للتسجيل اضغط هـنـا
أنظمة الموقع تداول في الإعلام للإعلان لديـنا راسلنا التسجيل طلب كود تنشيط العضوية   تنشيط العضوية استعادة كلمة المرور
تداول مواقع الشركات مركز البرامج
مؤشرات السوق اسعار النفط مؤشرات العالم اعلانات الشركات الاكثر نشاط تحميل
 



العودة   منتديات تداول > تداول الآداب والشعر > تداول الشعر الفصيح



إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 11-09-2016, 11:58 PM   #1
أليا صهل
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 10,221

 

افتراضي من آداب المفتي والمستفتي - الموقع الرسمي لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان

الموقع الرسمي لمعالي الشيخ

الدكتور صالح بن فوزان الفوزان



بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الموضوع موضوع مهم جدًا وهو موضوع الفتوى من حيث حاجة الناس إليها ومن حيث نشر العلم الذي أنزله الله سبحانه وتعالى، والناس بحاجة إليه، والله جل وعلا تولى الفتوى بنفسه، قال جل وعلا: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ) [سورة النساء: 176] وقال سبحانه: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ) [سورة المائدة: 127]، وكذلك تولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الناس يسألونه وهو يفتيهم بما أنزل الله إليه، وكذلك يتولاها بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، العلماء، فإن العلماء ورثة الأنبياء، فهم يتولون الفتوى بعده، بحاجة الناس إلى ذلك، فالفتوى ضرورية للمسلمين.
ويجب على الجاهل أن يستفتي، قال تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [سورة النحل: 43]، ويجب على العالم أن يفتي السائل، لئلا يكون كاتمًا للعلم، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ*إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، فلا يجوز لمن أعطاه الله العلم وسأله الناس أن يكتم العلم، فيكون من هذا الصنف الذين توعدهم الله سبحانه وتعالى، ولا يجوز له أن يفتي بغير ما يعلم فإذا سئل عن شيء وليس عنده علم، لأن الإنسان بشر ليس محيطًا بكل شيء فيتوقف، إلى أن يتبين له الجواب الصحيح، بعد التأمل ومراجعة الكتاب والسنة أو مشاورة أهل العلم، فلا يستعجل ويفتي عن كل سؤال وهو لا يعلم جوابه من الكتاب والسنة لأن هذا من القول على الله بغير علم، قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) إلى قوله في آخر الآية: (وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ). العلم ما حرمه الله أشد التحريم جعله أشد من الشرك، (وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)، قال تعالى: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ*مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). الذي ليس عنده علم يتوقف حتى يفتح الله.
سئل الإمام مالك (رحمه الله) إمام دار الهجرة عن أربعين مسألة جاء بها رجل قادم عليه مسافر إليه يسأله عنها فأجاب عن ست مسائل وقال عن البقية لا أدري، مالك قال لا أدري قال الرجل جئتك من كذا وكذا وتقول لا أدري قال نعم اركب راحلتك وارجه وقل للناس سألت مالكًا وقال لا أدري.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل عن شيء لم ينزل عليه فيه وحي يتوقف، حتى ينزل الوحي، ولهذا قال الله جل وعلا في عدد آيات يستفتونك يستفتونك يستفتونك فيتوقف صلى الله عليه وسلم عن الإجابة حتى ينزل عليه الوحي من الله جل وعلا.
وليس في هذا غضاضة على الإنسان أن يقول لا أدري وأن يقول للسائل انتظر أو راجعني يتأمل في المسألة ليس هذا نقص في حقه بل هذا كمال، إنما النقص لو أجاب بغير علم والقول على الله بغير علم.
وكذلك لا يفتي السائل بغير الحق وهو يعلم الحق من أجل هوى أو التماس رغبة السائل أو من أجل طمع دنيوي فلا يجيب السائل بغير العلم الصحيح الذي يعلمه، قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ*أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ).
لا يجوز للعالم أن يفتي بغير الحق من أجل إرضاء السائل أو من أجل إرضاء غيره أو من أجل طمع دنيوي يأخذه على فتواه بغير الحق هذا من تبديل أحكام الله سبحانه وتعالى، فالأمر خطير جدًّا.
كما أنه يجب على العالم إذا سئل أن يقتصر على موضع السؤال فيجيب السؤال ولا يجيب عن شيء لم يُسأل عنه إلا إذا كان السائل يحتاج إلى هذا، إذا لاحظ على السائل أنه بحاجة إلى زيادة يزيد، لما سئل صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر يجوز التطهر قال: "نعم هو الطهور ماءه الحل ميتته"، فزاده على سؤاله قال: "الحل ميتته"، وهو لم يسأل عن الميتة ميتة البحر، لكن لما رأى أنه يجهل أن ماء البحر طهور لما كان يجهل هذا فلأن يخفى عليه حل ميتة البحر وهي السمك من باب أولى فأجابه بزيادة لأنه بحاجة إليها.
كذلك يوسف عليه السلام لما دخل السجن ورأى عليه السجناء ملامح الخير وملامح العلم، سألوه عن رؤيا رؤوها (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فلم يبادر بالإجابة حتى دعاهم على التوحيد (قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ) (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ*وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ) ثم أجابهم: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ) إلى آخره، فلما رآهم بحاجة إلى التوحيد وهم يجهلون العقيدة الصحيحة هم ما سألوه العقيدة ولكن رآهم بحاجة إلى هذا والعقيدة هي الأساس فدعاهم إلى التوحيد أولًا، وبينه لهم , وانه ملة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم أجابهم على سؤالهم.
فالعالم إذا رأى من السائل حاجة إلى المزيد على ما سأل عنه فإنه يزيد، أما إذا لم يكن هناك حاجة فإنه يقتصر على موضع السؤال، هذا من آداب المفتي.
أما آداب المستفتي فإنه يسأل بتلطف يسأل العالم بتلطف والتماس ولا يسأله بأسلوب لا يناسب العالم بل يدعو له ويسأله برفق ويسأله بتلطف ويختصر السؤال أيضا ما يطول السؤال بل يختصر السؤال، فهذا من آداب المستفتي أن يتأدب مع المفتي بالفعل وبالقول، لأنه جاء محتاجا إلى هذا العالم فلا يليق به أن يترفع عليه أو أن يعنفه بأسلوب لا يناسب، والعالم له حق وله منزل، فيتلطف معه بالأسلوب المناسب، ويسأله برفق وإظهار للحاجة.
أما الذي يسأل العلماء لا لحاجة وإنما ليظهر نفسه أو ليظهر للناس عجز هذا العالم تعجيزه أو يسأله بأسلوب ولا يناسب منزلة العالم، فهذا منهي عنه، فعلى السائل أن يتلطف في سؤاله.
وكذلك لا يسأل العالم في وقت هو مشغول البال يسأل العالم وهو مشغول البال فليسأله في وقت يكون العالم على استعداد لاستقبال الأسئلة أو السؤال ثم يسأله، لا يسأله وهو غضبان أو يسأله وهو مشغول البال، أو يسأله في وقت ضيق لا يتمكن من إجابته، لا يحرجه وإنما يختار الوقت المناسب.
كذلك من آداب المستفتي أن يقتصر على عالم واحد يسأل من يثق بدينه وعلمه ويقتصر على سؤاله وعلى جوابه ولا يذهب على فلان وفلان وفلان مثل ما يفعل بعض الناس، فبعض الناس يسأل العالم فإذا أجابه راح يسأل الثاني راح يسأل الثالث، لأنه إما أنه يريد أن تتضارب أقوال العلماء وينشر هذا في الناس، وإما أنه يريد أن يأتي الجواب على رغبته، فإذا أجابه العالم على غير رغبته راح يسأل غيره لعله راح يسهله ويجد له طريق سهل بزعمه فهذا لا يجوز، إذا أردت أن تسأل فاسأل من تثق بعلمه ودينه واقتصر عليه وعلى جوابه، هذا من آداب المستفتي، كذلك من آداب المستفتي أيضا ألا يسأل من غير حاجة من غير إشكال كما ذكرنا بل يسأل إلى احتاج إلى ذلك، قال تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).
ثم على المفتي أن يفتي لما يراه موافقاً للدليل، موافقاً للكتاب والسنة، ولا يختلف جوابه بهذا عن ذاك وإنما يكون جوابه على موجب الكتاب والسنة، لا يتلمس للناس الرخص، ويفتح لهم الأبواب، وإن كان ذلك مخالفاً للأدلة يأخذ من أقوال العلماء ما يناسب لهوى الناس، بل يأخذ ما يوافق الدليل من الكتاب والسنة، هذا الواجب على المفتي.
وكذلك من آداب الفتوى بين السائل والمجيب، أن المسئول ينصح للسائل ينصح له ويفتيه بما يبرأ ذمته، يفتي السائل بما يبرأ ذمة المفتي ويبرأ ذمة السائل، ما يبرأ الذمة لأن السائل في ذمة المسئول، فيختار له ما يبرأ الذمة من الفتوى التي تكون مطابقة للكتاب والسنة، حتى ولو ثقلت على المستفتي أو يرى أنه ما يرى أنها شديدة ويروح يلتمس من هو أسهل له حتى يوافق هواه، فلا العالم يلتمس للمستفتي ما يصلح له ولو كان مخالفاً للدليل ولا المستفتي يأخذ من أقوال أهل العلم ما يوافق هواه ورغبته ولو كان مخالفاً للدليل، نحن مرتبطون بالكتاب والسنة، مكلفون بالعمل بالكتاب والسنة، ولا تبرأ الذمة بأن تسأل أهل الهوى أو من دينهم تسأل من دينهم فيه تساهل هذا ليس من النصيحة، بل تسأل من تثق بعلمه وبدينه وتعمل بفتواه، وهذا تبرأ به الذمة، أما من يسأل فإذا ما وافق الجواب رغبته راح يلتمس فتاوى أخرى توافق رغبته، فهذا متبع لهواه هذا لا يطلب الحق ولكن يطلب ما يوافق لهواه نسأل الله العافية، وهذا هو الواقع الآن في باب الفتاوى التي تكاثرت اتجاهاتها وتكاثرت مصادرها وتكاثر المفتون بغير علم، تكاثر المفتون بغير علم المتخرصون والمتطفلون من خلال الفضائيات ومن خلال البرامج، برامج الإذاعة والتلفاز، كل يفتي الآن ولا يتحرجون وفي أشد المسائل يفتون في أعمق المسائل المشكلة التي يتوقف عندها كبار العلماء، هذا المتعالم أو الجاهل تجشمها على طول ويفتي بها ولا يخاف الله سبحانه وتعالى، هذه مسألة خطيرة ومسألة فيها خطر عظيم على المفتي وعلى المستفتي وعلى المجتمع، فالعلم أمانة، لا يجوز التلاعب بها.
فعلى المسلم أنه يتحرز غاية التحرز في أسئلته مع العلماء، وأن يقف مع الفتوى الصادرة من العالم التقي ويعمل بها وتبرأ ذمته بذلك لأنه فعل ما يستطيع، وعمل بقوله تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) قوله: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ): أي أهل العلم دل على أنه لا يُسأل غير أهل العلم، ودل قوله (إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ): دل على أنه الذي عنده علم لا يسأل يعمل بعلمه لا يسأل وإنما الذي يسأل هو الذي ليس عنده علم (إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).
والمفتون على درجات ما هم على حد سواء فالذي عنده تمكن من استنباط الأحكام من الكتاب والسنة عنده تمكن تتوفر فيه شروط المجتهد فهذا لا يفتي بالأقوال وإنما بما يظهر له هو من الكتاب والسنة لا يسعه أن يفتي بقول فلان وقول فلان، وعنده إمكانية أن يصل إلى الحق بنفسه من الكتاب والسنة تتوفر فيه شروط الاجتهاد وهذا إنما يكون للأئمة الكبار، كالأئمة الأربعة الإمام مالك والإمام أبي حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد فهؤلاء عندهم شروط الاجتهاد متوفرة فيهم التي ذكرها العلماء، وهذا يسمي بالمجتهد الذي بلغ رتبة الاجتهاد فلا يقلد غيره.
وهناك من هو دون ذلك من العلماء ليس عنده شروط الاجتهاد التي عند الإمام أحمد أو مالك أو الشافعي أو أبي حنيفة أو غيرهم من الأئمة الكبار، ليست عنده شروط الاجتهاد، وإنما عنده معرفة بأقوال أهل العلم عنده معرفة وإحاطة وإدراك لأقوال أهل العلم الذين سبقوه، فهذا يختار من الأقوال ما يوافق الدليل، وهذا ما يسمى بالترجيح، يفتي بالراجح من أقوال أهل العلم، ولا يفتي بالمرجوح أو يفتي بالقول الذي لا يعلم دليله أو مستنده، بل يفتي بالقول الراجح بالدليل، هذا أقل مرتبة من المجتهد المطلق، وهذا يسمونه مجتهد المذهب، يأخذ من أقوال إمامه أو من أقوال بقية الأئمة مما يوافق الدليل من الكتاب والسنة.
أما من لا يعرف إلا أقوال العلماء ولا يعرف الأدلة وإنما يقرأ قال فلان قال فلان وهو ما يدري هذا لا يجوز له أن يفتي لأنه ربما يفتي بقول مرجوح أو يفتي بفتوى لا توافق السؤال، من أهم شيء في حق المفتي أن يطابق الجواب على السؤال، يقولون المفتي مثل الطبيب يصرف من الدواء ما يوافق المرض، ولا يصرف للمريض دواءً لا يناسب المرض، هذا يزيده مرضاً فالفتوى بمنزلة الدواء، ولا يصرفها إلا طبيب مختص، يعرف موقع السؤال ويطابق الجواب عليه، هذا هو المفتي الذي يتصدر للفتوى.
ثم أيضاً كان السلف الصالح على جلالة قدرهم وسعة علمهم كانوا لا يتبادرون إلى الفتوى، يسندوها إلى غيرهم يتدافعونها، فإذا سُئل قال اذهب إلى فلان، إذا كان في من هو أعلم منه فإنه يقول اذهب إلى فلان، كانوا يتدافعون الفتوى، خوفاً من إثمها ويحيلونها إلى من هو أعلم منهم في بلدهم في زمانهم يحيلون الفتوى عليه، هكذا كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة من بعدهم، ما دام أن هناك من هو أعلم من المسئول فإنه يحيله عليه، وذلك لخطورة الفتوى ولا يتجرؤون عليها.
أما في وقتنا الحاضر، فكثير من الناس يتدافعون على الفتوى، ولا يفكر الواحد، بل ربما يجيب على أسئلة لم يُسأل عنها، ليري الناس أنه عالم وهذا يدل على قلة الخوف من الله سبحانه وتعالى، يتهافتون على الفتوى ولا يقدرون خطورتها وموقفهم من الله سبحانه وتعالى يوم القيامة لا يقدرون هذا.
بينما السلف كانوا يتدافعون الفتوى ويحيلونها إلى من هو أكبر منهم خوفاً من الوقوع في الخطأ الذي يضر المفتي ويضر المستفتي، فكانوا لا يفتون إلا عند الضرورة إذا كان لا بد من الفتوى أفتوا على حسب ما يتوصلون إليه بعد الاجتهاد وبعد التأمل مع الخوف من الله سبحانه وتعالى، فنحن إذا قارنا حالتنا الآن وجدنا من يتهافتون على الفتوى تهافت الفراش على النار، في الجرائد والصحف والمجلات في الإذاعة والتلفاز في الفضائيات، وما أكثرهم الآن وهذه علامة شر، وليست علامة خير.
وعلى المستفتي الذي يخاف الله ويريد أن يبرأ ذمته ألا يستمع إلى هذه الفتاوى المتناقضة المتعارضة التي لم تصدر عن أهل للفتوى، صدرت عن إنسان متعالم أو إنسان مبتدئ في طلب العلم أو إنسان لم يتأصل في العلم ولم يأخذ العلم عن العلماء الثقات، وما أكثرهم في هذا الزمان، فعلينا أن نحذر من هذه الأمور الصعبة وهذا يدل على قلة العلم وقلة التقوى في قلوب كثير من الناس، لا من المستفتين ولا من المفتين.
قلنا المستفتي لا يسأل كل أحد ولا يأخذ بقول كل أحد ولا يأخذ بكل ما سمع، بل عليه أن يبرأ ذمته وألا يسأل إلا أهل العلم والتقوى، لا يسأل كل من تنصب للفتوى نصب نفسه هو، هو نصب نفسه للفتوى وجعل يفتي عن كل سؤال ما سمعنا عن واحد منهم توقف، بل كل سؤال يرد عليه يجاوب عليه في الحال بعد، ما يتأمل ويراجع في الحال يجاوب عليه، مسائل لو سُئل عنها الإمام أحمد أو الأئمة الكبار لتوقفوا فيها وتأملوا، وهذا على طول يفتي فيها، فالأمر خطير يأيها الإخوة الأمر خطير جداً وهذا دين، قال بعض السلف إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، لا تأخذه من كل أحد لا تأخذه إلا عن أهله الموثوقين، إذا كنت تريد براءة ذمتك، أما إذا كنت تريد أن تجعل هذا المفتي وقاية لك، ما يقيك يوم القيامة ولا ينفعك، بعض الناس يقول ما دام أنه أفتى بها فلان أن بذمته يتحملها، لا ما هو كذلك، من هو فلان هذا؟ هل يتحمله وما هو يتحمل، أنت اللي متحمل ما هو هو، نعم هو متحمل لأنه تسرع وأجاب بغير علم لكن أنت متحمل لأنك وضعت السؤال في غير أهله.
فعلينا على السائل وعلى المجيب أن يتقي الله سبحانه وتعالى وهذا دين أنت إذا أردت أن تشتري سلعة إذا أردت أن تشتري سيارة أو تشتري بيتاً أو بضاعة وأنت ما عندك خبرة يمكن تذهب وتسأل أهل الخبرة فاسأل أهل الخبرة شاور واسأل أهل الخبرة وأهل الصنف خوفاً من أن تخطئ وأن تخسر هذا في أمور الدنيا، لماذا في أمور الدين ما تسأل أهل الخبرة وأهل التقوى وأهل العلم، لماذا تتحرز لدنياك ولا تتحرز لدينك، فأمر الفتوى أمر مهم جداً ومرقاً صعب لا يرقاه إلا من عنده علم وعنده تقاً وورع.
السلف مع علمهم ومع تقواهم وخوفهم من الله ما يحرصون على الفتوى كما ذكرنا، إنما يفتون عند الضرورة، إذا كان ولا بد ولا يقول هذا هو الحق، بل يقول هذا اجتهادي ورأيي إن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطئاً فهو مني ومن الشيطان، لا يبرأ نفسه ويكن على حذر مما أفتى به، ولكن الإنسان إذا بذل وسعه ونصح لله ورسوله فإنه لا يؤاخذ على ما قد يحصل من الخطأ، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر واحد". لأنه بذل ما يستطيع وأفتى عند الحاجة والضرورة مع تحرجه ومع خوفه من الله سبحانه وتعالى، والله جل وعلا لا يكلف نفساً إلا وسعها، وهو بذل ما يستطيع وعنده علم وعنده معرفة، قد يخطئ وهو عالم، المعصوم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي عصمه الله بالوحي، أما غير الرسول فهو يخطئ ولو كان عالم ولكنه لا يؤاخذ على خطأه إذا بذل جهده واستفرغ وسعه لا يؤاخذ على خطأه بل يغفر له هذا في العالم المتأهل، فكيف بالمتعلم والمتعالم والجاهل والمستعجل الذين يخوضون في العلم ويتخوضون فيه بغير أهلية فيهلكون أنفسهم ويهلكون غيرهم، يجب أن نتذكر هذا دائماً وأبداً، وأن نعلم أن الفتوى مسئولية أمام الله سبحانه وتعالى.
كذلك الأمور الكبار وهذا أمر مهم الأمور الكبار كمسائل الطلاق ومسائل النكاح الأمور الكبار هذه تحال على الجهات المختصة على القضاة في المحاكم على رئاسة الإفتاء لأنها مكلفة بهذا ولا تدخل فيها أنت لأن فيه من طلبة العلم والصغار من يفتي بالطلاق، فالطلاق خطير جداً فهذه أمور ما هي لكل أحد هذه تحال إلى الجهات المختصة من المحاكم الشرعية أو من الإفتاء هم الذين يتولونها، فهناك إجراءات لمثل هذه الأمور الكبار إجراءات في المحاكم إجراءات في الإفتاء تسجل هذه الأسئلة وتراجع وتدخل في وقتنا الحاضر في الكمبيوتر تضبط الأمور، ما هي بس سؤال وجواب وراح، لا تراجع عند الحاجة لأن بعض الناس يحتاج يجيب اليوم بسؤال وتجيبه،ثم من الغد يقلب السؤال يغير السؤال لأجل يتغير الجواب على حسب رغبته، إذا حصل هذا ما يتمكن لأنه مسجل كلامه ومسجل جوابه، ولا حصل إنه يتحيل، لذلك المسائل الكبار كأمور النكاح وأمور الطلاق وأمور الرضاع والمحرمات في النكاح أمور الربا والعياذ بالله، هذه لازم أنها تحال إلى الجهات المختصة، التي عندها إمكانيات واستعداد وضبط للأمور ومنع للمتلاعبين والمتحيلين، فيجب أن نعلم هذا، وأنت في عافية لا تدخل في أمور صعبة وأنت لست من أهلها أو لم توكل إليك، العلماء الكبار كانوا لا يفتون وفي البلد قاضي يعرضون المسائل للقاضي لا يفتون وفي البلد المفتي الذي عين للفتوى، يحيلونها عليه وإن كان عندهم علم، لكن لا يتدخلون فيما ليس هو من اختصاصهم فتضطرب الأمور تتضارب الأقوال والفتاوى، فلا بد من ضبط هذه الأمور، والفتوى أمرها مهم جداً، عكس من يتساهلون فيها ويدخلون فيها ويظنون أنها كلام يطير وينتهي، لا هذا محفوظ عليك مسجل عليك يوم القيامة لماذا قلت كذا؟ لماذا أفتيت بكذا؟ ستُحاسب عن هذا يوم القيامة، فعلينا أن نقدر هذه الأمور حق قدرها نعظم الفتوى لأنها قول على الله وقول على رسوله صلى الله عليه وسلم، ما هو بكلامك أنت هذا أنت تنسبه إلى الله، تقول إن الله أحل كذا أو حرم كذا، إذا قلت هذا حلال وهذا حرم، من هو الذي يحلل ويحرم؟ الله جل وعلا، فأنت تنسب إلى الله أنه أحل كذا وحرم كذا، وأنت ليس عندك علم ولا تأكد من هذا الأمر، فتُحرج نفسك يوم القيامة، فعلينا أن نخاف من هذه المواقف الصعبة، والذي ليس من اختصاصه شيء يحيله على أهل الاختصاص ويسلم منه.
مثلاً لو أن مريضاً أراد العلاج وين يروح؟ يروح للأطباء المختصين ولا يروح لكل واحد ويجري له عملية وهو ما يدري ولا يعرف يشق بطنه أو يقطع عضو من أعضائه وهو جاهل بالطب، هذا ما يجوز ولا أحد يقدم على هذا إلا من ليس عنده عقل، هذا في أمور الطب، فكيف بأمور الشرع فكيف بأمور الدين، إنك تكل دينك إلى من ليس أهلاً للدخول فيه، عليك أن تحفظ نفسك وأن ترد الموارد الصحيحة العذبة إذا احتجت إلى ذلك، ولا ترد إلى كل ماء كدر أو ماء ملح أو ماء ضار، لا ترد إلى على الموارد العذبة الصحيحة وهم أهل العلم وأهل الفتوى وأهل النصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
نسأل الله أن يوفق الجميع لصالح القول والعمل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2030
أليا صهل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-2016, 07:00 PM   #2
أليا صهل
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 10,221

 
افتراضي

الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ العلامة
محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله تعالى


عند اختلاف العلماء بقول من يأخذ المستفتي؟
المكتبة الصوتية
http://binothaimeen.net/content/169
السؤال:
للعلماء في قلوبنا مكانة عظيمة ومنزلة كبيرة، فهم الذين أمرنا الله بالرجوع إليهم وسؤالهم، وهم ورثة الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، ولكن ما هو الموقف الصحيح للمسلم عند اختلافهم في مسألة من المسائل الفرعية؟ هل للشخص أن يرجِّح هو بين أقوالهم ويأخذ ما ناسبه مع أنه ليس من أهل الترجيح والعلم والاجتهاد؟ ثم هل إذا أخذ بهذه المسألة عن العالم الفلاني ثم المسألة الأخرى عن فلان هل يعد هذا من تتبع الرخص؟ وهل يخرجه من الحرج أن يقول قائلهم: أنا آخذ هذا القول والإثم على من أفتى به، وبلسان العامة: (اجعل بينك وبين النار مطوعاً)؟ فما هو القول الفصل في هذه المسألة؟ وهل فعل الناس جائز؟ وما هو الضابط في ذلك وفي الترجيح؟ وهل يلزم الإنسان اتباع العالم مطلقاً في كل ما أفتى به أم لا؟
أرجو بسط المسألة بسطاً شافياً، وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
يسرنا ما قاله السائل في أن في قلوب الناس للعلماء مكانة؛ لأن الناس لا يزالون بخير ما عظموا ولاة أمورهم؛ اتباعاً لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] وأولو الأمر منا هم: العلماء والأمراء.
أما العلماء فهم أولو الأمر في شرع الله يبينونه للأمة ويوضحونه لهم وينشرونه بينهم.
وأما الأمراء فهم أولو الأمر المنفذون لأمر الله الملزمون لعباد الله به؛ ولهذا كان مرجع أولي الأمر من الأمراء إلى أولي الأمر من العلماء.
إذ أن الأمراء إذا ساروا بدون العلماء فقد يضلون ضلالاً بعيداً، وإذا لم يأخذوا بما دلت عليه شريعة الله، أو بما جاءت به شريعة الله، فإن معصية الناس لهم تكون بقدر معصيتهم لله.
وهذه نقطة يجب أن نتفطن لها؛ فمعصية الناس لولاة الأمور بقدر معصية ولاة الأمور لله -عز وجل-.
فكلما أطاع ولاة الأمور ربهم أخضع الله لهم قلوب الناس، وأطاعوهم ولم يتمردوا عليهم، فمن اتقى الله فيمن ولاه الله عليه،اتقاه من ولاهم الله عليهم، والعكس بالعكس، ويذكر أن عبد الملك بن مروان لما رأى تمرد الناس عليه جمع أشراف الناس وخطبهم وقال لهم: إنكم تريدون منا أن نكون لكم كأبي بكر وعمر، فأنتم كونوا لنا كرجال أبي بكر وعمر، نكن لكم كأبي بكر وعمر.
وجاء رجل من الخوارج إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فقال له: يا علي، ما بال الناس خرجوا عليك ولم يخرجوا على أبي بكر وعمر؟ فقال له: لأن رجالي أنت وأمثالك، ورجال أبي بكر وعمر أنا وأمثالي، فألقمه حجراً.
المهم أن ولاة الأمر إذا كانوا مرجع الناس فإن الناس في خير، أما إذا تمرد الناس على ولاة الأمر فخالفوا العلماء بغير علم، وتمردوا على الحكام فذلك عنوان الشقاء في هؤلاء وهؤلاء.
فالواجب علينا احترام ولاة أمورنا من العلماء، واحترام ولاة أمورنا من الأمراء، وأن نبذل لهم النصيحة، وبذل النصيحة ليس هو الفضيحة على رءوس المنابر وفي المجالس العامة، في تتبع مساوئهم، فبعض الناس تجده يقول: قال العالم الفلاني: كذا وكذا وقد أخطأ؛ فهذا خطأ ويقول: فعلت الدولة كذا وكذا وقد أخطأت.
هذا ليس من النصيحة في شيء، النصيحة أن تتصل بالمخطئ إما بواسطة أو بغير واسطة، وتبيّن له خطأه، فقد يكون مع المناقشة يتبين للجميع الصواب، إما أن يكون الصواب معك فيرجع إليك، وإما أن يكون معه فترجع إليه، وإما أن يكون كل منكم له وجهة نظر يعذره فيها الآخر، وأما من وراء جدر يقع الناس في أعراض العلماء، أو يقعون في أعراض الأمراء، فإن هذا لا شك عنوان على التفرق وتمزق الأمة.
فإذا كان -كما قال السائل وفقه الله- للعلماء مكانة في قلوب الناس فهذا عنوان الخير والسعادة، ونرجو أن يكون في قلوب الناس -أيضاً- مكانة لولاة الأمر من الأمراء، وأن يناصحوهم وأن يعلموا أنهم بشر ليسوا معصومين من الخطأ، هم يخطئون كما يخطئ البشر، أنت الآن في بيتك ألست تخطئ في تربية أولادك؟ إذاً: هم قد يخطئون، مع أن دائرة عملهم أوسع من دائرة عمل البيت.
فنعمل البيت محصور لكن ولاة الأمور دائرة عملهم واسعة جداً.
لهذا أقول: إن من نعمة الله على الأمة أن يكون بينهم وبين ولاة الأمور من العلماء والأمراء مودة واتصال ومناصحة، وعلى كل من تبين له الحق من هؤلاء وهؤلاء أن يرجع إليه؛ لأن الله يقول: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59].
أما ما ذكره من الفقرات في السؤال فكلها ترجع إلى شيء واحد، إذا اختلف أهل العلم، سواء في فتوى استفتاهم فيها إنسان، أو في كلام سمعه منهم، فإن الواجب أن يتبع الإنسان من يرى أنه أقرب إلى الصواب، إما لسعة علمه، وإما لقوة فهمه، وإما لقوة إيمانه وأمانته، هذا هو الواجب.
ويشهد لذلك أن المريض إذا عرض نفسه على طبيبين فوصف له أحد الطبيبين دواءً ووصف له الثاني دواءً آخر يخالف الأول، فبمن يأخذ؟ بقول من يرى أنه أقرب إلى الصواب لحذقه واطلاعه ومعرفته وتجربته.
كذلك -أيضاً- ما يتعلق بالفتوى في الدين اتبع من ترى أنه أوثق في العلم سعة وفهماً وفي الديانة والأمانة.
فإن تساوى عندك الأمران وترددت في أيهما أرجح، فقال بعض العلماء: أنت مخير، إن شئت خذ بقول هذا، وإن شئت خذ بقول هذا في هذه المسألة وغيرها أيضاً، وقال بعض العلماء: خذ بالأشد؛ لأنه أحوط، وقال آخرون: خذ بالأيسر؛ لأنه للشريعة أوفق؛ فإن الشريعة مبناها على اليسر والسهولة.
فمن صَدَقَ الله -عز وجل- في ذلك وقارن بين العالمين ولم يترجح له أحدهما، فهذه أقوال العلماء في هذه المسألة: القول الأول: التخيير: إن شئت خذ بهذا أو بهذا؛ حتى لو أخذت بقول أحدهما اليوم فلك أن تأخذ غداً بقول الآخر.
الثاني: الأشد؛ لأنه أحوط.
الثالث: الأيسر؛ لأنه أوفق للشريعة، وعندي أن هذا أصح، وهو أن تأخذ بالأيسر؛ لأنه أوفق للشريعة والأصل براءة الذمة.
ولكن المحذور أن تذهب إلى عالم ترضاه في علمه ودينه وتستفتيه، ثم إذا أفتاك بما لا يوافق هواك ضربت بفتواه عرض الحائط، ثم ذهبت إلى رجل آخر لعله أيسر، فهذا هو الحرام؛ لأن هذا تلاعب بدين الله، وما أكثر الذين يفعلون ذلك! يستفتي هذا العالم فإذا لم يوافقه على هواه قال: أذهب إلى فلان، ذهب إلى فلان فوجد قوله أشد من الأول قال: كل هؤلاء ما عندهم علم، فيأتي الثالث والرابع والخامس حتى يصل إلى ما يوافق هواه، فحينئذٍ يقول:
ألقت عصاها واستقر بها النوى *** كما قر عيناً بالإياب المسافر.
هذا هو الذي لا يجوز.
فإذا قال قائل: هذا رجل في قرية، ليس عنده عالم متبحر، هل يسأل من فيها على نية أنه متى وجد عالماً أحسن منه سأله أو لا؟ نقول: نعم، إذا كان في قرية ليس عنده عالم متبحر، وسأل من يظنه أعلم الناس فيها، فليسأل على نية أنه متى وجد عالماً متبحراً سأله فهذا لا بأس به.

http://binothaimeen.net/content/169
أليا صهل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:49 PM. حسب توقيت مدينه الرياض

Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.