عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-2012, 06:23 AM   #127
أليا صهل
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 10,221

 
افتراضي

أضغط
http://www.islamweb.net/newlibrary/d...=119&startno=1

مسألة: الجزء الثاني التحليل الموضوعي

فصل
والفراسة ثلاثة أنواع : إيمانية . وهي المتكلم فيها في هذه المنزلة .
وسببها : نور يقذفه الله في قلب عبده . يفرق به بين الحق والباطل ، والحالي والعاطل ، والصادق والكاذب .
وحقيقتها : أنها خاطر يهجم على القلب ينفي ما يضاده . يثب على القلب كوثوب الأسد على الفريسة . لكن الفريسة فعيلة بمعنى مفعولة . وبناء الفراسة كبناء الولاية والإمارة والسياسة .
[ ص: 454 ] وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان . فمن كان أقوى إيمانا فهو أحد فراسة .
قال أبو سعيد الخراز : من نظر بنور الفراسة نظر بنور الحق ، وتكون مواد علمه مع الحق بلا سهو ولا غفلة . بل حكم حق جرى على لسان عبده .
وقال الواسطي : الفراسة شعاشع أنوار لمعت في القلوب ، وتمكن معرفة جملة السرائر في الغيوب من غيب إلى غيب ، حتى يشهد الأشياء من حيث أشهده الحق إياها ، فيتكلم عن ضمير الخلق .
وقال الداراني : الفراسة مكاشفة النفس ومعاينة الغيب ، وهي من مقامات الإيمان .
وسئل بعضهم عن الفراسة ؟ فقال : أرواح تتقلب في الملكوت . فتشرف على معاني الغيوب . فتنطق عن أسرار الخلق ، نطق مشاهدة لا نطق ظن وحسبان .
وقال عمرو بن نجيد : كان شاه الكرماني حاد الفراسة لا يخطئ . ويقول : من غض بصره عن المحارم ، وأمسك نفسه عن الشهوات ، وعمر باطنه بالمراقبة وظاهره باتباع السنة ، وتعود أكل الحلال : لم تخطئ فراسته .
وقال أبو جعفر الحداد : الفراسة أول خاطر بلا معارض ، فإن عارضه معارض آخر من جنسه . فهو خاطر وحديث نفس .
وقال أبو حفص النيسابوري : ليس لأحد أن يدعي الفراسة . ولكن يتقي الفراسة من الغير . لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا فراسة المؤمن . فإنه ينظر بنور الله . ولم يقل : تفرسوا . وكيف يصح دعوى الفراسة لمن هو في محل اتقاء الفراسة ؟
وقال أحمد بن عاصم الأنطاكي : إذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم بالصدق . فإنهم جواسيس القلوب ، يدخلون في قلوبكم ويخرجون من حيث لا تحتسبون .
وكان الجنيد يوما يتكلم على الناس . فوقف عليه شاب نصراني متنكرا . فقال : أيها الشيخ ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله فأطرق الجنيد ، ثم رفع رأسه إليه . وقال : أسلم . فقد حان وقت إسلامك . فأسلم الغلام .
[ ص: 455 ] ويقال في بعض الكتب القديمة : إن الصديق لا تخطئ فراسته .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : أفرس الناس ثلاثة : العزيز في يوسف ، حيث قال لامرأته : أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا . وابنة شعيب حين قالت لأبيها في موسى : استأجره وأبو بكر في عمر رضي الله عنهما ، حيث استخلفه . وفي رواية أخرى : وامرأة فرعون حين قالت : قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا .
وكان الصديق رضي الله عنه أعظم الأمة فراسة . وبعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه . ووقائع فراسته مشهورة . فإنه ما قال لشيء أظنه كذا إلا كان كما قال . ويكفي في فراسته : موافقته ربه في المواضع المعروفة .
ومر به سواد بن قارب ، ولم يكن يعرفه . فقال : لقد أخطأ ظني ، أو أن هذا كاهن ، أو كان يعرف الكهانة في الجاهلية . فلما جلس بين يديه قال له ذلك عمر . فقال : سبحان الله ، يا أمير المؤمنين ، ما استقبلت أحدا من جلسائك بمثل ما استقبلتني به . فقال له عمر رضي الله عنه : ما كنا عليه في الجاهلية أعظم من ذلك . ولكن أخبرني عما سألتك عنه . فقال : صدقت يا أمير المؤمنين . كنت كاهنا في الجاهلية . ثم ذكر القصة .
وكذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه صادق الفراسة . وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : دخلت على عثمان بن عفان رضي الله عنه . وكنت رأيت امرأة في الطريق تأملت محاسنها . فقال عثمان رضي الله عنه : يدخل علي أحدكم وأثر الزنا ظاهر في عينيه . فقلت : أوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ولكن تبصرة وبرهان وفراسة صادقة .
وفراسة الصحابة رضي الله عنهم أصدق الفراسة .
وأصل هذا النوع من الفراسة : من الحياة والنور اللذين يهبهما الله تعالى لمن يشاء من عباده ، فيحيا القلب بذلك ويستنير ، فلا تكاد فراسته تخطئ . قال الله تعالى : أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كان ميتا بالكفر والجهل ، فأحياه الله بالإيمان والعلم . وجعل له بالقرآن والإيمان نورا يستضيء به في الناس على قصد السبيل . ويمشي به في الظلم . والله أعلم .
أليا صهل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس