عرض مشاركة واحدة
قديم 26-04-2017, 08:07 PM   #2138
أليا صهل
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 10,221

 
افتراضي





قال بعض العلماء:"كن مثل الصبي إذا اشتهى على أبويه شهوة فلم يمكناه قعد يبكي عليهما، فكن أنت مثله إذا سألت ربك ولم يعطك فاقعد وابك عليه"،

يعقوب عليه السلام يفقد أصلح أولاده، وأمثل أولاده، والذي كان يُعده من بعده، ويخصه لما يجد من شدة الإقبال منه والاعتناء والرغبة، يوسف ثم من بعده أخاه الأصغر أيضاً يفقده، اشتد الحزن، عظم البلاء، طالت المدة، ولكنه لم ييأس ولا يزال يدعو ويدعو فيلومه بعض أهله على إضراره بنفسه فيقول:إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِسورة يوسف:86، لا أشتكي إليكم وليس عندكم، إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ، ذهب الولد الأول ثم ذهب الولد الثاني، واختفيا، واشتد الأمر وعظم ومن الذي تمالأ عليه؟ أقرب الناس إليه أولاده الآخرون، أليس هذا موجعاً؟ ثم يذهب البصر ويفقد الحبيبتين،قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَسورة يوسف:86، أشكو همي وما أنا فيه من الحزن الذي ملأ قلبي إلى الله الذي أرجو منه كل خير، قال العلماء وأهل اللغة والبث: أشد الحزن وأعظمه وأصعبه؛ لأن صاحبه لا يصبر عليه حتى يبثه ويفشيه، ولكنه بثه عند ربه، وما زال يدعو ويدعو بعد ذهاب البصر حتى رد الله عليه يوسف وأخاه والمُلك والإكرامادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ*وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِسورة يوسف:99-100، كان عمر رضي الله عنه يقرأ هذه الآية إنما أشكو بثي وحزني إلى الله في الفجر فيبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف.
لما ابتلي يوسف عليه السلام بكيد النساء، كادت له النسوة، امرأة العزيز أولاً: تريد أن تغويه وتتزين له وتتعرض له، ثم تدعوه صراحة وتقول هيت لك وتغلق الأبواب، ثم تطارده وتجري وراءه، ثم تفتري عليه، وتقول لسيدها:مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌسورة يوسف:25، ثم تجمع النسوة، تم تعد ذلك المجلس، ثم تأمر يوسف بالخروج، ثم يجتمع عليه كيد النسوة، ثم يهدد بالسجن، فإلى من يشكو؟ وإلى من يذهب يوسف عليه السلام؟ فسيده يسمع كلام زوجته، وهو عبد رقيق أُخذ ظلماً، ليس له إلا الشكوى إلى الله،وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَسورة يوسف:33، فماذا كانت النتيجة؟فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُسورة يوسف:34، وهكذا خرج معززاً من السجن مكرماً بعد ذلك ليكون له أمر الخزانة، ثم أمر المُلك،رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِسورة يوسف:101، وهكذا لما كان يدعو ربه في المواقف المختلفة في الجب والقصر والسجن خلّصه الله تعالى، فأخرجه من الجب وعصمه من الفاحشة، ثم أخرجه من السجن، ولم تنفع يوسف محاولة الشكوى إلى مخلوق وهو الذي قال لساقي الملك لما علم أنه سينجو ويخرج، اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَسورة يوسف:42، أي: عند الملك، لكن لم تفد تلك المحاولة، وإنما الذي أفاده أنه دعا ربه، بعدما لبث في السجن بضع سنين، كان الإفراج من الله بماذا؟ بشيء لا يمكن التخطيط له ولا يمكن أصلاً أن يحقق من البشر، وهي رؤيا يراها الملك، فمن الذي يقدر على أن يري الملك رؤيا يحتاج فيها إلى تأويل؟ ويصر فيها على التعبير ويلجأ إلى الجلساء ويعجزون جميعاً لكي يتذكر الساقي ذلك المتروك في السجن الذي يعرف تأويل الرؤيا والمجرب من قبل، فإذاً الخلاص كان من الله الذي أرى الملك تلك الرؤيا.
أليا صهل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس