تطويق الخلاف المغربي الاسباني

المغرب وأسبانيا لديهما الرغبة الحقيقية لحل أزمة جزيرة "ليلى" ..

باريس - مكتب "الرياض" - حسان التليلي:

بالرغم من ان ملف جزيرة ليلى لا يزال يسمم العلاقات المغربية الاسبانية فان هنالك اليوم بوادر امل تحمل علي الاعتقاد بأن تطويق الازمة اصبح اليوم هما اساسيا لدى البلدين باعتبار ان هناك قناعة لدى كليهما بان استمرار الازمة لن يخدم اي طرف. وقد علمت "الرياض" ان المحادثات التي يجريها في بروكسيل محمد بن عيسى وزير الخارجية المغربي مع رومانو برودي رئيس المفوضية الاوروبية وتلك التي اجراها (الخميس) مع المسؤولين الفرنسيين في باريس تندرج في اطار الجهود الرامية الى تطويق الازمة بسرعة.
ومن مؤشرات الانفراج او علي الاقل البوادر الموحية بالانفراج التصريحات الصادرة في اليومين الاخيرين عن المسؤولين المغاربة والاسبان حول الازمة، فمحمد بن عيسى وزير الخارجية المغربي قال (الخميس) في حديث خص به اذاعة "كادينا سير" الاسبانية التي تبث من مدريد ان (المغرب لا ينوي اعادة نشر جنود في جزيرة ليلى في حال اخلائها من قبل القوات الاسبانية) وأكد الوزير المغربي ذلك بالحاح فقال: (لقد وعدت من قبل واكرر هذا الوعد مجددا وبشكل علني: ليست للمغرب اية نية في العودة الى الجزيرة اذا تخلت عنها القوات الاسبانية) واضاف وزير الخارجية المغربي قائلا (اعتقد انه عندما يتحدث وزير ويلتزم فان تصريحاته تصبح رسمية لا سيما اذا تمت عبر اذاعة يسمعها ملايين الاسبانيين).
واما خوسيه ماريا اثنار رئيس الوزراء الاسباني فانه قال يوم الخميس الماضي انه (لا يسعى مع المغرب الي استمرار التصعيد الذي لا يهم احدا).
والمهم انطلاقا من المعلومات التي حصلت عليها (الخميس) "الرياض" ان هنالك اليوم نية حقيقة لدى الطرفين المغربي والاسباني بايجاد صيغة اتفاق على تطويق الازمة الحالية بالعودة الى ما كانت عليه جزيرة ليلى قبل الحادي عشر من الشهر الجاري اي قبل نشر احد عشر جنديا مغربيا في الجزيرة وما نتج عن ذلك فيما بعد.
واذا كانت اسبانيا قد رفضت في الايام الاخيرة الوساطات الخارجية لحل هذه الازمة فثمة اليوم اتجاه لجعل صيغة الاتفاق بين الطرفين الاسباني والمغربي على انهاء الازمة الحالية في اطار غير مغلق بمعنى آخر كما يقول بعض المراقبين المطلعين على الملف ثمة اليوم اتجاه تدعو اليه كل الدول الصديقة والشقيقة لكلا الطرفين باستخدام عملية تطويق ازمة جزيرة ليلى لفتح حوار بين مدريد والرباط حول مختلف نقاط الخلاف بينهما وهي كثيرة بهدف ايجاد حلول لها.
وتقول المعلومات التي حصلت عليها "الرياض" (الخميس) في العاصمة الفرنسية ان فرنسا والولايات المتحدة الامريكية هما الدولتان المؤهلتان اكثر من غيرهما لتولي الوسيط غير المباشر بين السلطات المغربية والاسبانية لتسوية ملف جزيرة ليلى واطلاق حوار شامل يخص الملفات الاخرى التي لا تزال عالقة.
ففرنسا التي زارها وزير الخارجية المغربي (الخميس) ستعمل على اقناع الطرفين الاسباني والمغربي بضرورة دفع القيادات السياسية العليا الي الاسهام بشكل مباشر في فتح صفحة جديدة بين البلدين. وبحكم علاقات الصداقة المتينة بين الرئيس جاك شيراك والملك المغربي محمد السادس والعلاقات المميزة السياسية بين فرنسا واسبانيا ثمة امل في ان يضطلع الجانب الفرنسي بدور هام في تسوية الازمة الحالية وذيول الازمات السابقة بين مدريد والرباط.
اما الولايات المتحدة الامريكية التي تظل القوة العسكرية الاولى في المتوسط من خلال اسطولها السادس فان علاقاتها المميزة والتاريخية مع كل من المغرب واسبانيا لها اليوم بالمشاركة الى جانب فرنسا في لعب دور الوسيط غير المباشر بينهما لتسوية المشاكل القائمة بينهما. وفي هذا الاطار اندرجت المكالمتان الهاتفيتان اللتان اجراهما يوم الخميس الماضي كولن باول وزير الخارجية الامريكي مع العاهل المغربي محمد السادس ومع آنا بلاثيو وزيرة الخارجية الاسبانية.
من جهته طالب محمد بن عيسى وزير الخارجية المغربي بسحب الجنود الذين نشرتهم اسبانيا قبل يومين في جزيرة ليلى المتنازع عليها وقال في ندوة صحفية عقدها في العاصمة الفرنسية ان "اية مفاوضات واية نقاشات لا يمكن ان تحصل" بين الطرفين الاسباني والمغربي طالما لم تسحب اسبانيا بشكل نهائي وكلي قواتها المنتشرة في الجزيرة.
ولكن وزير الخارجية المغربي استبعد حصول مواجهة عسكرية بين البلدين قائلا: "ان المغرب ليست عنده اية نية للقيام بعمل عسكري ضد اسبانيا" واكد الوزير المغربي ان اي "افضل ضمان" لحصول اتفاق بين الطرفين المغربي واسباني حول ملف جزيرة "ليلى" هو "حسن نوايا الطرفين بعد انهاء احتلال الجزيرة من قبل الجيش الاسباني.
وشدد وزير الخارجية المغربي خلال الندوة الصحفية التي عقدها في العاصمة الفرنسية على سيادة المغرب على جزيرة ليلى منذ نهاية الحماية الفرنسية في سنة 1956م.
،طالب الوزير المغربي بالعودة الى "ما كان عليه الوضع من قبل" في الجزيرة.