عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-2013, 07:50 AM   #9
أليا صهل
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 10,221

 
افتراضي

قصة حاتم الأصم
يروى أن حاتم الأصم أحد الصالحين كان كثير العيال ،وكان لايملك شيئا من الدنيا ، بل كان على جانب عظيم من التوكل على الله فجلس ذات ليلة مع أصحابه يتحدث معهم ، فتعرضوا لذكر الحج ، فدخل الشوق في قلبه ثم إنه دخل على أهله وأولاده فقال لهم لو أذنتم لأبيكم أن يذهب إلى بيت ربه في هذا العام حاجا يدعو لكم ، ماذا عليكم لوفعلتم؟ فقالت زوجته وأولاده : أنت على هذه الحالة لا تملك شيئا ، ونحن على ماترى من الفاقة ، فكيف تريد ذلك ؟
وكانت له ابنة صغيرة فقالت: ماذا عليكم لو أذنتم له ، ولايهمكم ذلك ، دعوه يذهب حيث شاء ، فإنه آكل للرزق وليس برزاق. فقالوا : صدقت والله هذه الصغيرة ، ياأبانا اذهب حيث شئت فقام من وقته وساعته ، وخرج مسافرا ، فتأسف على فراقه أصحابه وجيرانه ، ودخلوا على أهل بيته يوبخونهم حيث أذنوا له في الحج ، فجعلوا ( أي الأهل ) يلومون تلك الصغيرة ويقولون لها لو سكت ما تكلمنا ولا أذنا له فرفعت الصغيرة طرفها إلى السماء وقالت : إلهي وسيدي ومولاي ، عودت القوم بفضلك أنك لا تضيعهم فلا تخيبهم ، ولا تخجلني معهم وبينما هم على هذه الحالة ، إذ خرج أمير البلدة متصيدا ، فانقطع عن عسكره وأصحابه ، فعطش عطشا شديدا ، فاجتاز ببيتهم ، وقرع بابهم ، فقالوا : من أنت ؟؟؟ قال : الأمير ببابكم يستسقيكم ، فرفعت زوجة حاتم رأسها الى السماء وقالت : إلهي وسيدي سبحانك بتنا جياعا ، واليوم يقف الأمير على بابنا يستسقينا ثم إنها أخذت كوزا جديدا فملأته ماء ، وقالت للمتناول منها اعذرونا ، فأخذ الأمير الكوز فشرب منه ، فاستطاب الشرب من ذلك الماء ، فقال : هذه الدار لأمير ؟؟؟
فقالوا : لاوالله ، بل لعبد من عباد الله الصالحين ، يعرف بحاتم الأصم ، فقال الأمير : قد سمعت به ، فقال الوزير : يا سيدي إنه أحرم البارحة بالحج وسافر ، ولم يخلف لعياله شيئا ، وأخبرت البارحة أنهم باتوا جياعا فقال الامير : ونحن أيضا قد أثقلنا عليهم اليوم ، وليس من المروءة أن يثقل مثلنا على مثلهم ثم حل الأمير منطقته من وسطه ، ورمى بها في الدار ، وقال لأصحابه : من أحبني فليلق منطقته ، فحل الجميع مناطقهم ، ورموا بها إليهم ثم انصرفوا فقال الوزير : السلام عليكم ياأهل البيت ، لآتينكم الساعة بثمن هذه المناطق فلما نزل الأمير ، رجع إليهم الوزير ، ودفع إليهم ثمن تلك المناطق مالا جزيلا واستردها منهم فلما رأت تلك الصبية الصغيرة ذلك ، بكت بكاءا شديدا ، فقالوا لها : ماهذا البكاء ؟؟؟ وكان ينبغي لك أن تفرحي ، فإن الله قد وسع علينا ، فقالت : يا أمي والله إن بكائي لمابتنا البارحة جياعا ، فنظر إلينا مخلوق نظرة واحدة فأغنانا بعد فقرنا ، فإذا نظر إلينا الكريم الخالق ، لايكلنا إلي أحد طرفة عين اللهم انظر إلى أبينا ، ودبره بأحسن التدبير هذا ماكان من أمر الأولاد ، وأما ماكان من أمر أبيهم ( أي حاتم الأصم ) فإنه لما خرج محرما ولحق بالقوم ، مرض أمير الركب ، فطلبوا له طبيبا فلم يجدوه ، فقال ( أي أمير الركب هل من عبد صالح ؟؟؟ فدُلَّ على حاتم ، فلما دخل عليه وكلمه ، دعا له ، فعوفي من وقته ، فأمر له الأمير بما يركب ، وما يأكل ، وما يشرب فنام حاتم تلك الليلة مفكرا في أمر عياله ، فقيل له في منامه : ياحاتم من أصلح معاملته معنا ، اصلحنا معاملتنا معه ثم أخبر بما كان من أمر عياله ، فأكثر الثناء على الله تعالى ، ولما قضى حجه ورجع تلقته أولاده ، فعانق الصغيرة وبكى ، ثم قال : صغار قوم كبار قوم آخرين ،إن الله لاينظر إلى أكبركم ولكن ينظر إلى أعرفكم به ، فعليكم.
بمعرفته ، والاتكال عليه ، فإنه من بتوكل على الله فهو حسبه سبحانه وتعالى.
أليا صهل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس