تعالى مع اشتغاله بالأعمال الكثيرة عددا كبيرا من المؤلفات و الرسائل القيمة في مختلف العلوم ، ولم يزل معظم هذا التراث مخطوطا و تجدر العناية بتحقيقه ودراسته ، وتسهيل السبل إلى طبعه حتى تتحقق الفائدة .
4 - تفقه الشوكاني رحمه الله على مذهب الزيدية ، إلا أنه لم يلبث أن تخلى عن التقليد و التمذهب ، و أصبح لا يتقيد بفرقة من الفرق أو مذهب من المذاهب ، بل اعتمد اعتمادا مباشرا على الكتاب و السنة ، و أصبح من المجتهدين في البحث عن الحكم الشرعي و الرأي العقائدي من خلال الأدلة و البراهين ، لا من طريق التقليد و التلقين ، وقد وصل إلى هذه المرتبة وهو دون الثلاثين من عمره ، وكانت دعوته إلى الاجتهاد ونبذ التقليد و الرجوع بالتشريع إلى طريق السلف تمثل امتدادا لأدوار من سبقه من المجددين و المصلحين ، كالإمام مالك و أبي حنيفة و أحمد بن حنبل و شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ، وكابن الوزير و المقبلي و الأمير الصنعاني ، و الإمام محمد بن عبد الوهاب ونظائرهم رحمهم الله . وقد تعرض في سبيل الدعوة لأذى كثير من المتعصبين و المقلدين في عصره ، واتهموه بالدعوة إلى هدم مذهب أهل البيت ، وهو بريء من هذه التهمة ، وهذا شأنهم مع كل عالم مجتهد آخذ بالدليل.
5 - أورد الشوكاني رحمه الله أحاديث ضعيفة و منكرة في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في بعض كتبه ، وألف في آخر عمره كتابه : الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ، حيث بين نكارة كثير من تلك الأحاديث. وهذا يدل على أنه لم يتبين له ما في تلك الأحاديث من النكارة ، ولما نضج علمه توصل إلى هذه النتيجة في الحكم عليها ، وهو أمر يدل على تطور في علمه بعلوم الحديث ، شأنه كشأن غيره من العلماء المجتهدين.
6 - من خلال دراستي لمنهج الشوكاني في العقيدة تبين لي أنه وافق السلف أهل السنة في جميع أركان الإيمان الستة ،وهي : الإيمان بالله و ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر و القضاء و القدر ، ولم يخالفهم إلا في مسائل قليلة ، وكان رأيه في بعضها مضطربا بين كتاب و آخر ، كما في بعض الصفات . وفيما يلي أذكر تلك المسائل مختصرا :
أ - في توحيد الألوهية :
أجاز التوسل بالذات و الجاه وجعله كالتوسل بالعمل الصالح ، وهذا مخالف لما قرره ودعا إليه في عدد من كتبه من محاربة الشرك وسد الذرائع المؤدية إليه.
ب - في أسماء الله تعالى :
ذهب إلى جواز تسمية الله بما ثبت من صفاته ، سواء ورد التوقيف بها أو لم يرد. غير أني لم أقف على تطبيق الشوكاني لهذه القاعدة لا في تفسيره و لا في غيره.
ج - في صفات الله تعالى :
- أول بعض الصفات الإلاهية في تفسيره : فتح القدير تأويلا أشعريا .والصفات التي أولها هي : الوجه و العين و اليد و العلو و المجيء و الإتيان و المحبة و الغضب ، على التفصيل الذي ذكرته في الرسالة. وهذا التأويل مناقض لمنهجه في رسالته التحف في إثبات الصفات على ظاهرها من غير تحريف و لا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، وهو مذهب السلف رضوان الله عليهم .
- نهج منهج أهل التفويض في صفة المعية في رسالته التحف ، فلم يفسرها بمعية العلم ، بل زعم أن هذا التفسير شعبة من شعب التأويل المخالف لمذهب السلف . وهذا مخالف لما ذهب إليه في تفسيره وفي كتابه تحفة الذاكرين من أن هذه المعية معية العلم ، وفسرها هنا تفسير السلف .
- ذهب مذهب الواقفة في مسألة خلق القرآن ، فلم يجزم برأي هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟
د - في نواقض التوحيد :
- أجاز تحري الدعاء عند قبور الأنبياء و الصالحين باعتبارها أماكن مباركة يستجاب الدعاء فيها. وهذا مخالف لما قرره و دعا إليه في عدد من كتبه من سد الذرائع إلى الشرك في الأموات .
- جعل الحلف بالقرآن كالحلف بمخلوق من مخلوقات الله .
ه - في النبوات :
يرى التوقف في مسألة التفضيل بين الأنبياء و الرسل عليهم السلام .
هذا و قد سلك الشوكاني رحمه الله تعالى طريقة السلف في الاستدلال لكل مسألة من مسائل العقيدة التي أثبتها ، فيقدم الأدلة النقلية على العقلية و يقدم المعنى الظاهر من النصوص على معنى المجاز منها ، كما في كتابه التحف ، إلا في مسألة المعية كما تقدم إيضاحه. وكذلك في تفسيره لمسألة الاستواء و غيرها من الصفات التي أثبتها في تفسيره و لم يؤولها.
أما ما يظهر في كتبه من اضطراب و تناقض في هذا الباب و غيره وخالف فيه السلف أهل السنة فيمكن الاعتذار عنه بأنه نشأ و ترعرع في بيئة زيدية ، وكانت دراسته داخلها و لم يخرج منها ، فلعل الظروف المحيطة بهذه البيئة لم تتهيأ له كثيرا للاطلاع على كتب أئمة السلف أهل السنة و الجماعة .
هذا وقد أخطأ الشوكاني فيما أخطأ ، و لاندعي له العصمة ، ولا نقول عنه إلا أنه من البشر ، والبشر يخطئون و يصيبون ، وكما قال هو نفسه : (إن الخطأ شأن البشر ، و كل يؤخذ من قوله و يترك إلا المعصوم صلى الله عليه و سلم ، و الأهوية تختلف ، و المقاصد تتباين ، وربك يحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون ) .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (وقل طائفة من المتأخرين إلا وقع في كلامها نوع غلط لكثرة ما وقع من شبه أهل البدع ، و لهذا يوجد في كثير من المصنفات في أصول الفقه ، و أصول الدين و الفقه و الزهد و التفسير و الحديث ، من يذكر في الأل العظيم عدة أقوال ، ويحكي من مقالات الناس ألوانا ، و القول الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه و سلم لايذكره لعدم علمه به لا لكراهية لما عليه الرسول صلى الله عليه و سلم ) - شرح حديث النزول ص 118 -.
ويقول شيخ الإسلام أيضا في كلام نفيس غاية ، يذكر فيه الحكم على العالم الذي من عادته الوقوف على الحق ، ولكن لم يصبه في بعض الأمور ، أو في بعض الأوقات و الأحايين ، كما يذكر فيه أيضا تحذير طلبة العلم من اتباع زلاته ، أو ترديد عثراته ، بسبب شهرته و صلاحه و ظهور آثاره و طول باعه : ( وليس لأحد أن يتبع زلات العلماء ، كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم و الإيمان إلا بما هم له أهل ، فإن الله تعالى عفا للمؤمنين عما أخطؤوا ، كما قال تعالى : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) - البقرة 286 قال الله : قد فعلت . رواه مسلم
و أمرنا أن نتبع ما أنزل إلينا من ربنا و لانتبع من دونه أولياء ، و أمرنا أن لا نطيع مخلوقا في معصية الخالق ، و نستغفر لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، فنقول : (ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) - الحشر 10 - الآية.
وهذا أمر واجب على المسلمين في كل ما كان يشبه هذا من الأمور ، و نعظم أمره تعالى بالطاعة لله و رسوله و نرعى حقوق المسلمين ، لاسيما أهل العلم منهم ، كما أمر الله و رسوله ، ومن عدل عن هذه الطريق فقد عدل عن اتباع الحجة إلى اتباع الهوى في التقليد ، و آذى المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا ، فهو من الظالمين ، ومن عظم حرمات الله ، و أحسن إلى عباد الله ، كان من أولياء الله المتقين ، و الله سبحانه أعلم) - المجموع ج 32 ص 239 -.
راجع في ذلك كتاب الشيخ الفاضل محمد عمر بازمول (الانتصار لأهل الحديث) فإنه مهم جدا
واقرأ فيه المرة بعد الأخرى (فصل أعيان أهل الحديث ص 103 - 130)
كتبه أبو وائل سمير محمد ناصر مرابيع.


http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=7592
أليا صهل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس