177 مليار دولار خسائر أمريكا من الاستثمارات الأجنبية في عام

[ابوفهد]

التزم المستثمرون الأجانب في الولايات المتحدة جانب الحذر بعد الهزات العنيفة التي تعرض لها الاقتصاد الأمريكي بعد سلسلة الفضائح المالية المدوية، وبعد أن كان الفضل في فترة الانتعاش التي عاشها الاقتصاد الأمريكي في فترة التسعينيات يرجع للشركات الاستثمارية الأجنبية التي أنفقت على استثماراتها مليارات الدولارات في جو من الثقة في الاقتصاد الأمريكي، انخفض معدل إنفاق الشركات الأجنبية بشكل كبير، واعتبر المحللون أن انعدام الثقة في أسواق المال وضعف أداء الاقتصاد الأمريكي من أكبر عوائق تعافي الاقتصاد من الركود الذي أصابه في العام الفائت.
وقد هبطت معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر العام الماضي بنحو 177 مليار دولار وهوت إلى 124 مليار دولار بل وبدأت العام الحالي بمعدل أبطأ حسب تقرير وزارة التجارة، مقارنة بنحو 301 مليار دولار عام 2000م.
وقد بلغ حجم الشركات الأجنبية في أمريكا بعد التوسع الكبير في استثماراتها الأمريكية على مدى عقدين من الزمان المدى الذي يؤثر حضورها سلباً وإيجاباً على الاقتصاد الأمريكي. وقد تأمل المحللون في أن تزيد هذه الشركات من معدلات الإنفاق، متوقعين حدوث نمو ورواج سريعين ولكن هذا لم يحدث. ويقول مارك إم زاندي كبير المحليين الاقتصاديين في شركة "إيكونومي دوت كوم" للأبحاث: "كانت الشركات الأجنبية على وشك القيام بمزيد من الاستثمارات إلى أن تفجرت الفضائح المالية والانهيار في الأسواق المالية فانقلبت ثقة الأجانب في الاقتصاد الأمريكي رأساً على عقب والآن لا يمكنهم مواصلة التمويل في ظل معاناة اقتصادياتهم في بلادهم أيضاً".
ونقلت نيويورك تايمز عن المحلل الاقتصادي في شركة "مورجان ستانلي" جوزيف كينلان قوله: "أقبل الأوروبيون بصفة خاصة على الأسواق الأمريكية بإمكانيات ضخمة ورؤوس أموال كبيرة وأنفقوا على مشروعات لم تدر الأرباح المتوقعة لذلك فهم الآن يتراجعون على أطراف أصابعهم".
وفي البداية لم تعمل الشركات الأجنبية على شراء شركات أمريكية مؤسسة بالفعل بل وأنشأوا مصانع ومباني جديدة وأنفقوا بسخاء على توسعاتهم مما أسهم بمعدل أسرع في نمو الاقتصاد الأمريكي، وكان الإسهام الأكبر للشركات الأوروبية وعلى الرغم من ذلك فاليابانيون أسهموا بقدر لا بأس به أيضاً.
ويعتبر الإنفاق الرأسمالي الاستثماري هو أهم عناصر نهوض الاقتصاد الأمريكي وتعافيه من أزمته، ويتمثل الإنفاق الاستثماري في الإنفاق على المصانع والآلات وأجهزة الحاسب والمكاتب وكل مظاهر التوسع الاقتصادي، ويتولد عن الإنفاق الاستثماري خلق الوظائف وزيادة الدخل.
ولكن الآن تعمل الشركات الأجنبية على الحد من النفقات بل وتخفيض بعض الأجور بعد أن كان اليابانيون على سبيل المثال يتقاضون رواتب أعلى من الشركات الأمريكية في السابق.
وقد أرجأت شركة "راندوم هاوس" وهي إحدى شركات مجموعة بيريلسمان الألمانية العملاقة في مجال الإعلام بعض المشروعات وهي الشركة التي أنفقت في السوق الأمريكية 300 مليون دولار لبناء مبانيها الإدارية و100 مليون دولار على تحديث تكنولوجياتها المعلوماتية ومراكز التوزيع.
فيما خفضت شركة سوني كوربوريشن اليابانية من الإنفاق بمعدل 40% في السنتين الماضيتين وأغلقت 15 مصنعاً من مصانعها اثنين منها في أمريكا.
وتعتبر صناعة السيارات من أزهى مجالات الاستثمار الأجنبي في أمريكا، وبينما تخفض فورد الأمريكية على سبيل المثال نفقاتها وتغلق مصانعها تتوسع الشركات الأجنبية مثل هيونداي وتويوتا، ويقول كريس هوسفورد متحدث باسم شركة هيونداي: "مبيعاتها الأمريكية في ارتفاع ولذلك نزيد من استثماراتنا",
وبالتالي فصناعة السيارات الأجنبية في أمريكا هي الاستثناء الوحيد الذي خرج عن الحد من النفقات وتقليل الاستثمارات.
وفيما نظرت أمريكا إلى المستثمرين الأجانب في التسعينيات بعين الترحاب، فهي تنظر إليهم اليوم باعتبارهم ضرورة ملحة لتعافي الاقتصاد الأمريكي من أزماته.