للتسجيل اضغط هـنـا
أنظمة الموقع تداول في الإعلام للإعلان لديـنا راسلنا التسجيل طلب كود تنشيط العضوية   تنشيط العضوية استعادة كلمة المرور
تداول مواقع الشركات مركز البرامج
مؤشرات السوق اسعار النفط مؤشرات العالم اعلانات الشركات الاكثر نشاط تحميل
 



العودة   منتديات تداول > الادارة والاقتصاد > الإدارة والإقــــــــــتـــصـــــــــــاد



إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 24-10-2008, 05:41 PM   #21
مساعد السعيد
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 1,572

 
افتراضي

لم ينصت أحد للنصيحة قبل 80 عاما.. الرأسمالية في طريق مظلم
إيد كروكس من واشنطن - - 24/10/1429هـ
"وصلنا إلى نقطة حرجة"، كما كتب جون مينارد كينز في آذار (مارس) 1933. "يمكننا أن نرى بوضوح الخليج الذي سيؤدي بنا هذا الطريق الذي نسلكه إليه". وإذا لم تتصرف الحكومات "علينا أن نتوقع الانهيار التدريجي للهيكل الحالي للعقود والأدوات الخاصة بالمدينين، مقترنا بـفقدان الثقة التام بالقيادة المتشددة التقليدية في الشؤون المالية وفي الحكومة، الأمر الذي لا يتيح لنا أن نتنبأ بالنتيجة النهائية له".
وبينما يشق العالم طريقه مبتعداً عن هبوط سوق الأسهم بالشكل الذي كان عام 1929، والأزمة المصرفية بالشكل الذي أخذته عام 1931، فإن مفرداته تُعد تقييماً منصفاً للأخطار التي نواجهها مرة أخرى. إن كينز، الذي كانت مهمة حياته إنقاذ الرأسمالية من نفسها، يعد أكثر تلاؤما الآن من أي وقت آخر منذ وفاته عام 1946.
يمكن رؤية تأثيره المتجدد في كل مكان: في حملة باراك أوباما للتحفيز المخطط، مثلا. وحين قال جورج دبليو بوش، إن خطط إدارته للاستحواذ على الأسهم في البنوك "لا تستهدف الاستحواذ على السوق الحرة، لكن المحافظة عليها"، كان من الممكن أن يستشهد بنص من كينز مباشرةً.
كان أبرز ما في كينز هو التزامه بالحفاظ على اقتصاد السوق بجعله يعمل بنجاح. كان رافضاً للماركسية، لكن كان يؤمن بأن اقتصاد السوق غير قادر على البقاء حياً إلا إذا حاز الدعم من العامة، من خلال رفع المستوى المعيشي.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

"وصلنا إلى نقطة حرجة"، كما كتب جون مينارد كينز في آذار (مارس) 1933. "يمكننا أن نرى بوضوح الخليج الذي سيؤدي بنا هذا الطريق الذي نسلكه إليه". وإذا لم تتصرف الحكومات "علينا أن نتوقع الانهيار التدريجي للهيكل الحالي للعقود والأدوات الخاصة بالمدينين، مقترنا بـفقدان الثقة التام بالقيادة المتشددة التقليدية في الشؤون المالية وفي الحكومة، الأمر الذي لا يتيح لنا أن نتنبأ بالنتيجة النهائية له".
وبينما يشق العالم طريقه مبتعداً عن هبوط سوق الأسهم بالشكل الذي كان عام 1929، والأزمة المصرفية بالشكل الذي أخذته عام 1931، فإن مفرداته تُعد تقييماً منصفاً للأخطار التي نواجهها مرة أخرى. إن كينز، الذي كانت مهمة حياته إنقاذ الرأسمالية من نفسها، يعد أكثر تلاؤما الآن من أي وقت آخر منذ وفاته عام 1946.
يمكن رؤية تأثيره المتجدد في كل مكان: في حملة باراك أوباما للتحفيز المخطط، مثلا. وحين قال جورج دبليو بوش، إن خطط إدارته للاستحواذ على الأسهم في البنوك "لا تستهدف الاستحواذ على السوق الحرة، لكن المحافظة عليها"، كان من الممكن أن يستشهد بنص من كينز مباشرةً.
كان أبرز ما في كينز هو التزامه بالحفاظ على اقتصاد السوق بجعله يعمل بنجاح. كان رافضاً للماركسية، لكن كان يؤمن بأن اقتصاد السوق غير قادر على البقاء حياً إلا إذا حاز الدعم من العامة، من خلال رفع المستوى المعيشي.
إن دور الاقتصادي، كما كان يعتقد، هو أن يكون حارس "إمكانية الحضارة"، ولم يكن هناك أي خبير اقتصادي أكثر ملاءمة منه لهذا الدور.
وصف ليونيل روبينز، رئيس مدرسة لندن للعلوم الاقتصادية، في وقت لاحق، كينز بأنه "واحد من أبرز الرجال الذين وجُدوا على الإطلاق"، ولم يتفوق عليه في زمنه سوى وينستون تشرشل. وحتى فريدريش هايك، العدو اللدود لكينز، وصفه بأنه "أعظم رجل عرفته في حياتي على الإطلاق، وأكنّ له إعجاباً لا حدود له".
إن فكره المتفائل والإيجابي، عكس نشأته وحياته المهنية المريحتين والسعيدتين. وكونه ابنا لأكاديمي، فقد فاز بمنحتين في إيتون وكامبريدج، وشغل منصباً في مجموعة بلومسبيري، وهي دائرة الكتاب والفنانين، مثل فيرجينيا وولف وليتون ستراتشي، الذي جسّد مثالية الحياة الرفيعة.
كان شخصية مهيبة، إذ كان يصل طوله إلى ست أقدام وست بوصات، وكان مفعماً بروح الدعابة، والثرثرة، والملاحظة الدقيقة. وإضافة إلى كونه اقتصاديا، كانت لديه مجموعة من الاهتمامات كمتخصص في الرياضيات، وإداري، وأكاديمي، وصحافي، وهاوٍ لجمع الأعمال الفنية، وسياسي، ومنتج، ودبلوماسي. وكان زوجاً أنموذجياً، مخلصاً لزوجته، ليديا لوبوكوفا، راقصة الباليه. ويمكن أن يكون في لغته استفزازياً بلا مبالاة. لكن، كما قال: "لابد أن تكون الكلمات وحشية بعض الشيء، كونها هجوم الأفكار على عدم التفكير".
حين كانت السياسات السيئة تزيد المشاكل الاقتصادية سوءاً، شعر بالالتزام الأخلاقي تجاه تغييرها. فعمل بامتياز وزيرا المالية خلال الحرب العالمية الأولى، وعند نهاية الحرب جادل ببصيرة ضد فرض عبء الشروط القاسية على ألمانيا. وحين أُهملت نصيحته غادر، ونشر وجهات نظره في "العواقب الاقتصادية للسلام" The Economic Consequences of the Peace.
وبالعودة إلى كامبريدج، واصل كينز إصدار الكتب ونشر المقالات، منها "العواقب الاقتصادية للسيد تشرشل" The Economics Consequences of Mr. Churchill"، الذي هاجم فيه بعنف عودة بريطانيا إلى معيار الذهب عام 1925. لكن ازدهار أفكاره لم يكتمل إلا بعد الكساد العظيم، حين نشرها في كتاب "النظرية العامة للتوظيف، والفائدة، والمال" The General Theory of Employment, Interest and Money عام 1936.
جوهر الكتاب يدور حول أن فكرة التراجعات الاقتصادية لا تعدل نفسها بنفسها. واعتقدت بعض نظريات علم الاقتصاد الكلاسيكية أن دورات نشاط الأعمال كانت محتومة، وأن نقاط الذروة والهبوط في دورات الأعمال يمكن أن تزول. وأكّد كينز أن في بعض الظروف يمكن للاقتصادات أن تعلق. وإذا حاول الأفراد والشركات الادخار أكثر، فسيعملون على خفض دخول أفراد وشركات أخرى، الأمر الذي يؤدي في المقابل إلى تراجع إنفاقهم. ويمكن أن تكون النتيجة دوامة سحيقة لن ترتفع إلى السطح مرة أخرى دون تدخل خارجي.
وهنا يبدأ دور الحكومة: ضخ المال مجدداً في الاقتصاد باستخدام وسائل معينة، مثل الإنفاق على الأعمال الحكومية، لإقناع الأفراد والشركات بتقليل الادخار وزيادة الإنفاق.
وكتب كينز إلى جورج بيرنارد شو، متوقعا أن تعمل "النظرية العامة" General Theory "على إحداث ثورة (...) فيما يتعلق بطريقة تفكير العالم في المشكلات الاقتصادية"، وهو ما ثبت فعلا. وعمل خبراء اقتصاديون، مثل بول سامولسون وجيمس توبين، على تصنيف أفكار كينز باستخدامها أسسا لما أصبح فكراً تقليدياً وسياسة اقتصادية لما يزيد على عقدين من الزمن بعد الحرب العالمية الثانية.
وظهر على غلاف مجلة "تايم" في كانون الأول (ديسمبر) عام 1965 نص استشهادي لميلتون فريدمان يقول فيه: "نحن جميعنا كينزيون الآن". وقال فريدمان لاحقاً، إنه تم تحريف أقواله باقتباس انتقائي، إلا أن النقطة المعنية جيدة. وشعر تشارلز إل شولتز، مدير الميزانية الأمريكية حينها، بأنه قادر على التصريح لمجلة "تايم" بالقول: "لا يمكننا أن نمنع كل ذبذبة في الدورة الاقتصادية، لكننا الآن قادرون على منع حدوث انزلاق رئيسي".
لكن بحلول الوقت الذي تبنى فيه ريتشارد نيكسون اتجاه فريدمان الفكري عام 1971، كان المد قد بدأ بالتحول فعلياً. كان تأييد نيكسون علامة على أن مخزون كينز الفكري على وشك السقوط. وبدا علم الاقتصاد الكينزي غير ملائم في فترة التضخم المصحوب بالركود في فترة السبعينيات، مثلما كانت أفكار علم الاقتصاد الكلاسيكي بالنسبة للكساد في فترة الثلاثينيات. وتفوقت "نقدية" Monetarism* فريدمان بين صانعي السياسة على غيرها في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
وبعد تطبيقات غير متقنة للنظرية النقدية في فترة الثمانينيات، مزجت المعتقدات التقليدية للاقتصاد الكلي الحديث أفكاراً من كليهما، عاكسةً إيماناً بقدرة السياستين النقدية والمالية على التأثير على التوظيف والنمو، لكن كذلك خوفاً من التضخم وعجز الميزانية.
ونظراً إلى تعمّق الأزمة المالية، فقد اهتزت المعتقدات التقليدية تلك. إن المشكلات التي واجهها كينز في فترة الثلاثينيات، مثل عدم كفاءة السياسة النقدية والإخفاقات المصرفية التي أحدثها هبوط أسعار الأصول، يبدو أنها الأمر الأكثر إلحاحاً من جديد. وتزداد حلول كينز شعبيةً، بما فيها الإنفاق العام الأكبر الممول من قبل الإقراض. وما زلنا نسمع الانتقادات المشيرة إلى أن ذلك سيعمل على إحداث التضخم ويزيد من عجز الميزانية، لكن يُنظر إليها، وبصورة متزايدة، على أنها ليست ذات صلة بالموضوع.
يكتب روبرت سكيدليسكي في نهاية سيرته المميزة، المؤلفة من ثلاثة أجزاء، أن أفكار كينز "ستعيش طويلاً لأن العالم بحاجة إليها". ويبدو حتماً أنه بحاجة إليها الآن. وكان كينز قاسياً جداً تجاه الرأي القائل إن الكساد العظيم كان عودة إلى الوضع الطبيعي، وأنه تصحيح ضروري بعد التجاوز غير المستدام في فترة العشرينيات. وفي المقابل، جادل بأن التوسع الاقتصادي لابد أن يُنظر إليه على أنه الحالة الطبيعية وأن التراجع الاقتصادي "حماقة استثنائية".
وباستخدام السياسات الصحيحة، كما قال، يمكن استعادة الأوقات الجيدة. وكان محقاً حينها وعلينا أن نأمل بأن يكون محقاً مرة أخرى
مساعد السعيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-2008, 01:11 PM   #22
مساعد السعيد
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 1,572

 
افتراضي

A shattering moment in America's fall from power

The global financial crisis will see the US falter in the same way the Soviet Union did when the Berlin Wall came down. The era of American dominance is over.
John Gray
The Observer,
Sunday September 28 2008

Our gaze might be on the markets melting down, but the upheaval we are experiencing is more than a financial crisis, however large. Here is a historic geopolitical shift, in which the balance of power in the world is being altered irrevocably. The era of American global leadership, reaching back to the Second World War, is over.
You can see it in the way America's dominion has slipped away in its own backyard, with Venezuelan President Hugo Chávez taunting and ridiculing the superpower with impunity. Yet the setback of America's standing at the global level is even more striking. With the nationalisation of crucial parts of the financial system, the American free-market creed has self-destructed while countries that retained overall control of markets have been vindicated. In a change as far-reaching in its implications as the fall of the Soviet Union, an entire model of government and the economy has collapsed.
Ever since the end of the Cold War, successive American administrations have lectured other countries on the necessity of sound finance. Indonesia, Thailand, Argentina and several African states endured severe cuts in spending and deep recessions as the price of aid from the International Monetary Fund, which enforced the American orthodoxy. China in particular was hectored relentlessly on the weakness of its banking system. But China's success has been based on its consistent contempt for Western advice and it is not Chinese banks that are currently going bust. How symbolic yesterday that Chinese astronauts take a spacewalk while the US Treasury Secretary is on his knees.
Despite incessantly urging other countries to adopt its way of doing business, America has always had one economic policy for itself and another for the rest of the world. Throughout the years in which the US was punishing countries that departed from fiscal prudence, it was borrowing on a colossal scale to finance tax cuts and fund its over-stretched military commitments. Now, with federal finances critically dependent on continuing large inflows of foreign capital, it will be the countries that spurned the American model of capitalism that will shape America's economic future.
Which version of the bail out of American financial institutions cobbled up by Treasury Secretary Hank Paulson and Federal Reserve chairman Ben Bernanke is finally adopted is less important than what the bail out means for America's position in the world. The populist rant about greedy banks that is being loudly ventilated in Congress is a distraction from the true causes of the crisis. The dire condition of America's financial markets is the result of American banks operating in a free-for-all environment that these same American legislators created. It is America's political class that, by embracing the dangerously simplistic ideology of deregulation, has responsibility for the present mess.
In present circumstances, an unprecedented expansion of government is the only means of averting a market catastrophe. The consequence, however, will be that America will be even more starkly dependent on the world's new rising powers. The federal government is racking up even larger borrowings, which its creditors may rightly fear will never be repaid. It may well be tempted to inflate these debts away in a surge of inflation that would leave foreign investors with hefty losses. In these circumstances, will the governments of countries that buy large quantities of American bonds, China, the Gulf States and Russia, for example, be ready to continue supporting the dollar's role as the world's reserve currency? Or will these countries see this as an opportunity to tilt the balance of economic power further in their favour? Either way, the control of events is no longer in American hands.
The fate of empires is very often sealed by the interaction of war and debt. That was true of the British Empire, whose finances deteriorated from the First World War onwards, and of the Soviet Union. Defeat in Afghanistan and the economic burden of trying to respond to Reagan's technically flawed but politically extremely effective Star Wars programme were vital factors in triggering the Soviet collapse. Despite its insistent exceptionalism, America is no different. The Iraq War and the credit bubble have fatally undermined America's economic primacy. The US will continue to be the world's largest economy for a while longer, but it will be the new rising powers that, once the crisis is over, buy up what remains intact in the wreckage of America's financial system.
There has been a good deal of talk in recent weeks about imminent economic armageddon. In fact, this is far from being the end of capitalism. The frantic scrambling that is going on in Washington marks the passing of only one type of capitalism - the peculiar and highly unstable variety that has existed in America over the last 20 years. This experiment in financial laissez-faire has imploded.While the impact of the collapse will be felt everywhere, the market economies that resisted American-style deregulation will best weather the storm. Britain, which has turned itself into a gigantic hedge fund, but of a kind that lacks the ability to profit from a downturn, is likely to be especially badly hit.
The irony of the post-Cold War period is that the fall of communism was followed by the rise of another utopian ideology. In American and Britain, and to a lesser extent other Western countries, a type of market fundamentalism became the guiding philosophy. The collapse of American power that is underway is the predictable upshot. Like the Soviet collapse, it will have large geopolitical repercussions. An enfeebled economy cannot support America's over-extended military commitments for much longer. Retrenchment is inevitable and it is unlikely to be gradual or well planned.
Meltdowns on the scale we are seeing are not slow-motion events. They are swift and chaotic, with rapidly spreading side-effects. Consider Iraq. The success of the surge, which has been achieved by bribing the Sunnis, while acquiescing in ongoing ethnic cleansing, has produced a condition of relative peace in parts of the country. How long will this last, given that America's current level of expenditure on the war can no longer be sustained?
An American retreat from Iraq will leave Iran the regional victor. How will Saudi Arabia respond? Will military action to forestall Iran acquiring nuclear weapons be less or more likely? China's rulers have so far been silent during the unfolding crisis. Will America's weakness embolden them to assert China's power or will China continue its cautious policy of 'peaceful rise'? At present, none of these questions can be answered with any confidence. What is evident is that power is leaking from the US at an accelerating rate. Georgia showed Russia redrawing the geopolitical map, with America an impotent spectator.
Outside the US, most people have long accepted that the development of new economies that goes with globalisation will undermine America's central position in the world. They imagined that this would be a change in America's comparative standing, taking place incrementally over several decades or generations. Today, that looks an increasingly unrealistic assumption.
Having created the conditions that produced history's biggest bubble, America's political leaders appear unable to grasp the magnitude of the dangers the country now faces. Mired in their rancorous culture wars and squabbling among themselves, they seem oblivious to the fact that American global leadership is fast ebbing away. A new world is coming into being almost unnoticed, where America is only one of several great powers, facing an uncertain future it can no longer shape.
• John Gray is the author of Black Mass: Apocalyptic Religion and the Death of Utopia (Allen Lane)
بقلم جون غراي نقلا عن الأوبزيرفر
ما يجري في الأسواق يخطف الأبصار ويشد انتباهنا جميعا غير أن هذا الغليان أكثر من مجرد أزمة مالية كبيرة، ما نراه اليوم هو تحول تاريخي لا رجعة عنه في موازين القوى العالمية، نتيجته النهائية أن عصر القيادة الأميركية للعالم قد ولى إلى غير رجعة.
لم يكن الأمر مفاجئا كما يبدو فقد كان بالإمكان تلمس إشاراته منذ أن فقدت الولايات المتحدة سيطرتها على باحتها الخلفية، فالرئيس الفنزويلي هوغو شافيز استخف بواشنطن وتحداها دون أن تستطيع معاقبته.
أكثر من هذا تراجع القيم الأميركية عالميا، فمع تأميم القطاعات الرئيسية في النظام المالي الأميركي فإن عقيدة السوق الحرة التي بشرت بها أميركا قد دمرت نفسها بنفسها، بينما ظلت الدول التي احتفظت بسيطرة كاملة على أسواقها في مأمن من العاصفة الحالية.
لقد سقط (جراء هذه العاصفة) نموذج كامل للحكم وإدارة الاقتصاد في تغير يشبه في آثاره إلى حد بعيد آثار انهيار الاتحاد السوفياتي.
لقد دأبت الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على حث الدول على كبح الإنفاق الحكومي، وتحملت دول مثل إندونيسيا وتايلند والأرجنتين ودول أفريقية عدة ثمن تلك النصائح التي سهر على تطبيقها صندوق النقد الدولي الحارس الأمين "للأرثوذكسية الأميركية".
بل إن ضغوطا كبيرة مورست على الصين بسبب نظامها المصرفي الضعيف تبعا للمعايير الأميركية، ولعل نجاح هذه البلاد كان مستندا على حقدها على النصائح الغربية، فالبنوك الصينية اليوم ليست هي التي تتعرض للإفلاس والتلاشي.
لقد كان المشهد رمزيا بحق عندما سار رائد فضاء صيني في الفضاء في الوقت الذي كانت فيه وزارة الخزانة الأميركية تجثو على ركبتيها.
ورغم نصائحها المستمرة للدول الأخرى بتبني الطريقة الأميركية في إدارة الأعمال، فإن الولايات المتحدة كانت دائما تضع سياستين اقتصاديتين، واحدة لها والأخرى لبقية العالم.
فعلى مر السنوات الماضية بينما كانت الولايات المتحدة تعاقب الدول التي تتخلى عن الحصافة المالية (القائمة على عدم التدخل في الأسواق) عمدت هي إلى اقتراض مبالغ طائلة لتمويل خفض الضرائب (وبالتالي تشجيع الاستهلاك) وإدارة أنشطتها العسكرية في العالم (وبالتالي دعم شركات تصنيع السلاح).
لكن النتيجة التي بلغها المشهد الاقتصادي العالمي اليوم هي أنه مع تحول التمويل الفدرالي للاعتماد بشكل أساسي على التدفق المستمر لرأس المال، فإن الدول التي احتقرت النظام المالي الرأسمالي بنسخته الأميركية هي التي سترسم المستقبل الاقتصادي للولايات المتحدة.


لن يكون مهما أي نسخة سيتبناها الأميركيون لخطة الإنقاذ المالي التي أعدها وزير الخزانة هانك بولسون ورئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي بين بيرناركي (نشرت المقالة قبل التصويت على خطة الإنقاذ في صيغتها المعدلة)، فالمهم ما تعنيه تلك الخطة بالنسبة لدور أميركا في العالم.
ما تردد في الكونغرس (أثناء نقاش الخطة) بلغة مهذبة عن جشع المصارف ليس أكثر من تشتيت للانتباه عن الأسباب الحقيقية للأزمة، لقد ألقي اللوم على المصارف واتهمت بأنها السبب في ما آلت إليه حالة الأسواق الأميركية (وانجرفت لها الأسواق العالمية)، لكن تلك البنوك عملت في بيئة من الحرية المطلقة خلقها أساسا المشرعون الأميركيون.
إن الطبقة السياسية الأميركية التي تبنت قيما مبسطة بشكل خطير للتحرر من القوانين هي المسؤولة عن الفوضى الراهنة.
في الظروف الحالية فإن التدخل غير المسبوق للحكومة في الأسواق هو السبيل الوحيد لمنع وقوع كارثة في الأسواق، لكن نتيجة هذا التدخل في جميع الحالات هي أن الولايات المتحدة ستكون أكثر اعتمادا على القوى الناشئة حديثا.
فالحكومة الفدرالية (في سعيها لإنقاذ الأسواق) ستعمد إلى الاقتراض وهي قروض يشعر مقدموها -وهم على حق- بأنهم ربما لن يقدروا على استعادتها، بل إن الولايات المتحدة قد تشعر بإغراء للهروب من تلك الديون بإغراقها في التضخم مما يخلف خسائر ضخمة على المقرضين.
وفي مثل هذه الظروف هل ستكون الدول الأكثر قدرة على شراء سندات الخزينة الأميركية مثل الصين ودول الخليج وروسيا مستعدة لدعم استمرار كون الدولار عملة احتياط عالمية؟ أم أنها ستعمل على تعديل ميزان القوة الاقتصادية في العالم ليصبح ملائما أكثر لمصالحها؟
وأيا كان اختيار أولئك المقرضين فإن التحكم في الأحداث وضبط إيقاعها لم يعد بعد الآن في يد أميركا.
لقد تعلق مصير الإمبراطوريات غالبا بالتفاعل بين عاملي الحرب والديون، فالإمبراطورية البريطانية تدهورت أوضاعها المالية بعد الحرب العالمية الأولى واستمرت في التدهور، أما الاتحاد السوفياتي فقد انهار تحت وطأة الهزيمة العسكرية في أفغانستان والعبء الاقتصادي الناجم عن محاولاته مجاراة برنامج الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان "حرب النجوم"، ذاك البرنامج الفاشل تقنيا لكنه كان فعالا بشكل كبير سياسيا.
ورغم إصرار الولايات المتحدة على أنها استثناء فإنها في الواقع لا تختلف كثيرا (عمن سبقها)، إذ إن حرب العراق وفقاعة الرهن العقاري قوضتا بشكل قاتل زعامة واشنطن الاقتصادية.
فالولايات المتحدة ستبقى لفترة من الزمن صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، لكن القوى الصاعدة ستستحوذ بعد انتهاء الأزمة على ما تبقى سالما من حطام النظام المالي الأميركي.
لقد دار حديث لافت في الأسابيع الأخيرة حول "هارمجدون" (الملحمة الفاصلة بين أهل الخير وأهل الشر) اقتصادية (تنتهي باندحار الرأسمالية)، لكن ما يجري في الحقيقة بعيد عن أن يكون إعلان نهاية الرأسمالية.
ما يجري في واشنطن يعني نهاية شكل واحد من أشكال الرأسمالية هو الشكل الغريب والمتقلب الذي وجد في أميركا خلال السنوات العشرين الماضية، هذه التجربة المالية والمصرفية القائمة على سياسة عدم التدخل هي بالذات ما سقط وتلاشى.
وبريطانيا التي حولت نفسها إلى صندوق استثماري ضخم يفتقر إلى القدرة على الاستفادة من التقلبات سيلحق بها ضرر بالغ على الأرجح، أما الدول التي قاومت النموذج الأميركي في تحرير الاقتصاد فمن المتوقع أن تنجو من هذه العاصفة.
إن المفارقة اللافتة للنظر هي أن سقوط الشيوعية أفضى إلى نشوء أيديولوجيا طوباوية أخرى، ظهرت في الولايات المتحدة وبريطانيا وبدرجة أقل في بقية الدول الغربية، ورأت في "أصولية السوق" فلسفة رائدة، مما جعل من انهيار القوة الأميركية نتيجة متوقعة. (كتب جون غراي مقالا عام 2001 تنبأ فيه بسقوط وول ستريت).
وتماما مثلما جرى عند انهيار الاتحاد السوفياتي فإن الانهيار الأميركي (المالي) سيتسبب في تداعيات جيوسياسية كبيرة.
فالاقتصاد الضعيف لن يقدر بعد الآن على دعم الالتزامات العسكرية الأميركية الممتدة على نطاق واسع، لذا فإن خفض النفقات أمر محتوم، ومن المستبعد أن يتم هذا الخفض بالتدريج أو بتخطيط حسن.

الانهيارات التي نراها ليست تطورات بطيئة الإيقاع، بل هي غليان فوضوي وسريع، تنتشر آثاره سريعا، فالعراق على سبيل المثال تحقق فيه هدوء نسبي في بعض أجزائه عبر تقديم رشى للسنة رغم استمرار التطهير العرقي، لكن السؤال هو إلى متى سيستمر هذا في ضوء أن الإنفاق الأميركي الحالي على الحرب لا يمكن أن يستمر؟
إن أي انسحاب من العراق سيجعل إيران المنتصر في المنطقة، فكيف سترد السعودية؟ وهل سيزداد أم سيقل احتمال شن حرب على إيران لثنيها عن امتلاك أسلحة نووية؟
حكام الصين يلوذون بالصمت حيال الأزمة الحالية، فهل الضعف الأميركي سيشجعهم على تأكيد القوة الصينية، أم أن الصين ستواصل العمل بسياسة "الصعود الهادئ".
هذه الأسئلة لن تجد إجابات أكيدة في الوقت الراهن لكن ما هو مؤكد الآن هو أن القوة تتسرب من الولايات المتحدة بمعدل متسارع.
لقد أظهرت أحداث جورجيا أن روسيا تعيد رسم الخارطة الجيوسياسية بينما تكتفي أميركا بمشاهدة ما يجري وهي عاجزة عن منعه.
لقد حسب معظم الناس خارج الولايات المتحدة أن نمو الاقتصادات الجديدة المتوائمة مع قيم العولمة ستقوض الموقع المركزي لأميركا في العالم، وتخيلوا أن هذا سيستغرق أجيالا وعقودا لكن اليوم تبدو تلك الافتراضات ضربا من الخيال.
فبعد أن خلقوا ظروفا أنجبت أكبر فقاعة في التاريخ يبدو قادة الولايات المتحدة عاجزين عن فهم حجم المخاطر التي تواجهها بلادهم.
ولأنهم غارقون في وحول أحقاد ثقافة الحروب، ووسط خلافاتهم يبدون غافلين عن فهم حقيقة أن قيادة بلادهم للعالم تنحسر بشكل سريع، في حين يولد عالم جديد ما زال غير ظاهر، تكون فيه أميركا مجرد واحدة من عدة قوى عظمى، وتواجه مستقبلا غامضا لن تكون قادرة على تشكيله.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------

منقول من احد ردود الاخوان في منتدى الاسهم السعوديه
مساعد السعيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:57 AM. حسب توقيت مدينه الرياض

Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.